سمعنا وقرأنا في الفترة الاخيرة من بعض الشعراء إعلانات اعتزال أعتبرها غريبة على مجتمع الشعراء.. وفي الحقيقة لا أدري هل تعتبر هذه الإعلانات الغريبة نوعًا من أنواع جس النبض لمعرفة ردود فعل الجمهور، أم إعلانًا لوسائل الإعلام حتى لا تتهافت على بيوت هؤلاء الشعراء؟ وبالتأكيد وسائل الإعلام لا تهتم حتى بالشاعر الذي يهتم بها، ويطارد عدسات كاميراتها في كل مكان، فهي لم تعِ بعد أن الشعر الحقيقي رسالة يخلدها الزمن وتخلّد أهلها. ولكن هل الشاعر يعتزل الشعر؟ سأجيب عن هذا التساؤل من وجهة نظري الخاصة.. فالشعراء يقفون في ميدانين رئيسيين، ميدان النظم وميدان المحاورة والعرضة.. وأنا أرى أن من حق شاعر المحاورة والعرضة أن يعلن عن اعتزاله ميادين المحاورة والعرضة على الملأ، بينما أرى أن شاعر النظم الذي يعلن اعتزاله شعر النظم يعتبر شاعرًا غريب الأطوار والتصرفات والإعلانات، وأنا هنا أقصد الشعراء الحقيقيين في كلا الميدانين.. والسبب في احقية شاعر المحاورة والعرضة بإعلان اعتزاله هو أن هذا النوع من الشعر يعتبر حرفة مربحة ومتعبة في نفس الوقت.. فشعر المحاورة والعرضة له متطلبات قد يعجز الشاعر عن الإيفاء بها.. فشاعر هذا النوع من الشعر يجب عليه السفر والسهر والوقوف الطويل بين الصفوف.. بالإضافة إلى أن الشاعر المعروف ملزم بالحضور في احتفالات قبيلته.. كل هذه الالتزامات والمتطلبات قد ترهق الشاعر وقد يعجز عن الوفاء بها، ومن هنا أرى أن من حقه أن يعلن الاعتزال ويرتاح. أما شاعر النظم فمن وجهة نظري لن يحتاج لإعلان الاعتزال لأنه لا التزامات عليه إلا لنفسه وتاريخه الشعري، فبالتأكيد لن يأتيه من يُجبره على كتابة الشعر متى ما أراد تركه، وفي نفس الوقت لن يستطيع الوفاء بوعوده بالاعتزال إذا ما كان شاعرًا حقيقيًا، فالشعر شيء لابد منه في حياة الشاعر. من أبياتي: حبيبي رغم كل الحب أنا أستاذنك رضيت أن الشعور تموت محتاجه بعد عاندني الحظ وحرمني منك ما عاد أبغى من أحلامي ولا حاجه