كميات هائلة من الملابس المستعملة التي يضعها أهل الخير في صناديق جمع الملابس الموزعة بالأحياء وجدت طريقها -للأسف الشديد وبد لا من أن يستفيد منها المحتاجون- إلى مكب النفايات، والبعض منها تم اعادة تصنيعه مرة أخرى على شكل " قصاصات قماش" لاستخدامها في التنظيف. هذه المشكلة فرضت نفسها بعدما أثار البعض قضية الاستفادة المثلى من هذه الملابس، وتوجيهها للغرض الأساسي وهو: كسوة المحتاجين الذين ينتظرون بشغف هذه الملابس، بدلا من أن يكون مكانها الوحيد هو القمامة والتخلص منها. ونظرا لأهمية هذه القضية التي تهم قطاعا من المحتاجين، تفتح «اليوم» ملف الملابس المستعملة، التي تلتقطها الصناديق بينما هي في الحقيقة تذهب لغير مستحقيها. أهم الماركات وقد تبنى محمد الحمام فكرة مشروع جمعية "كساء" لنشر ثقافة حفظ الملبس وتوزيع الفائض عن الحاجة من ملابس ومستلزمات، والعمل بطريقة احترافية، وذلك من خلال تأسيس الجمعية الخيرية "كساء"، مستنكرا المنظر غير الحضاري لصناديق جمع الملابس الموزعة بالأحياء، والتي تتعرض للغبار وتغيرات الجو، والتي لا توجد جهة تتبنى توصيل ما يوضع بهذه الصناديق لمستحقيها، بل على العكس تصبح هذه الملابس أشبه بالقمامة، وإن كانت من أغلى الأثمان والماركات، حيث تقوم الشركة المتعهدة بتحويل الملابس بعد أخذها من هذه الصناديق إلى قصاصات قماشية للتنظيف ليس أكثر، ولا تخدم الغرض الأساسي الذي وضعت له، وهو مساعدة الفقراء والمحتاجين. ومن هنا، جاء منطلق جمعية "كساء"، والتي يتركز نشاطها على وضع الاستراتيجية العامة وتقديم البرامج التوعوية من (محاضرات وندوات ومعارض) لتثقيف المجتمع حول الجمعية، وإبرام اتفاقيات مع الشركات والمؤسسات ذات العلاقة بالملبس واستقبال الفائض من الملابس والحقائب والأحذية. وأشار الحمام إلى أن الغرض الأساسي من الجمعية هو التغلب على مظاهر البذخ ورمي الزائد من الملابس وتوابعها، وإعادة توزيعها على مستحقيها؛ للوصول إلى أعلى مراتب تحقيق التكافل الاجتماعي، ونشر ثقافة المحافظة على الملبس وإشاعة روح العمل التطوعي، والارتقاء بالعمل الخيري، مبينا أن المستهدفين في الجمعية من جميع الشرائح في المجتمع، وتشجيعهم على شراء ما يحتاجونه بدون إسراف، وخاصة النساء اللاتي ربما يشترين مالا يحتجنه أو ربما يستخدمن الغرض لمرة واحدة ويقمن برميه، في حين توجد كثير من العائلات بحاجة ماسة إلى الملابس أو الحقائب او الأحذية خاصة طالبات الجامعة ذوات الدخل المحدود واللاتي لا يستطعن مجاراة زميلاتهن، فهذه الجمعية ستوفر لهن ما يحتجن، وما يميز هذه الجمعية أنها غير مخصصة للفقراء فقط فأي عائلة بحاجة لأي مستلزمات تستطيع أن تأتي للجمعية، وتأخذ ما تحتاجه بخصوصية تامة. وأشار الحمام إلى أن الجمعية ستستقطب مختصين بالخياطة لإصلاح الملابس أو الحقائب أو غيرها من المستلزمات التي ستصل للجمعية، فيما سيكون هناك مؤسسات خاصة لغسل وتنظيف