تجاوز الحوثيون أسلوب نظرائهم في نشر الفوضى في الدول العربية، كحزب حسن نصر الله في لبنان. وهما يطبقان أجندة إيرانية، تستهدف نشر الفوضى والفتنة وتمزيق الدول العربية، وذلك عبر التسلل إلى مركز السلطة أو التأثير عليها. هذه الاستراتيجية نجحت في سوريا والعراق، ونجحت إلى حد ما في لبنان؛ إذ يفرض حسن نصر الله وحلفاؤه إرادة إيران من خلال تقويض مؤسسات الدولة اللبنانية؛ إذ حرم لبنان من رئيس بعد أن عطل انتخابه، وجرد مجلس النواب من فاعليته بعد التمديد له دون أن ينجز ما هو مطلوب منه؛ فلم يستطع انتخاب رئيس للدولة، وعطل قرارات تحسين أوضاع الموظفين، ولم يتم إشغال الوظائف الرئيسية، فيما لم يبقَ سوى مجلس الوزراء الضائع في دائرة التوافقات. وهكذا شلت جميع المؤسسات الدستورية اللبنانية، وهو ما يريده الإيرانيون وحلفاؤهم، الذين لا يهمهم مصير ومصلحة لبنان والأوطان العربية بقدر ما يسعون إلى تنفيذ الأجندة الإيرانية التي تهدف إلى السيطرة على القرار السياسي العربي، وهو ما نراه في لبنان. ويعمل الحوثيون الآن على تنفيذ المخطط نفسه في اليمن؛ إذ انتقل مسلحو الحوثي وحلفاؤه إلى المرحلة الثانية من تنفيذ هدم المؤسسات اليمنية. فبعد محاولة ابتلاع المحافظات الشمالية بالسيطرة على صعدة، ثم عمران، ومحاولات ضم حجة والجوف، انتقلوا إلى تهديد وجود المؤسسات الدستورية؛ إذ يطالب الحوثيون بإسقاط الحكومة اليمنية، وإدخال البلاد في فراغ دستوري عبر محاولاتهم السيطرة على العاصمة صنعاء من خلال محاصرتها من جهات عدة، وحشد عشرات الآلاف من أنصارهم داخل العاصمة أمام الوزارات والمؤسسات الكبرى مهددين بالاستيلاء والسيطرة عليها، وهو ما يهدد باندلاع حرب أهلية عارمة، وهو ما ظهرت مؤشراته من خلال المظاهرات التي عمت العاصمة رفضاً لما يقوم به الحوثيون الذين عليهم أن يواجهوا غضب اليمنيين من جميع طوائفهم وفرقهم وأحزابهم حينما يتعلق الأمر بالعاصمة صنعاء ومحاولة السيطرة عليها؛ لأن اليمنيين يعرفون أن من يسيطر على العاصمة هو من يحكم اليمن، على الأقل نظرياً، وهو ما لا يسمح به اليمنيون جميعاً. وعملياً، لا يمكن السيطرة على صنعاء من أي قوة سياسية أو طائفية أو قبلية؛ فالجيش والأمن هما وحدهما القوتان القادرتان على ذلك، وغير ذلك لا يحقق شيئاً سوى إثارة معارك ومواجهات مسلحة في أطراف العاصمة، وهو ما لا يريده الذين خرجوا في تظاهرات صاخبة لرفض أفعال الحوثيين. وقد حصل الرئيس هادي عبد ربه على تأييد مطلق من الأغلبية الكبرى من اليمنيين الذين سيكون وقوفهم خلف الرئيس دعماً للجيش والأمن في تحصين صنعاء من مخططات الحوثيين، التي ستكلفهم ثمناً كبيراً بمغامراتهم التي تستهدف صنعاء.