لا بد أن نؤكد عند الحديث عن وزارة التعليم العالي أن حديثاً مبنياً على رؤية واقعية، تنطلق مما هو مشاهد وملاحظ من خطوات خطتها الوزارة نحو منهجية مدروسة بإمكانيات مادية وبشرية لمستقبل أبناء وبنات هذا الوطن، بمعنى أنها تنطلق بتنظيم يبشر بمستقبل واعد لشباب بلدنا العزيز، وبالأخص في جانب ممن يرغبون الدراسة خارج البلاد. هذا التنظيم المميز للمبتعثين ينقسم إلى مرحلتين، مرحلة ما قبل الابتعاث الرسمي من الدولة وهي مرحلة نشطة جداً لكن ينقصها تسريع الاجراءات وجدولتها، بحيث تسبق بداية العام الدراسي الفعلي بوقت كاف؛ لتقنين ما يتبقى من أعداد هائلة من الخريجين كي يدرجوا في سجلات الدراسة في الداخل، حيث لهذا تأثير بالغ الأهمية في عملية اختيار الراغبين بالدراسة بالخارج وكذا الداخل، مما يسهل عليهم اتخاذ القرار في وقت مبكر، أما عندما يتم انهاء اجراءات الابتعاث خلال العام الدراسي، فإن ذلك سيولد فاقدا تعليميا كبيرا يتسبب في الانسحابات والتسرب من الدراسة في الجامعات السعودية، ويفقد الكثير ممن لم يحصلوا على مقاعد دراسية من بداية العام الدراسي الفرصة التي تكون قد فاتت. أما المرحلة الثانية، وهي ما بعد إجراءات الابتعاث، ولنتذكر هنا أن عدداً ليس بالقليل ممن تعثروا بعد فترة بسيطة من ابتعاثهم، كان ذلك لعدم وضوح الرؤية التي تحتاج مساهمة فعالة من قبل الوزارة كي لا يدرجوا من ضمن الأعداد المتراكمة ممن سبق وحرموا من الحصول على فرصة الدراسة بالداخل ويزيد من تخمة الفاقد التعليمي الحاصل حالياً. لا شك أن سياسة التعليم العام في جوهرها تختلف كلياً عن سياسة التعليم الجامعي، من حيث فرص الحصول على مقاعد دراسية، وذلك لتعدد الرغبات بين الدارسين. لكننا لا نشك في قدرات وزارة التعليم العالي في ايجاد حلول مناسبة تساعد على تساوي الفرص، كما عملت في تنظيم عملية التسجيل وعدم تكرار تقديم الطالب الواحد في أكثر من جهة، للمساعدة في حصول النصيب الأكبر من الطلاب على مقاعد دراسية جامعية. حالياً الحاجة تتمحور في العمل على تنظيم عملية الابتعاث الخارجي بوقت مبكر، مع توعية الطلاب في المدارس قبل التخرج، ثم توفير الاحصائيات لدراسة إمكانية التوسع في جامعات الداخل بما يوازي الأعداد المتخرجة من التعليم العام. ولا يسعنا إلا أن نشكر الوزارة على ما تقوم به من عمل جبار.