إنّ الاهتمام بالزهور ورعايتها يحدث في النفس البشرية الشعور بالراحة والاستئناس بالمكان الذي يكون له عبق برائحة عبير الزهور التي فيه او من حوله، لذا نجد الكثير من الشعوب والدول قد اهتمت بهذا الجانب، فأقامت المهرجانات والمعارض التي من خلالها تُبث ثقافة الزهور لدى الافراد من خلال توعيتهم بأهميتها في الحياة، لتنتشر بذلك معرفتهم بالنباتات وانواع الزهور ومسمياتها وصفاتها والفوائد التي تُجنى منها. ومن المعروف انّ للزهور أنفاسا تبعث في النفس الشعور بالوجود في عالم يجود بالعطاء المثمر، ولذا نجد المهتمين بشؤون الحدائق لهم في رعايتها فنون وهم يشذبونها في أشكال هندسية تنطق بلوحات رائعة، وفي المملكة بدأت الجهات ذات الصلة الاهتمام بهذا الجانب، وبمتابعتنا في وقتٍ مبكر لذلك نجد مهرجانات الزهور من خلال اهتمام الهيئة الملكية بالزهور في أنحاء المملكة على مرّ السنين الماضيات، وقد كثفت اهتمامها لتلك المناسبة طيلة فترة قيام مثل تلك المهرجانات، حيث تمت زراعة الكثير من انواع الزهور في تصميم فني رائع بألوان زاهية لمختلف انواع الزهور الساحرة. وقد صاحب تلك المهرجانات ايضاً عرض المنتجات الخاصة بالتشجير، ومستلزمات الحدائق المنزلية المختلفة التي تسهم في تكوين حديقة منزلية رائعة. ويأتي السؤال الى أي مدى استفاد الافراد من تلك المهرجانات..؟ وهل آتت تلك الجهود أُكلها حتى أصبحنا شعباً يهتم بالحدائق والزهور ويحرص على الاهتمام بها حتى اصبحت هواية نستمتع بها، وهل توثقت لدينا ثقافة الزهور حتى اصبحت الزهور والحدائق المنزلية تمثل عنصراً مهماً ضمن اهتماماتنا اليومية، ومن ثمّ الحرص على المحافظة عليها خاصة تلك المتمثلة في الحدائق العامة..؟. وبالطبع يظل الهدف من اقامة المهرجانات تثقيف الزوار وتوعيتهم بيئيا عن طريق تعريفهم بالنباتات والزهور وفوائدها وأنواعها الملائمة للبيئة وطرق العناية بها، وأهميتها في حياة الافراد لكي يكونوا ملمين بآخر المنتجات الخاصة بالزراعة ومستلزمات الحدائق، ومعرفة اسس تكوين حديقة منزلية مثالية وجميلة وصحية خالية من العيوب، وما من شك ايضاً تصب ثقافة الزهور في حراك وتنشيط السياحة بان تجعل من المدن والاماكن جميلة جاذبة، وتشجيع السكان للاهتمام بتجميل وتزيين منازلهم بالحدائق وهم يساهمون في انتشار التشجير وزيادة المساحات النضرة، ما من شأنه تنمية الذوق الجمالي لدى الساكنين من مواطنين ووافدين، وكان من الجميل انّ جهات الاختصاص كانت تقيم ايضاً المسابقات للشباب والأطفال، وهي تحفزهم من اجل توطيد علاقتهم بهذا الجانب الهام بما يمكنهم من الانطلاق من اجل السعي للمشاركة في المهرجانات والمسابقات المتخصصة في مجال الزهور والحدائق التي تقام على مستوى الشرق الاوسط، ومن ثمّ الانطلاق مستقبلاً للمنافسة العالمية التي كثيراً ما نشهد لها تطوراً ملحوظاً اليوم حيث تفسح لها الدول متسعاَ من الامكانات، ما جعل مثل هذه المهرجانات تحظى باهتمام منقطع النظير لدى معظم شرائح المجتمع. ولقد ادركت امانات المناطق بالمملكة في وقت مبكر سحر عالم النبات وازهاره وكيف أنّ الزهور هي مصدر للجمال الطبيعي الذي يهب السرور والغبطة والانبهار، لذا اهتمت بزراعتها ورعايتها، ما ساعد في خلق التوازن المزاجي والنفسي لكل من يمر بها سواء على الطرقات او الحدائق العامة. ويظهر ألقها خاصة في المناطق الساحلية كما في المنطقة الغربية والمنطقة الشرقية، وهذه الأخيرة اي المنطقة الشرقية فقد بزت رصيفاتها من المناطق في الجمال لما بها من اهتمام ظاهر للعيان بهذا الجانب، وحيّ مدينة الخبر الجميلة (عروس الخليج) وهي تتوشح في هذه الايام فستان زفافها في رحلة ما بين الشتاء والصيف، وهي من على البعد تصافح مدينة جدة (عروس البحر الأحمر) هناك في المنطقة الغربية التي لم تزل تشرئب لتلحق برصيفتها (مدينة الخُبر) في المنطقة الشرقية. ولقد جاء أوان قاطني هاتين المنطقتين، ان يغنوا في طربٍ للزهور والورود بكافة أشكالها ومشاربها، وتحية لكل من غرس شجرة أو نبتةً أنتجت زهرة وكل من سقى ورداً ورعى زهراً في بلادي. أساقية الزهور إليك عندي مداد من ودادٍ يطفي عِندي ولما قد رأيتِك أنتِ تسقي حسبتك والزهورُ اليك تُصغي وعجباً من وردٍ تسقي وردي أراها في جمالٍ زاهي وردي تحية اليكم أيها القائمون على الجمال في بلادي، وأنتم تبذرون الخير والجمال اينما حطت اقدامكم.... شكراً لكم.