حقق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إنجازاً تاريخياً جديداً، بإنهاء الخلاف بين دول مجلس التعاون، وعودة الوحدة والدفء والتواد بين قادة دول المجلس وشعوبه. وكان الخليجيون، طوال شهور ماضية عجاف، يأملون أن تنتصر حكمة خادم الحرمين الشريفين، وحنكته الزعامية، على الخلاف وأن تعود دول الخليج صفاً واحداً مرصوصاً. وتحقق الأمل الخليجي وانتصرت حكمة خادم الحرمين الشريفين على الخلافات، والذين يوقدونها ويشعلون الفتن والنزاعات. وحقق الملك عبدالله أملاً غالياً للشعوب الخليجية، بدعوته إخوانه زعماء مجلس التعاون إلى الاجتماع بالرياض مساء أمس الأول، ليبحثوا السبل الكفيلة بإتمام اتفاق الرياض وعودة السفراء واللحمة والدفء إلى مجلس التعاون. وأصدر القادة بياناً شددوا فيه على أن مسيرة المجلس قوية ومستمرة وصامدة ومتطورة. وإنجاز خادم الحرمين الشريفين التاريخي ما كان ليحدث لو لم يجد جهداً معاضداً من الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت، الذي بدأ وساطة مبكرة وسعى بإخلاص حثيث وجهد مسجل لإصلاح ذات البين بين قادة مجلس التعاون. وأيضاً كان زعماء البحرينوالإماراتوقطر كرماء حينما غلّبوا المصلحة المشتركة على المصالح الذاتية، وجنحوا إلى الحكمة والعقل ورغبة خادم الحرمين الشريفين وجهود الشيخ صباح، وآمال الشعوب الخليجية. وفي الحقيقة، فإن مجلس التعاون هو بيت خليجي بناه زعماء الخليج بالجهد والتعب وسهر الليالي، وحققوا إنجازات مشهودة في مجالات التقارب والتعاون بين الدول الأعضاء، إضافة إلى أن ثقافة العلاقات الخليجية سواء بين القادة أو بين الشعوب تتأسس على العلاقات الأخوية الأسرية، وتعطي للاجتهادات احترامها وتحاصر الخلافات داخل البيت الواحد والأسرة الواحدة. وبهذا الشأن لا بد من الإشادة بموقف قطر التي انحازت إلى المصلحة الخليجية ووحدة المجلس. وأيضاً، فإن دولة الإمارات العربية الشقيقة أصدرت بياناً ترحيبياً بجهود خادم الحرمين الشريفين، وبتطلعها إلى المشاركة في قمة مجلس التعاون ال35 في الدوحة في الشهر المقبل. وبذلك يضع قادة الخليج والحكومات والشعوب خلافات الأشهر الماضية وراء ظهورهم، ويبدأون تطلعاً إلى مستقبل تعاون وإخاء زاهر بتوفيق من الله، ثم بحكمة خادم الحرمين الشريفين وإخوانه قادة دول المجلس الذين يثبتون أنهم قادة فوق الخلافات الطارئة، وأن دول مجلس التعاون عصيّة على الكسر والانحناء. ولدول المجلس وقادتها خبرة طويلة في التعامل مع صروف الدهر والحوادث، وتغلبت حكمتهم على تقلبات الأجواء العاصفة في المنطقة، وبنوا سداً خليجياً منيعاً على الاختراق، مهما كانت الاجتهادات، ومهما كانت حتى الاختلافات؛ لأن الرابطة المشتركة والقضية الكبرى هي المصير الواحد، والهوية الواحدة، والجغرافيا الواحدة، والتحديات الواحدة. وسوف يسجل التاريخ الخليجي لخادم الحرمين الشريفين روحه الوحدوية المتطلعة، وحرصه على توحيد الصف والسيطرة على الخلافات والأزمات، وأن يقود هو وإخوانه المسيرة الخليجية إلى بر الأمان، وشواطئ السلام، في عالم يتموّج بالدسائس والكره والحروب، ويستهدف الخليج حكومات وشعوباً وأرضاً وهوية.