حادث قرية الدالوة الإرهابي أكد بما لا يدع مجالا للشك أن وحدة أبناء الوطن ثابتة بحيث لا تؤثر فيها مثل هذه الجرائم التي تستهدف سلامة المجتمع الأحسائي وأمن الوطن بأكمله، وهو حادث مستنكر وقبيح لا يقوم به من آتاهم الله تعالى عقلا يميز الطيب من الخبيث، والحق من الباطل، والصحيح من الخاطئ. أثبتت الأحساء على مر التاريخ أنها أرض الحضارة والإنسان والتطور الفكري والاجتماعي والثقافي، وقد اكتسب أهلها مزاجا اجتماعيا فريدا انصهروا خلاله رغم اختلافاتهم المذهبية، بحيث يتعايشون في أمن وسلام لا يعكر صفوه حادث من تدبير الضالين والذين يكيدون لتفتيت اللحمة الوطنية وتفريق أبناء الوطن وتصنيفهم بما يجعلهم يتقاتلون ويتناحرون. ظلت الأحساء عنوانا مستداما للتعايش والتآخي، يرتبط مجتمعها بأقوى الصلات، ويستنفرون بعضهم لنصرة ضعيفهم والوقوف مع بعضهم في الشدائد والأفراح، مقدمين بذلك أحد أفضل نماذج المجتمعات المتصالحة والمسالمة التي لا يمكن أن تسمح لمثل هذه الأفعال النكراء أن تؤثر على وحدتها وسلامها. لم يبادر أهالي الأحساء الى اتهام بعضهم، أو إلقاء اللوم على بعضهم، وإنما تكاتفوا ووقفوا بجانب بعضهم يواسون عائلات الضحايا الذين يأتي مصابهم كمصاب لكل أحسائي أصيل، وقد أظهر ذلك معدن الأهالي وطيب معشرهم وحقيقة ارتباطهم القوي ببعضهم، فقدموا للمجرمين درسا كبيرا في التعايش بأن كيدهم قد رد اليهم في نحورهم وأنهم لم يبلغوا هدفهم، لأن جميع الأهالي على قناعة تامة بأن من يفعل ذلك لا يمكن أن يأتي من بينهم وإنما هو غريب على طبائعهم ولم يعرف عمق الصلات التي تربط الأحسائيين. يتبادل أهالي الأحساء المحبة بينهم بصدق، ولا يتوقفون عند مذهب هذا أو ذاك، أو يؤثرون في قناعات هذا أو ذاك، وإنما يقدرون بعضهم حد الاحترام، ويمضون بعيدا عن المهاترات والجدل الذي لا ينتهي الى شيء مفيد، فهم لا يضيعون وقتهم فيما يختلفون فيه وإنما يسعون الى الحوار البناء والهادف الذي يعزز نشاطهم الاجتماعي والفكري والثقافي، ويوطد أواصر المودة والأخوة بينهم.