عرسال.. المنطقة التي تقع في أقصى الشمال الشرقي من محافظة البقاع اللبناني، اصبحت اليوم محور الحديث والنقطة الأبرز على الساحة اللبنانية.. فسواء كانت "القاعدة" موجودة في لبنان ام لا وسواء كان لبنان مقرًّا او ممرًا لها فما برز على المشهد السياسي اللبناني حول هذه النقطة يؤكد ان الموضوع لا علاقة له ب"القاعدة" او بغيرها بل يندرج في خانة القلوب الملآنة بين السياسيين من فريقي 8 و14 آذار اللذين يتواجهان سياسياً على خلفية صمود او سقوط النظام السوري والنتائج المترتبة على ذلك في لعبة الربح والخسارة من زاوية صراع البقاء بامتياز وفق اوساط مواكبة لإيقاع اللاعبين.قوى 8 آذار تعتبر أن لبنان بات ممرًّا لتنظيم "القاعدة" المتجهة إلى سوريا، وأن هناك من يعمل على خط بيروتدمشق لدعم الثورة السورية. بينما قوى 14 آذار ترى أن هذا التنظيم غير موجود في لبنان ولا في سوريا، مشدّدة على ان من يقود الثورة السورية هم ثوار أحرار ليبراليون منفتحون نضالاً سلمياً نقياً ضد النظام. فرضيات وسط هذه الصورة يقف وزير الداخلية اللبنانية مروان شربل وكتلة رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال سليمان ونجيب ميقاتي في الوسط متخبّطين في فرضيات هذا الفريق وآراء الفريق الآخر. وفيما الخلاف سيد الموقف بين مروان شربل وزير الداخلية ووزير الدفاع فايز غصن حول نفي الأول وجود "القاعدة" وتأكيد الثاني، فليس غريباً وفق المراقبين ل"اليوم" وجود عناصر تحمل الفكر التكفيري في لبنان ولعل ابرز النمط القاعدي تجسّد في تنظيم "فتح الاسلام". جولة ميدانية ميدانياً، قامت "اليوم" بجولة في عرسال في محاولة منها لمعرفة المزيد حول هذه البلدة وطبيعتها في خضم النزاع الدائر حول احتوائها ل"القاعدة" أم لا، بعدما كانت وفود "القوات" و"الكتائب" تتسابق مع "المستقبل" و"العلماء المسلمين" للوصول إلى "مدينة الصمود" وتحية أبطالها. ولاحظت "اليوم" شعارات التأييد للرئيس العراقي السابق صدام حسين، عند مدخل البلدة، وهناك شبان يتوعّدون بسقوط الطاغية السوري بالقول: "سيسقط الطاغية قريبًا، وستحتفل عرسال كما سائر البلدات الحدودية" كما ان أهلها متمسّكون بأمل نجاح ثورة الكرامة السورية ومتعلقون بعروبتهم.هكذا ينتظر أهالي عرسال سقوط النظام السوري وبعضهم يعمل على مساعدة اللاجئين السوريين المدنيين يسخر اهالي عرسال من الحديث المتداول عن تسلل عناصر من تنظيم «القاعدة» من بلدتهم الى سوريا عبر حدود مشتركة تمتد نحو70 كيلو مترًا، لكنهم في هذا السياق لا يُنكرون تعاطفهم ومساندتهم للمعارضين السوريين .والعسكريين على السواء، بحسب ما يقول ن.ر. الذي يكشف ل"اليوم" أحداث الاشكال مع عناصر مديرية المخابرات في الجيش اللبناني مطلع الشهر الفائت: "جاءوا الى البلدة بلباس مدني واعتقلوا ضابطاً في الجيش السوري كنا قد ساعدناه في هربه من بلدة القصير السورية، وعندها تجمّع الشباب وعملنا على اعادة الضابط الى البلدة بعد اشتباك مع عناصر الدورية وتحطيم احدى سياراتها، وان اهالي البلدة ساعدوا الضابط في العودة الى القصير".ويسخر اهالي عرسال من الحديث عن تسلل عناصر من تنظيم "القاعدة" من بلدتهم الى سوريا عبر حدود مشتركة تمتد نحو 70 كيلو مترًا، لكنهم في هذا السياق لا ينكرون تعاطفهم ومساندتهم للمعارضين السوريين، اضافة الى احتضان عائلات نزحت من سوريا في الفترة السابقة، سائلين الحكومة عن التوغل السوري في بلدتهم ومقتل عدد من ابنائها برصاص القوات السورية وكان آخرهم الراعي خالد الفليطي. وفي جولة على الحدود بالقرب من مكان مقتل الفليطي، لفتت "اليوم" غياب علامات ترسيم الحدود مما يجعل المنطقة متداخلة بحيث انه من الصعوبة بمكان التفريق بين الاراضي السورية واللبنانية. ويُشار الى انه ليس لبلدة عرسال سوى منفذين، الاول عبر بلدة اللبوة المجاورة، الثاني هو حدود تمتد على مسافة 70 كيلو مترًا، ويتباهى اهالي البلدة بممارستهم التهريب من سوريا وإليها "لأن الدولة لا تهتم بانماء البلدة وليس من فرص عمل".وفيما لاحظت "اليوم" الهدوء الذي تعيشه هذه البلدة الأمر الذي يصعب على تنظيم كبير ك"القاعدة" التلطي خلف أهلها وبيوتها، مما يجعلنا نسأل عن الهدف من زجّ هذه البلدة في الصراع السوري اللبناني؟. وجَزم مصدر سياسي ل"اليوم" أن "زجّ اسم عرسال في الحديث عن القاعدة كان خطأ كبيرًا إذ إنه بذلك وضع أبناء المدينة في موضع الاتهام". واشار نائب مستقبلي ل"اليوم" الى ان "ما صدر عن وزير الدفاع هو رسالة أرسلت إليه، وبلع الطعم، وهدفها تبرير أحداث سوريا والانفجارات التي حصلت في دمشق، وللأسف هو مصرٌّ على كلامه رغم ما صدر عن رئيس الجمهورية من نفي، وعن رئيس الحكومة، ومجلس الدفاع الأعلى، وكلام وزير الداخلية". وقال: "ان وزير الدفاع وبناءً إلى معلومة سرّبت له من الخارج، قال ما قاله، لتبرير ما يجري في الداخل السوري، ولزرع الفتنة في بعض المناطق اللبنانية".