كم مرة سمعنا من فئة من الناس كلمة (أنا طفشان)، (زهقان)، والبعض الآخر يردد أنا فاضي وليس لدي شيء أفعله، أليس معنى ذلك في الغالب أنهم لا يملكون أهدافا واضحة أو أنهم لا يتعاملون معها بجدية؟. إنه من البديهي جدا أن تقوم باستغلال تلك الأوقات الفائضة والإضافية بحيث تصبها صبا نحو زيادة التركيز على أهدافك في الحياة!!. ولكن دعونا نفترض أن بعضا من الناس ليس لديه هدف وأنه فاضي! فإن هذا المقال بما يحتويه من قصة قد يحرك ذلك السكون الذي في داخله!. وأما الذين لديهم أهداف وخطط، فهذا المقال سوف يزيدهم إصرارا على إصرارهم (بمعنى لا مفر لك من قراءة هذا المقال!!). قبل أن أخبرك بالقصة دعني أطرح هذه الأسئلة، هل يستطيع الواحد منا أن يقلب معاناته وحزنه إلى فرح؟ هل يستطيع أن يجعل من المصيبة نعمة؟ أتفق معك أن ذلك صعب جدا ولكن ليس بمستحيل!، بل إن النشوة في تلك الحالة تكون أكبر لأنك صعدت من تحت القاع إلى أعلى قمة. الآن تخيل معي أنك في ريعان شبابك ولم تتجاوز ثمانية عشر ربيعا، فتسمع خبرا مفجعا كالصاعقة وهو أنك مصاب بالسرطان (لا سمح الله)، وليس أي نوع منه بل أشده والذي يسمى بسرطان (ساركوما عظمية)، وهو الأسرع انتشارا في الجسم. لاشك أن الصدمة ستكون قاسية جدا وهذا ما حدث لشخص اسمه (تيري فوكس) وكان أمامه خياران لا ثالث لهما، أما انتظار الموت بقنوط أو البحث عن هدف ومغزى لما تبقى من حياته. وهنا بيت القصيد الذي نتحدث عنه (اصنع لنفسك هدفا، أيها الفاضي!). ذلك النوع من السرطان الذي أصاب تيري سوف يبدأ بالتهام قدمه ثم ذراعه، وينتقل بعد ذلك إلى الكبد أو الرئة. وكانت البداية أنه فقد ساقه ولكن في تلك اللحظة الحاسمة قال لنفسه: إن كان ولا بد فلنحارب السرطان برجل واحدة!!، وسأجمع مليون دولار من أجل محاربة السرطان، وهكذا بدأت رحلة الحلم والهدف السامي العظيم. قرر صاحبنا تيري أن يركض من أجل ما سماه (ماراثون الأمل). وهنا وقفة ثانية فبعد أن تحدد الهدف اجعل له اسما، وشعارا إيجابيا. وانطلقت رحلة المارثون بساق واحدة سليمة والأخرى صناعية، وذلك في شهر أبريل من عام 1980. وكان ركضه على شكل وثبات أكثر منها ركضا! وقد تعمد أن يلبس شورت قصيرا ليقول للناس: ها أنا ذا لا أخفي عيوبي عن أحد، وتلك ربما هي أفضل مميزاتي، وأني افتخر بها. هل تعلمون كم ركض، وكم جمع من المال؟!، لقد ركض أكثر مما يركضه أصحاء مثلنا!!، كان يقطع 37 كيلو مترا في اليوم، ولمدة 143 يوما فقط وذلك لأن السرطان قد وصل إلى الرئة!. وبلغ مجموع ما قطعه ركضا هو 5291 كيلو مترا، وجمع من المال ما قدره 24 مليون دولار!. الأفكار الصغيرة ممكن أن تكبر وتشع نورا ثم تصبح كالشمس يراها الجميع، فلا ينكرها أحد. لقد تم حتى اليوم جمع أكثر من 400 مليون دولار في (مارثون تيري فوكس السنوي) والذي يقام في خمسين دولة، ويشارك فيه أكثر من مليوني شخص!!. لم يكن تيري يحتاج إلى أن يكون مشهورا، ولا أن يكون ذا مال أو منصب أو نسب لتصل رسالته إلى الناس، بل كل ما كان يحتاجه هو العزيمة وصناعة الهدف. أما العزيمة فإن كل واحد منا يملكها، ولكنها نائمة في أعماقنا تنتظر من يوقظها لتشع. وأما الهدف فكل فكرة في رأسك قد تصبح يوما أمرا واقعا، وسيكون هناك آلاف من الناس يثقون بك وبهدفك، ولكن عليك أولا أن تثق بالله ثم بنفسك حتى يصدقك العالم.