وضعه المالي متدهور رغم أن دخله يعتبر جيدا، لكن تكمن المشكلة في ادارة هذا الدخل، فلا مكان للادخار ولا للاستثمار في خريطته المالية، فموجة الاستهلاك أكلت الأخضر واليابس. حيث اضحت العائلة تسدد للكثير من مصروفاتها عبر القروض والديون وبطاقات الائتمان التي تُسهل الدين وتكسر حواجزه النفسية داخل الانسان حيث قرار الشراء لا يحتاج أكثر من تمرير بطاقة!! حديث الماركات تصدر بلا منازع نقشات العائلة وهو ذاته ضاغط على الأسرة التي أصبحت خاضعة لهذه البرمجة التي صنعتها الاعلانات الموجهة والمكثفة والتي تحاول أن تقنعك بأنك لا تستطيع العيش دون تلك السلعة أو الخدمة ورغم انها من الكماليات فهم يصورون لك انه من الضروريات عبر الزخم المخطط والمحتوى المبني على اسس نفسية معينة تجعلك تضعف أمام العروض وتندفع في الشراء وتجميع البضائع وتكديسها، وهنا الشراء ليس لغرض الشراء بل للتنفيس النفسي أو للاستعراض الاجتماعي وهذا في غاية الخطورة. أبي ماركة هو طلب يتكرر بشكل أكبر في هذه الأيام حيث طغت المظاهر والاستعراض وأصبحت تقييم الانسان عند البعض فيما يلبس لا فيما يقدم وفيما يقتني من سلع لا فيما ينتج من أعمال أو أفكار أو إبداعات!! من الحقائق التي يجهلها الكثر من الناس أن أكثر من %80 من الماركات العالمية تصنع في الصين وبنجلادش والهند ويكتب عليها اسم البلد صاحب الشركة الأم رغبة في الايحاء النفسي بأنها صنعت في لندن وباريس وجنيف ونيويورك وهذا يجعلهم يطلبون عشرات اضعاف قيمة السلعة الحقيقية. وكل ما سبق من حيل التسويق والاعلان وبناء الصورة الذهنية من خلال عدد من الاستراتيجيات تجعل على الانسان الواعي والمدرك الحريص على مستقبل مالي واعد ومستقر يقي نفسه من هذا السيل الجارف لشهوة الشراء والاقتناء ويفرق بين الحاجات والكماليات ويفكر بوضعه المالي المستقبلي برشد وتعقل وحساب لتقلبات الاسعار والتضخم وازدياد عدد افراد الاسرة حيث لا نريده يدفع ثمن هذا الانغماس الشرائي الخطير والذي يجني من ورائه في الغالب لذة عابرة يعقبها دين وهم وكرب وعجز واضطراب في المسار المالي. يستطيع كل واحد أن يقتني ما يريد وأن يعيش بشكل لائق لكن اسأل نفسك هل أنت ضعيف امام تلك العروض والدعاية والشعارات الكبيرة التي توضع أمامك والهدف منها ما في جيبك ام أن وعيك يجعل لك هدفا ماليا محددا وميزانية شهرية لها عدة بنود وخطة مالية سنوية ينمو فيها دخلك وتزيد فيها اعمالك وترقي فيها حياتك. استبدل «أبي ماركة» بسؤال أبي استثمر واستبدل أريد ان اشتري ب أريد أن ادخر وفكر أن البحث عن مصادر دخل اضافية لك يجعلك بعيدا عن خطورة الدخل الواحد الذي تعتمد عليه. وتأكد أنك تستطيع بتوفيق الله ونيتك الطيبة ووعيك الكبير أن تعيش حياة مالية رشيدة ومتنامية لا تقوم على النزوات بل على الاهداف والخطط ولا تنس بركة الصدقة والبر والاحسان فهي كنز من الكنوز العظيمة الجالبة للرزق.