إن ما يحدث في غرف المحادثة الصوتية من لقاءات بين رجل وامرأة -ولو كانت في بدايتها بعيدة عن العشق ونحوه- هي في الحقيقة خلوة غير مكتملة الأركان كما في أذهاننا، بل هي شبه خلوة أو خلوة مجازية أو خلوة معاصرة وإليك التفصيل: رجل وامرأة بمفردهما في غرفة صوتية وفي أحاديث ممتدة لوقت قد يقصر في البداية، ثم يطول فيما بعد، وتبدأ هذه المحادثة في أمور حياتية دارجة بل قد تكون دعوية باستدراج الشيطان ثم تتطور لأحاديث خاصة وعواطف يسيرة تتطور مع الوقت شاء من شاء وأبى من أبى فإنها الفطرة بين الجنسين. وقد تكون هناك صورة مع الصوت عن طريق الفيديو أو تبادل الصور المحرمة، بل قد يحدث فيها من البعض تمثيل للقاء الجنسي صوريا، ولو من بعيد، وأيضا ما يحدث في هذه اللقاءات يؤدي إلى اللقاءات المحرمة في الواقع والتي هي خلوة حقيقية. كل ذلك هو الخلوة المعاصرة التي بدأت تقتحم بيوتنا عبر الشبكة العنكبوتية الميسرة للجميع، ليس فقط في الغرف الخاصة عبر أجهزة المحمول، بل في أجهزة الاتصالات متعددة الأنواع عبر التطور التكنولوجي الذي يقذف سنويا أجهزة تيسر للفاسدين تحقيق مآربهم، كما تيسر للصادقين والمستفيدين حاجاتهم المهمة. (وهديناه النجدين) إن ما يحدث من نتائج هذه الخلوة المعاصرة لهو حدث جلل، فهي حقيقة خلوة جديدة وللإسف نجد من يستهجن إطلاق مصطلح الخلوة عليها، ويراه تنطعا وغلوا وتخلفا عن ركب العصر، رغم أن كل العلماء صرحوا بأن غرف الشات فتنة. ولو تأمل العاقل ما قذفت به حمم المفسدين للحياء وللحياة عامة، لراعه تيسير الزنا عبر اختراع روبوت نسائي يمارس معه الرجل شهوته بطريقة قريبة للحقيقة بدرجة مذهلة، بل وصل الحال بهم إلى اختراع قبلة عن بعد تعطي للمشتركين فيها كل عناصر القبلة. وأرجو من كل باحث في الفقه أن يدلي بدلوه في هذا الموضوع الجديد عبر الأبحاث الفقهية سواء للدراسات العليا أو الترقية أو نحوها، وربما ناقشها البعض، فلعله يخرج كنوزه للفائدة.