هذه المستلزمات؛ لتكون صالحة وجاهزة للاستخدام عدا أنها ستوفر فرصا وظيفية لمن هن بحاجة لعمل سواء بالخياطة أو غيرها فيما يخدم أهداف الجمعية، مبينا أن الجمعية ستحوي قسما خاصا بالنساء ليتمتعن بالخصوصية التامة. وأبان الحمام أن الجمعية الآن حصلت على دعم من قبل بعض الجهات، حيث تكفلت إحدى المغاسل بغسيل جميع الملابس القادمة للجمعية، وبشكل مجاني كدعم تقوم به لدعم هذا المشروع الخيري، مبينا بأنه ستكون هناك محاضرات بالجمعية، تستقطب أهل الدين والاجتماع والاقتصاد، يقومون بإعطاء محاضرات تثقيفية مرتبطة بثقافة مجتمع لا ثقافة فرد؛ ليتعلم الجميع مفهوم الجمعية والرسالة التي تقدمها في ثقافة الملبس في حين أن التوجهات كثيرة للارتقاء بعمل "كساء". وعي حضاري وباستطلاع آراء الفتيات حول فكرة الجمعية، رحبت سلوى السيد بهذه الفكرة والتي تنم عن وعي حضاري بفكرة استغلال الفائض عن الحاجة بطرق راقية ومنظمة وبهذا تصل إلى مستحقيها بصورة لائقة. أما خيرية العيسى فقالت كنت في حيرة كيف أوصل ما أرغب بالاستغناء عنه سواء ملابس أو غيرها لمحتاجيها، وربما أضطر لرميها لعدم وجود جهة أوصلها لها حيث رفضت بعض الجمعيات الخيرية أخذها مني؛ لطلبهم أن أقوم بغسلها في مغاسل خاصة، وربما رفض البعض أخذها وطلبوا وضعها في الصناديق الخاصة، وهذا ما لم أرحب به لكن جمعية كساء ستكون خير مكان لوضع ما لا نحتاجه والتصدق به بدل رميه. تخفيف من الأعباء أما "أم محمد" والتي كانت مع ابنتها بالقرب من إحدى الحاويات؛ للبحث بداخل هذه الحاويات عما يناسبها وعائلتها لما تعانيه من حاجة اضطرتها لذلك، فتقول وجود مكان خاص لهذه الملابس يكفينا الإحراج والمعاناة في البحث، حيث نستطيع ان نأخذ ما نحتاجه دون التعرض لما يخدش كبرياءنا، فليس من السهل علي أن أخرج في وضح النهار للبحث عما يسد حاجة أبنائي من ملابس وغيرها. مضيفة بقولها لا أمانع ان أرتدي وأبنائي ملابس قديمة، لكنها بحالة جيدة فكما تعلمون الآن ارتفعت اسعار الملابس وجيل هذا اليوم يشاهد أقرانه ويشعر بالنقص والحسرة؛ لعدم توفر ما يوجد لديهم، فهذه الجمعية ستكون عونا لنا وتخفف من أعبائنا وتسعد أبناءنا فجزاكم خيرا بما تقدموه لنا. أما المواطن فهد الخميس فتطلع أن تقوم الجمعية وتصل للهدف المنشود، مثنيا على فكرتها، ومستعدا لأن يقوم بتقديم كل ما يستطيع من دعم سواء معنويا أو ماديا، مبينا أن المهم هو الإرتقاء بتفكير هذا المجتمع، حيث كنا في السابق نفرح بشراء ملابس جديدة وكنا لا نرتديها إلا في المناسبات، فتجد الفرحة ترسم علينا، لكننا في الوقت الراهن نقوم بشراء وارتداء ملابس جديدة كل يوم فلم نعد نشعر بقيمة ما لدينا، فنرمي ما لبس لمرة أو اثنتين متناسين ان هناك من لا يتوفر له ما يسد فاقته، مضيفا لا بد أن تقوم الجمعية بإيصال صوتها وخدماتها ورسالتها للمجتمع وذلك بعمل زيارات ومحاضرات داخل المدارس والجامعات ليشعر أبناؤنا