خلف الخميسي - الرياض أفصحت وزارة الثقافة والإعلام عن اقتراحها قبل عامين في اجتماع وزراء الإعلام العرب إعداد استراتيجية إعلامية مشتركة لمكافحة الإرهاب، وكلفت المملكة - آنذاك - بإعداد الاستراتيجية، وأن الوزارة قامت بالتعاون مع جامعة نايف بإعدادها . مبينة أن وزراء الإعلام العرب أقروها العام الماضي، وأرسلت مسودتها النهائية إلى الدول الأعضاء من أجل تقديم مرئياتهم قبل التصديق عليها من قبل قادة الدول العربية . وقال نائب وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالله الجاسر : تلك الاستراتيجية تعتبر نقطة توعية لمنظومة العمل المشترك في مجال التصدي للإرهاب إعلامياً، بما يتناسب مع التطورات المذهلة في عالم الإعلام، خاصة الإعلام العربي الذي يشهد في عصرنا هذا حراكاً ديناميكياً، لا ينحصر في الإعلام الحكومي الرسمي فقط، بل يتعدى ذلك إلى الإعلام الخاص . وأشار خلال افتتاح مؤتمر : "دور الإعلام العربي في التصدي لظاهرة الإرهاب" - الذي تنظمه جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، صباح أمس في الرياض - إلى أن الإعلام الخاص بات يشكل حضوراً متميزاً إلى جانب الإعلام الحكومي في التصدي لهذه الظاهرة، وكشف زيف الإرهابيين ومن يقف ورائهم . مبيناً أن وسائط الإعلام المختلفة والمتعددة لا بد أن يكون لها دور فاعل في مجال التوعية الأمنية ورفع مستوى الحس الأمني لدى الناس . وبين الدكتور الجاسر أن الاستراتيجية الإعلامية تضمنت عدة مبررات ومنطلقات وأهدافا لتكوين رأي عام مناهض للتطرف والغلو، ومحاربة الأفكار المنحرفة والمفاهيم المغلوطة ضمن خطاب إعلامي متجدد، يتناول مفهوم الجهاد وأطروحاته بشكل علمي وموضوعي، ويميز بين الإرهاب والمقاومة المشروعة في إطار قيم الشريعة الإسلامية وغيرها من الشرائع السماوية، وكذا المواثيق الخاصة بحماية حقوق الإنسان . واعتبر نائب وزير الثقافة والإعلام أن الاستراتيجية العربية المشتركة تصدى لظاهرة الإرهاب بكل منطلقاتها ووسائلها وأهدافها وآلياتها، وسداً منيعاً ضد الإرهاب وضد التطرف من خلال الدور الفاعل والمؤثر لوسائط الإعلام العربية. متمنياً أن تحقق جلسات المؤتمر مناقشات جادة ومثمرة، وأن ترفع من خلالها توصيات من شأنها مكافحة هذه الظاهرة إعلامياً، وأن تقوم الأمانة العامة لجامعة الدول العربية برفعها إلى مجلس وزراء الإعلام العرب. من جهتها، بينت الدكتورة هيفاء أبو غزالة - الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية لشؤون الإعلام والاتصال - أن الإرهاب أصبح من الموضوعات الهامة التي تحتل مكانة بارزة في اهتمامات المجتمع الدولي نظراً لما تمثله هذه الظاهرة من مخاطر في ضوء تفشيها على الساحة الدولية، فظاهرة الإرهاب ظاهرة دولية وليست مرتبطة بدين أو عرق أو منطقة معينة . وأشارت إلى أن الإسلام لعب دوراً كبيراً في التصدي لهذه الظاهرة الغريبة على ديننا وعلى مجتمعنا العربي والإسلامي المسالم . فالإسلام دين لا يجيز الإرهاب ولا يؤيده ولا يدعو إليه، بل على العكس يدعو للتسامح والتعامل بالحسنى كما قال تعالى: ( ادفع بالتي هي أحسن)، ولمواجهة ذلك الفكر الضال وهذه الظاهرة يقع على الإعلام عبء كبير خصوصاً في عالمنا العربي، لما له من تأثير على توجهات الرأي العام واتجاهاته، فالإعلام أصبح لغة عصرية وحضارية لا يمكن تجاهلها أو الاستغناء عنها. إلى ذلك، قال الدكتور جمعان بن رقوش رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية: إن فكرة المؤتمر نبعت من مجلس وزراء الإعلام العرب وتشرفت الجامعة بتنفيذ المؤتمر بالتعاون مع المجلس. مؤكداً أنهم في جامعة نايف يؤمنون إيمانا عميقا بأهمية الإعلام، ودوره البارز في عدد من المجالات، ولعل الأمن أهمها، حيث يبرز دور الإعلام فيه بشكل قوي للغاية. وأضاف : "إن انعقاد المؤتمر يأتي كذلك في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة العربية عمليات إرهابية لم تعهدها من قبل، حيث ازدادت معدلاتها واتسعت دوائرها وتعددت أهدافها، واستغل منفذوها وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري الحديثة لتنفيذ نشاطاتهم الإجرامية وتجنيد الشباب العربي وإطلاق الشائعة والحرب النفسية لزعزعة الأمن والاستقرار في دولهم، وصولاً لتنفيذ مآربهم المتطرفة وأهداف الجهات التي تقف خلفها". عقب ذلك، بدأت أعمال المؤتمر بمشاركة 500 مشارك ومشاركة من 16 دولة عربية، لمناقشة الخبراء العرب الاستراتيجية الإعلامية العربية في مكافحة الإرهاب، إضافة إلى الاطلاع على تجربة الإعلام السعودي في تسليط الضوء على الضربات الاستباقية ضد الإرهاب التي عملتها السلطات السعودية خلال الفترة الماضية . ويناقش على مدار ثلاثة أيام عدداً من الأوراق العلمية المهمة من خلال عدد من المحاور ، هي: استخدام الجماعات الإرهابية والمتطرفة وسائل الإعلام والاتصال الحديثة، والإرهاب في الإعلام العربي والأجنبي، والمسئولية الاجتماعية والقانونية والأمنية لوسائل الإعلام في الوقاية من الإرهاب . ويهدف المؤتمر إلى دعم التواصل بين المؤسسات الإعلامية والأمنية للتصدي للإرهاب، وكشف طرق استخدام الإرهاب لتكنولوجيا الإعلام الحديثة في التجنيد والتمويل وتنفيذ العمليات . وترسيخ قيم التسامح والوسطية والاعتدال، والاستفادة من تجارب الدول في مجال استخدام الإعلام للتصدي للإرهاب، إضافة إلى تفعيل الاستراتيجية الإعلامية العربية المشتركة لمواجهة الإرهاب .