ربما لا يظن أكثر المتفائلين أن الحرب الباردة بين القطبين الكبيرين والقوتين العظميين انتهت الى غير رجعة لأسباب لا علاقة لها بالسياسة وتحولاتها وهياجها وألعابها القذرة، ولكن ذلك غير حقيقي، ففي ميادين أخرى هناك حرب ساخنة بين الروس والأمريكان، بشر وحيوانات، وبما أن البشر يمتلكون عقولا يدركون بها عواقب إطلاق الرصاص وإيقاد شرارة الحرب، فإن الحيوانات لا تملك هذه الميزة البشرية بالطبع، وبالتالي لا يفرق معها إن بدأت حربا أو ضغطت على زر السلاح النووي. قرأت في أحد المواقع الاخبارية الشهيرة أن قطة روسية هائجة اسمها "كاش" انتقمت من عائلة أمريكية، بعد أن وطئت قدم صاحبتها بالخطأ على القطة، ما جعلها في وضع جنوني أرعب العائلة.. مما اضطر العائلة الى الاتصال بشرطة النجدة في ولاية فلوريداالأمريكية، وتم عقبها اصطحاب القطة المحترمة "كاش" إلى الحجر الصحي بعد أن أثارت حالة من الرعب ودفعت سكان المنزل إلى الاحتماء بإحدى الغرف. "كاش" التي فقدت وقارها وهدوءها في نوبة الغضب مثلت الجانب الروسي بكل كبريائه وأنفته. وكأنها رفعت شعار «لا أحد يدوس لي على طرف» وهي نجحت بالفعل في حشر العائلة الأمريكية في الزاوية الضيقة. وفي المشهد الدراماتيكي الذي كانت القطة الروسية بطلته باحتراف أن الأمريكية تيريسا غريغوري التي تملك القطة قالت في اتصالها بخدمة النجدة: "لا يمكنني الخروج. لقد حاصرتنا في غرفة نومنا ولا نعلم ماذا نفعل".. وإذا عرف السبب بطل العجب، فلماذا هاجت "كاش" وانتابتها هذه النوبة الروسية من الغضب؟ تيريسا قالت إن القطة بدأت في التصرف العنيف في وقت سابق من يوم الحادثة لذا احتجزها زوجها في دورة المياه لبعض الوقت، وقالت إن قدمها ربما وطئت على القطة عن طريق الخطأ مما أثار سلوكها العنيف. السيدة الأمريكية قدمت صورة كاريكاتيرية واضحة تمام الوضوح لتصرفات القطة الروسية التي قد يكون وراءها دوافع تتعلق بمسألة الأقطاب الدولية، حيث قالت إنه عندما خرجت القطة "انتابتها نوبة جنون" وظلت تموء وتخدشهم وتخيفهم... ذلك كاد يحدث بصورة طبق الأصل في الستينيات الميلادية في واقعة خليج الخنازير عندما كانت الأيادي على الزناد، وكاد الزعيم الروسي خروتشوف والأمريكي كينيدي يفعلانها ويبدآن حربا نووية تقضي على الأخضر واليابس. إدراك الرئيسين للعواقب جعلهما يترددان في بدء الحرب الى أن انقشعت الغشاوة وتبدد التوتر بينهما، ولكن يبدو أن القطة "كاش" لم تسمع شيئا عن تكتيكات الحروب التي أولها كلام وآخرها دمار وندم، فهي مع دوس ذيلها انتفضت وارتعدت واستشاطت غضبا وغيظا كان نتيجته أن السيدة الأمريكية وزوجها نزفا بسبب خدوش في الأذرع والأرجل... وانتهت "كاش" بسبب المبالغة في ردة فعل في بلد الأمريكان بخسائر فادحة لها، حيث تم إيداعها مركزا لرعاية الحيوانات تسلمها ووضعها في الحجر الصحي لمدة عشرة أيام للتحقق هل هي مصابة بداء الكلب أم لا؟. ولكن يبقى لدينا تساؤل: هل فعلا انتهت حالة العداء بين أمريكا وروسيا؟ شخصيا لا أتوقع ذلك إذا كانت حتى الحيوانات لا تتمتع برؤية متفائلة ومتسامحة، فكيف نتوقع نحن البشر أن أمورنا بخير مع الروسي صاحب شعار الدب، ومع العم سام صاحب شعار الفيل والحمار؟!.