مع التسريبات التي أفادت أن بنية تحتية مهمة في الولاياتالمتحدة تتعرض لهجوم متواصل، يرجح أن روسيا تقف وراءه، من السهل أن ننسى أن أمريكا ليست مجرد ضحية وسط هذه الموجات من الهجمات المتكررة في الفضاء الإلكتروني. وفي الوقت الذي ينمو فيه عالم الإنترنت ليشتمل على معلومات حساسة، والقدرة على السيطرة على كل شيء من شبكات توزيع الكهرباء إلى الطائرات، تشارك الولاياتالمتحدة في حرب شاملة في الفضاء الإلكتروني، مع بعض أقوى الحكومات في العالم. هذا الأسبوع ظهرت معلومات مفادها أن هناك برنامج تجسس متطورا في الفضاء الإلكتروني، يمكن أن تكون له علاقات وصلات مع الولاياتالمتحدة. وهذه مجرد تذكرة أخرى بمدى الشمول الذي أصبحت عليه برامج التجسس الحكومية، ومدى أهميتها على الإنترنت وخارج الإنترنت. كشف باحثون في شركة سيمانتيك لأمن المعلومات عن برنامج واسع النطاق، يدعى ريجين، يسمح للقراصنة بالتجسس على أجهزة الكمبيوتر وشبكات الاتصالات. كان هذا البرنامج الخبيث يستهدف بالدرجة الأولى الأفراد عن شركات تزويد خدمات الإنترنت، إلى جانب حركة الاتصالات وشركات الضيافة والفنادق. حين يتم نشر ريجين، يسمح للقراصنة بسرقة المعلومات، ويراقب التحركات، ويسجل نشاط الاتصالات. بعبارة أخرى، كان ريجين برنامجا مصمما لاستهداف الناس، وليس فقط الشركات الكبيرة أو الأجهزة الحكومية. وبهذه الطريقة فهو يذكرنا ببرنامج تسجيل المكالمات بصورة جماعية، الذي كانت وكالة الأمن القومي تطبقه في الولاياتالمتحدة بعد الحادي عشر من سبتمبر. وقال أحد الباحثين من سيمانتيك في مقابلة مع تلفزيون بلومبيرج: إن من المرجح أن البرنامج من إنشاء إحدى الدول. وقد استُخدِم للتجسس على أجهزة الكمبيوتر وبيانات المكالمات الهاتفية منذ عام 2008، وبالدرجة الأولى في روسيا. تساءل باحثون آخرون حول دور الولاياتالمتحدة وبريطانيا في ريجين، بالنظر إلى البلدان المستهدفة، والمنطقة الزمنية المرتبطة بالهجمات، والإشارات باللغة الإنجليزية في البرنامج إلى أشياء مثل ستارباكس. وفي تقرير على موقع The Intercept يبدو أن يربط بصورة ملموسة بين الولاياتالمتحدة وفيروس ريجين. وقالت مصادر إلى الموقع: إنه عُثِر على ريجين في أنظمة في شركة بيلجاكوم لخدمة الهاتف والإنترنت في بلجيكا، التي كانت مستهدفة من قبل وكالة الأمن القومي ووكالة التجسس البريطانية GCHQ. حين يتم الكشف عن برامج تجسس هائلة من قبيل ريجين، فإن هذا يعتبر تذكرة بأن التجسس الإلكتروني والحرب الإلكترونية موجودة بيننا منذ الآن. وكما تشير ليزا مايرز، وهي باحثة أمنية في شركة «إي إس إي تي» لأمن تكنولوجيا المعلومات: «تقريباً كل بلد في العالم ضالع بصورة أو بأخرى في مراقبة بلدان أخرى، وأحيانا كثيرة في مراقبة مواطني البلد نفسه.» كما أنه يعتبر تذكرة بأن الإجراءات المتخذة في الفضاء الإلكتروني غالبا ما تكون لها عواقب في العالم الفعلي. يقول مايكل كوتس، مير أمن المنتجات في شركة شيب للأمن: «كل بلد يعلم أن مقدارا معينا من المراقبة والتجسس يجري على شبكاته. إذا تبين أن ريجين يخرق افتراضات (السلوك المقبول) والمعاهدات التي نعتقد أنها موجودة، عندها يمكن لهذا أن يستثمر محادثات مهمة بين الحكومات المختلفة.» كما أن مايكل روجرز، مدير وكالة الأمن القومي، أخبر الكونجرس هذا الشهر أن هناك حكومات أجنبية قامت فعلا باختراق أجزاء من البنية التحتية الحساسة في الولاياتالمتحدة، بما في ذلك أنظمة المياه والكهرباء والوقود. وفي حديثه أمام لجنة المخابرات في مجلس النواب، قال روجرز: إن الهجمات على الشبكات الأمريكية هي «من الناحية الحرفية تكلفنا مئات المليارات من الدولارات»، وأننا سنشهد عاجلا وليس آجلا هجوما يُحْدِث دمارا ماديا لا يستهان به. سواء أحببنا ذلك أم كرهناه، فإن الحقيقة هي أن كل بلد قوي على هذا الكوكب ضالع أصلا في حرب غير معلنة. وإذا تحقق الهجوم الكبير الذي يتوقعه روجرز، فإن السبب في ذلك يعود إلى سنوات من التجسس وسرقة البيانات والمراقبة.