بما هم عليه من نعمة ويقومون بالتوفير وعدم رمي ما يفيض عن حاجتهم، إنما ايصاله لمستحقيه وفي المكان الملائم. عهود التركي طالبة ثانوية أعجبتها فكرة الجمعية بمجرد سماعها، ووعدت أن تقوم بإرسال كل مالا تحتاجه للجمعية، وستساهم بنشر رسالة الجمعية وإخبار صديقاتها وأقاربها عنها، فهي فكرة رائعة بحد قولها لان الملابس التي توضع في الحاويات تتعرض للتلف من العوامل الجوية خاصة وأنها مكشوفة، وربما تتخلف الجهات التابعة لها بأخذ هذه الملابس منها مما يؤدي لتلفها قبل وصولها لمستحقيها، أما هذه الجمعية فستقوم على إصلاح حتى التالف منها ما يؤكد حرصها على القيام بهدفها وهذا شيء رائع بنظري. وأشادت سيدة الأعمال ندى الجبر بفكرة المشروع قائلة: جميل أن نرى شبابنا يفكر في مساعدة المحتاج والمحاولة لسد حاجاتهم بطريقة أكثر احترافية من خلال تحويل القطع القديمة إلى شبه جديدة، وقابلة للاستعمال وتدخل الفرحة على قلوب محتاجيها، ونحن بدورنا لا بد أن نقوم بدعمهم ومساعدتهم في إنجاح هذه الفكرة؛ للخروج بها من حيز الفكرة إلى نطاق التنفيذ والانتشار والارتقاء بثقافة الملبس في المجتمع، وخاصة للفتيات؛ لأنهن الأكثر شراء ورميا للأشياء دون مبالاة. ولم يختلف رأي سيف الهادي عن رأي ندى الجبر مشيرا الى أن سد حاجة الفقراء تكون بعدة طرق فمن لا يستطيع تقديم المال يستطيع تقديم أشياء أخرى تعود عليهم بالنفع والفائدة، وبهذا قد كسب أجرا وأفاد نفسا، خاصة وأن المجتمع اعتاد على أسلوب التبذير نساء ورجالا، فنشتري مانحتاجه ومايفيض عن حاجتنا احيانا أخرى ونقوم بالاستغناء عنه ببساطة، وانتقل ذلك لأبنائنا فترى لا مبالاة في الشراء، ومهما كان السعر ووسائل التقنية سهلت عليهم الشراء حتى عن طريق الانترنت وتوصيل الطلبات للمنازل، وهذا أدعى لزيادة الإنفاق والتبذير والفائض عن الحاجة، وبرأيي هذه الجمعية ستخدم الفقراء والأغنياء على حد سواء، وتتيح لميسوري الدخل القيام بعمل خيري دون أن يبذل أي عناء سوى بأخذ ما يستغني عنه لتلك الجهات، وهذا يفيد المتعففين من الناس، والذين لانعلم بحاجاتهم فربما هذه وسيلة نافعة لهم؛ لو نفذت بالطريقة الصحيحة التي رسمت. أما عن توفير الجمعية لوظائف أيضا للمحتاجين عن طريق مشغل الخياطة والخرازة، فبينت هدى الصالح أن الجمعية بذلك تحقق أهدافا كثيرة ونافعة للجميع فلم تكتف بسد حاجة الفقراء، ولا فتح فرصة للأغنياء وميسوري الدخل لينالو الأجر من الله، وإنما ستساهم بفتح باب الرزق لمن يحتاج عن طريق هذه الوظائف، فبذلك تتنوع الأهداف وتتحقق بفضل العمل المتكامل والوعي الذي ستأسس عليه. ورحبت نورة الدوسري إحدى الفتيات المهتمات بالتطوع والأعمال التطوعية بالفكرة، وأشارت الى أنها تفتح مجالا للتطوع أيضا، فيمكن أن يساعد كل من يحب الأعمال التطوعية بالعمل داخل الجمعية، ومساعدة كل من يرغب بمساعدة سواء باستقبال الأفراد الذين يحضرون الملابس، أو لمن