في الأيام القليلة الماضية تم تداول صورة لسيارة قيل: إن من يقودها هو سائق من الجنسية الآسيوية وقام بضرب طفل صغير كان بمعيته بكل عنف، وحاول أحد المواطنين توجيه السائق للتوقف, ولكن سائق المركبة امتنع عن التوقف وقام هذا المواطن الغيور بتصوير لوحة السيارة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لعل وعسى يتوصل أحد لمعرفة صاحب المركبة. ولكننا - للأسف - ومنذ زمن فكل من يمر بالقرب من أي مدرسة لدينا في المملكة سواء أكانت مدرسة بنات أو أولاد وخاصة في المدارس الابتدائية والمتوسطة فسيرى المئات من السيارات التي يقودها سائقون أجانب لأخذ صغار الأطفال لإيصالهم إلى منازلهم. وفي كثير من الأحيان تجد المتناقضات، فأحيانا كثيرة ترى الطفل يمسك بيد السائق بطريقة تدل على عمق الثقة وعمق العلاقة بينهم ومرات أخرى ترى مدى التنافر بين الطفل والسائق. وهذا مؤشر خطير في حد ذاته، فالعلاقة الوطيدة بين الطفل والسائق وزيادة الثقة المتبادلة تعني أن الطفل لا يجد من الحنان الأسري ما يكفيه كطفل يحتاج للكثير من الحنان وفي الحالة وبسبب سنه الصغير يعتقد أن السائق هو جزء من البيت وفرد من أفراد الأسرة. ولكن إن كانت علاقة الطفل علاقة تنافر بين الطفل والسائق تصل إلى درجة يقوم فيها السائق بضرب الطفل الصغير والتعدي عليه أو ان يقوم الطفل بالاعتداء على السائق, فمعنى ذلك أن الأسرة غائبة تماما عما يحدث في محيطها. وما تم تداوله قبل عدة أيام حول السائق الآسيوي الذي كان يضرب الطفل الصغير هو ما تم رؤيته بمحض الصدفة، وهذا يعني أن هناك حالات كثيرة من سوء معاملة الاطفال الصغار على أيدي السائقين لم تتم ملاحظتها, سواء من أحد أفراد أسرة الطفل أو من أحد المارة. ولا أعرف هل قام الطفل - الذي تم ضربه - بإبلاغ والديه؟ أم أنه يعلم قيمة ما يمثله السائق المنزلي من أهمية لدى أسرته؟ ففي الوقت الحالي أصبح السائق جزءا لا يتجزأ من البيت السعودي، والكثير من السائقين يعرفون أنهم الطرف الأقوى في المعادلة. فهم يعرفون لو أن السائق قال: إنه يريد العودة لبلاده, فعندها سيقوم رب الأسرة بالإلحاح على السائق كي يبقى و قد يقوم بزيادة راتبه كي يثنيه عن قراره. وبالطبع نحن نعلم أن هناك من يسيء التعامل مع السائق وقد يكون ما قام به السائق هو رد فعل و نوع من الانتقام. ولكن هذا لا يعني أن له الحق في التعدي على طفل صغير، ومن المعروف أيضا ان الكثير من السائقين الذين يتم إساءة معاملتهم يقومون وبطريقة غير واضحة بتخريب سيارات كفلائهم عن طريق الاستخدام غير الصحيح للسيارة. وفي الوقت الحالي الكل يعلم بأن الكثير من الأسر تحتاج السائق ولكن يجب أن يكون هناك حسن التعامل مع السائق، وكذلك لا يجب تكليفه بأعمال القيادة إلا وقت الحاجة. ولكن فيما يخص المشاوير الخاصة بالأسرة في أوقات المساء فهي في الحقيقة أحد الواجبات المنوطة برب الأسرة أو أحد الأبناء ممن لديه رخصة قيادة. فالسائق يجب أن يكون وجوده كعامل مساعد في التوصيل ولا يجب الاعتماد عليه في كل شيء، لأن السائق في نهاية المطاف هو رجل أجنبي أتى من بيئة مختلفة ووجوده يجب أن يكون للأمور الضرورية، لأن وجوده يجب ألا يعفي رب الأسرة أو أبناءه من مسؤولياتهم الأسرية. * كاتب ومحلل سياسي