يعترف العبد الفقير إلى وجه ربه، كاتب هذه العجالة، بأنه من المولعين بكتابات أستاذنا الكبير محمد العلي شعرا ونثرا، أما الشعر فبداية من قصيدته الرائعة (لا ماء في الماء) أو المائية كما يحلو له تسميتها، وقد نشرها في معشوقتنا «اليوم» في السنوات الأولى من التأسيس، وكنت وقتذاك أقوم بأعمال رئاسة التحرير فيها. والنثر بداية من شروعه في كتابة زاويته الأسبوعية الشهيرة منذ ذلك الوقت أيضا وحتى كتابته لزاويته التي نشرها تحت عنوان (طفرة خضراء) يوم السبت المنفرط، والتي أريد التعليق عليها هنا، أمد الله في عمره؛ ليتحفنا ويثرينا بما يبدعه من شعر ونثر. فالقول إن ما حدث في أوصال معشوقتنا من تطوير وتحديث هو بمثابة «طفرة خضراء»، هو قول لا يجانبه الخطأ، وأسباب الطفرة عديدة، لعل على رأسها: ما حدث في المملكة من خطوات تنموية في كافة الميادين النهضوية، ومن ضمنها الميدان الإعلامي والصحفي، الذي حقق قفزة نوعية هائلة، أسوة بكل القفزات التي تحققت في مجالات تقدمية مختلفة. ولست هنا بصدد التعرض لكل الأسباب، فالحديث فيها قد يطول بما لا تسمح به مساحة هذه العجالة، وإنما أردت التركيز على مسألة هامة طرحها الأستاذ العلي في زاويته، والمتمحورة في تلاقح الرؤى بين الإدارة والتحرير، وهو تلاقح ضروري؛ لضمان نجاح المؤسسات الصحفية، وضعفها قد يؤدي إلى تعثر خطوات التطوير المنشودة في الحقول الإدارية والتحريرية معا. وأكاد أميل إلى صحة ما طرحه أستاذنا العلي بأن بدايات تأسيس «اليوم» جاءت في فترة هي أشبه ما تكون ب (الوقت القاحل) وهي كذلك بالفعل، إلا أنها تزامنت بعد فترة وجيزة مع بداية الانطلاقات النهضوية المشهودة في سائر مجالات التنمية بالمملكة. وقد شعر الشيخ حمد بن علي المبارك رئيس مجلس الإدارة وقتذاك -يرحمه الله- بأهمية هذه البداية، فانتدبني كمسؤول عن التحرير مع الأستاذ عبدالكريم السبعاوي مدير الإدارة في تلك الفترة إلى الرياض؛ للاجتماع بمعالي وزير الإعلام حينذاك الدكتور محمد عبده يماني -يرحمه الله-؛ لنشرح له الظروف المالية الصعبة التي تمر بها «اليوم»، وبعد اجتماعنا به أصدر قراره بدعم المطبوعة، ويمثل ذلك الدعم الخطوة الأولى التي قادها الشيخ المبارك؛ لتطوير المطبوعة والنهوض بأقسامها الإدارية والتحريرية إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه في الوقت الحاضر. وأكاد أسمي المرحلة الثانية من تحديث المطبوعة، التي قادها الشيخ المبارك ب (المرحلة الذهبية)، التي أدت إلى قفزات نوعية تطويرية، ما زالت شاهدة على ما بذله -يرحمه الله- من جهود حثيثة، قادت الدار إلى أوضاعها الراهنة المتميزة. أعود إلى ما بدأت به، فأشاطر أستاذنا العلي في طرحه حول تآزر الرؤى وتجانسها وتطابقها بين الشأنين الإداري والتحريري داخل المؤسسات الصحفية، وأنها تقف دائما وراء نجاح تلك المؤسسات في تحقيق أهدافها المنشودة. وأختم بأن تلك الرؤى متوافرة -بحمد الله وتوفيقه- داخل دار «اليوم»، ممثلة في الإدارة بقيادة الأستاذ/ صالح الحميدان، وفي التحرير بقيادة الأستاذ/ عبدالوهاب الفايز، وهكذا تحولت معشوقتنا «اليوم» إلى سفينة ذات ربان واحد يقودها شخصان، وتلك قيادة أثبتت مختلف التجارب أنها ناجحة تماما، وسوف ينعكس هذا النجاح في المستقبل القريب على مزيد من التميز والتفرد، والتألق والتطور لمطبوعة عشقناها وهمنا بها إلى أقصى درجات العشق والهيام.