يطلب الملابس، أو بجمع الملابس من الجهات المختلفة، فتتنوع الأعمال كل فيما يرغب لكي يتناسب مع كل التطلعات. فيما أعجبت ريم السعد بفكرة المحاضرات التي تقدمها الجمعية؛ لزيادة وعي المجتمع بثقافة الملبس، مشيرة إلى أنها من يحتاج أولا لهذه المحاضرات؛ لأن كثيرا ما تقوم برمي ملابس جديدة دون أن ترتديها لو لمرة واحدة، بسبب مثلا انها لم تعد تعجبها أو لم تصبح في قياسها او لأي سبب آخر، مضيفة أنها لا ترغب في ذلك وغالبا ما تشعر بتأنيب الضمير لأنها ترى الفقراء دون ملابس، وتحاول أن ترسلها للفقراء الذين تعرفهم، لكنها لا تتمكن في غالب الأحيان، فوجود مثل هذه الجمعية سيساعدها في تغيير قناعاتها وثقافاتها، مقترحة ان يكون من ضمن خدمات الجمعية خدمة الحضور للمنازل حال الاتصال بهم لأخذ الملابس الزائدة، لأنه لا تتوفر أحيانا وسيلة لايصال الملابس لتلك الجهة. حاويات ملابس لأكثر من جهة موزعة بالأحياء أنقاض وأوساخ تحاصر إحدى الحاويات الخليفة: تشويه المنظر العام في الشوارع يتعجب جاسم الخليفة من منظر حاويات الملابس التي امتلأت الشوارع بها دون هدف على حد قوله غير تشويه الشوارع بمنظرها المتهالك، وكمية المحتوى الذي يملؤها سواء بالملابس او المخلفات المرمية، مشبها إياها بأنها حاويات للقمامة من نوع آخر، حيث لا يوجد عليها لا رقيب ولا جهة مهتمة حتى الجهات التابعة لها لا تقوم بالاهتمام بها. ويقول: في السابق أعجبتنا فكرة وجود حاويات للملابس والكتب وغيرها من الحاويات، وسهلت علينا وضعها في الصناديق لكنها في الوقت الراهن لا جدوى لها سوى أن يضع أي منزل مخلفاته بها دون فائدة، فلا أجد أي أحد يقوم بتنظيف أو إفراغ هذه الحاويات إلا حينما تمتلئ بالكامل، وغالبا ما تجد ان الملابس رميت بجانب الحاوية لامتلاء الحاوية الأساسية، وهذا دليل على عدم متابعة من قبل الجهات المعنية. وأضاف الخليفة: أصبح في الشارع الواحد ما يزيد عن أربع إلى خمس حاويات، وتلاقيها جميعا بنفس الحالة وقد شوهت المنظر العام للطريق وزادت نفاياته، موجها سؤاله للجهات الخيرية التابعة لها حول دورها في الاهتمام بهذه الملابس والحاويات، فهل وضعت فقط للزينة، أم أن هناك أهدافا من وضعها؟. مضيفا: إنه توجد ملابس أحيانا باهظة الثمن أو حقائب وغيرها من الأشياء التي ترمى في هذه الحاويات، ومن الأولى أن يستفاد منها بدلا من تعرضها للتلف في انتظار من يرفعها من الجهات، خاصة ان لدينا بالمنطقة نسبة شراء مهولة والتخلص من الملابس حتى الجديدة. وأشار الخليفة الى أن الجمعية التي ستؤسس فكرة الارتقاء بثقافة الملبس وسيكون اهتمامها هو الاهتمام بكل ما يتعلق به، لهذا ستؤدي ما هو مأمول منها ولن تكون كغيرها ممن يضع حاويات دون الاستفادة منها، بل عليها المتابعة المستمرة والحرص على عملها لتحقيق أهدافها، ونحن نرحب بهذه الفكرة التي ستفتح الخير على الجميع. أحد المواطنين يقوم بوضع الملابس داخل الحاوية