تراجع التضخم في منطقة اليورو في شهر نوفمبر ليصل إلى أدنى مستوى له منذ 5 سنوات، ما يدفع بالبنك المركزي الأوروبي نحو توسيع برنامجه غير المسبوق في مجال التحفيز في السياسة النقدية. ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية بنسبة 0.3 في المائة عن السنة السابقة، وفقا لما قاله مكتب الإحصائيات في الاتحاد الأوروبي (يوروستات) في لوكسمبورج قبل يومين. وكان هذا منسجما مع التوقع المتوسط الذي توصل إليه 41 اقتصاديا استطلعت بلومبيرج آراءهم. وبقي معدل البطالة ثابتا عند 11.5 في المائة في أكتوبر، وفقا لما قالته وكالة يوروستات في تقرير منفصل. استمرار التضخم المتراجع يواصل الضغط على البنك المركزي الأوروبي من أجل أن يزيد من برنامجه الحالي من الإجراءات الرامية إلى إنعاش الاقتصاد. وفي حين أن تباطؤ التضخم مرتبط جزئيا بالتراجع في أسعار النفط، إلا أن ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، الذي ربما يكشف في اجتماع صناع السياسة في الرابع من ديسمبر عن المزيد من التوقعات المتشائمة، يقول إنه يريد أن يرفع التضخم «في أسرع وقت ممكن». قال كولن بيرمنجهام، وهو اقتصادي لدى بنك بي إن بي باريبا في لندن: «إن نطاق مشكلة غياب التضخم التي تواجه المركزي الأوروبي تصبح مثيرة للقلق بصورة متزايدة مع مرور الوقت. المراجعات الهابطة لتوقعاتهم بخصوص التضخم والنمو ستكون هي الأساس في تبرير إجراءات توسعية في برنامجهم لشراء الأصول». أظهر تقرير يوروستات هبوط أسعار الطاقة بنسبة 2.5 في المائة في نوفمبر عن السنة السابقة. وقد هبط سعر النفط الخام بأكثر من 30 في المائة في الأشهر الثلاثة السابقة. وارتفعت أسعار المواد الغذائية والتبغ بنسبة 0.5 في المائة. ليس مريحا إلى حد كبير معدل التضخم الأساسي، الذي يحذف البنوك المتقلبة مثل الطاقة والمواد الغذائية والتبع، بقي عند 0.7 في المائة في نوفمبر، وفقا لوكالة يوروستات. قال هوارد آرتشر، كبير الاقتصاديين المختصين بمنطقة أوروبا لدى مؤسسة آي إتش إس جلوبال إنسايت الاستشارية في لندن: «مصدر الراحة الوحيد بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي -وليس بذلك الشيء الكبير - هو أن الهبوط المتجدد للتضخم الذي حدث في نوفمبر كان يعود تماما إلى توسع الهبوط في أسعار الطاقة عند قياسها خلال الفترة نفسها من سنة لسنة». وقال إن البيانات تعتبر «نبأ مثيرا للقلق» بالنسبة للبنك المركزي. أظهرت البيانات التي صدرت قبل يومين أن أسعار المواد الاستهلاكية في إسبانيا تراجعت بنسبة 0.5 في المائة هذا الشهر عن مستواها في السنة الماضية، وهو ما يعتبر أسرع معدل للانكماش منذ عام 2009. وفي ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، تباطأ التضخم إلى أضعف مستوى له منذ فبراير 2010. كان معدل التضخم في منطقة اليورو أقل من نصف الرقم المستهدف من قبل البنك المركزي الأوروبي، الذي يقع مباشرة دون 2 في المائة، لأكثر من سنة. وقد توقع البنك في سبتمبر أن التضخم سيصل في المتوسط إلى 1.1 في المائة في 2015 و1.4 في المائة في 2016. وقال دراجي في فرانكفورت في 21 نوفمبر: «كنا نركز أنظارنا بقوة ونحن مدركون أن التضخم المنخفض لا يبدأ في الترشح تدريجيا خلال الاقتصاد». الوقت المناسب أشار بعض صناع السياسة إلى اجتماع هذا الأسبوع، الذي يعقد يوم الخميس المقبل، ربما لا يكون هو الوقت المناسب لإضافة المزيد من التحفيز. وقال فيتور كونستانسيو، نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي هذا الأسبوع إن أفضل وقت للنظر في استخدام أدوات جديدة هو الربع القادم، حين يمكن قياس الأثر المتحقق من الإجراءات الحالية. البنك المركزي الأوروبي، ومقره فرانكفورت، بدأ أصلا في شراء السندات المؤمنة والأوراق المالية المدعومة بالأصول، حيث انه يتوقع أن يعيد ميزانيته العمومية إلى المستوى الذي كانت عليه في بداية عام 2012. ويأتي هذا بعد أن قلص أسعار الفائدة إلى مستويات دنيا قياسية، وعرض قروضا طويلة الأجل للبنك من أجل تنشيط نشاط القروض والائتمان. وفي أن دراجي قال إن صناع السياسة متحدون في التزامهم بفعل المزيد إذا اقتضى الأمر ذلك، إلا أنه أشار أيضا أنه ربما لا تكون هناك حاجة للعجلة. وقال قبل يومين إن الوقت لازم من أجل أن نشعر «بالآثار الإيجابية» لبرنامج التحفيز الحالي. وأضاف: «لكن اذا استدعى الأمر التصدي مرة أخرى للمخاطر الناتجة عن استمرار الفترة الطويلة من التضخم المنخفض، فإن مجلس المحافظين في البنك مُجمِع في التزامه باستخدام أدوات غير تقليدية أخرى ضمن صلاحياته». مع ذلك، فإن يينس فايدمان، رئيس البنك المركزي الألماني ومعارض منذ فترة طويلة لشراء السندات الحكومية، أبرز النتائج الإيجابية لأسعار النفط المنخفضة. وقال في برلين: «هناك أثر تحفيزي قادم من أسعار الطاقة. وهي تعتبر مثل صفقة تحفيز مصغرة».