شهدت شوارع مدينة عين العرب "كوباني" حرب كرّ وفرّ بين المتطرفين من عناصر داعش وقوات الحماية الكردية في منطقة الحي الصناعي التي تبعد نحو كيلومترين عن مركز المدينة، مدعومين بطائرات التحالف التي واصلت غاراتها على مواقع المتطرفين في سورياوالعراق، واستهدف المقاتلون الأكراد تجمعات لعناصر ينتمون إلى تنظيم "داعش" بالقذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة الثقيلة، فيما تحدثت معلومات عن وقوع خيانة بين قيادات تنظيم داعش أسفرت عن تكبيد التنظيم الإرهابي أكثر من ألف قتيل. من جهتها، أعلنت بريطانيا عن قيام طائرات بلا طيار بعضها يحمل أسلحة بطلعات استطلاعية قريبا فوق سوريا لجمع معلومات استخباراتية عن متشددي داعش. هجمات صاروخية وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لوكالة فرانس برس: "استهدف مقاتلو "وحدات حماية الشعب" فجر أمس، تجمعات لتنظيم داعش في مناطق تقع في القسم الشرقي من عين العرب (كوباني بالكردية) مستخدمين القذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة الثقيلة". وجاء ذلك بعدما شن تنظيم "داعش" مساء الإثنين، هجوماً جديداً على مواقع المقاتلين الأكراد في المدينة عقب تنفيذ اثنين من جهادييه تفجيرين انتحاريين بسيارتين مفخختين في شمالها. انفجار وغارات وتحدث بيان للمرصد عن دوي انفجار قوي "يعتقد انه ناجم عن انفجار سيارة مفخخة لتنظيم داعش في القسم الشرقي" من عين العرب الحدودية مع سوريا. وشنت طائرات التحالف الدولي الليلة قبل الماضية وامس غارات جديدة على مواقع التنظيم المتطرف الذي يسيطر على مناطق واسعة سورياوالعراق ويحاول منذ اكثر من شهر السيطرة على عين العرب. وقتل في غارات الإثنين، على كوباني خمسة مقاتلين ينتمون الى تنظيم "داعش"، فيما قتل 12 مقاتلا اخر من هذا التنظيم في الاشتباكات داخل المدينة بينهما عنصران فجر نفسيهما، وقتل خمسة مقاتلين اكراد في الاشتباكات ذاتها، بحسب ما اعلن المرصد في بيان ثان. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن المتطرفين تعرضوا لخسائر فادحة خلال الأيام الأخيرة، مضيفاً أن جثث ما لا يقل عن 70 متطرفاً وصلت تباعاً خلال الأيام الأربعة الماضية إلى المستشفى الوطني في مدينة تل أبيض، في محافظة الرقة، التي يسيطرون عليها. خيانة في داعش أشارت أنباء على موقع التواصل الاجتماعي "توتير" إلى وقوع خيانة بين قيادات تنظيم داعش في مدينة عين العرب "كوباني" السورية، أسفرت عن تكبيد التنظيم الإرهابي أكثر من ألف قتيل. وبث حساب باسم "ويكليكس دولة البغدادي" عدة تغريدات كشف فيها عن اسم القيادي الهارب وحجم الخسائر التي تعرض لها داعش من جراء هذه الخيانة، والإجراءات التي تم اتخاذها على الأرض لحماية القيادات وقواعد التنظيم من عمليات القصف المكثف للتحالف الدولي. وأكدت تغريدة أولى للحساب المذكور عن "اختفاء شخص مرافق لزعيم داعش أبو بكر البغدادي يدعى أبو أحمد علي عبد، وهذه الشخصية ملمة بجميع أسرار قيادة داعش ومواقعها". وأفادت تغريدة ثانية بقيام البغدادي، زعيم تنظيم داعش، بإجراءات سريعة شملت "تغيير المواقع والمستودعات، وتكثيف البحث والتحريات عن القيادي الغائب". وأشارت تغريدة ثالثة إلى "تكهنات حول قيام القيادي المذكور من من داعش ببيع أسرار التنظيم إلى التحالف الدولي، وهروبه في وقت أصبح فيه قصف قوات التحالف أكثر دقة". وجاء في تغريدة رابعة: "خبر مؤكد: قيادة تنظيم البغدادي تتحدث عن ألف قتيل من داعش في عين العرب، غالبيتهم من الأجانب، وأوامر بانسحاب تكتيكي تدريجي". عين العرب استراتيجية لتركيا من جانبه، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس، أن مدينة عين العرب "كوباني" مدينة استراتيجية لتركيا، وليس للولايات المتحدة، وقال: إن "التدابير التي سنتخذها حيال ذلك، ستكون ذات أهمية خاصة". ووفقا لوكالة أنباء "الأناضول" التركية، فقد انتقد أردوغان "سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها" الولاياتالمتحدة التي تقود التحالف ضد داعش في المنطقة، من دون ذكر اسمها صراحة"، قائلا :"تشعرون بكل هذا القلق حيال عين العرب، لكن لماذا لا تشعرون بأي قلق حيال بقية المدن السورية التي تشهد أحداثا مماثلة". وقال: إن "كوباني حاليا خالية من سكانها المدنيين، الذين هم في استضافة تركيا، وعددهم نحو مائتي ألف سوري كردي". وفي معرض تعليقه على اعتزام الحكومة تقديم مشروع قانون للبرلمان يمنح صلاحيات أوسع لأجهزة الأمن والقضاء في مواجهة أحداث شغب وعنف الشوارع ، لفت أردوغان إلى أن "إعطاء أولوية للحلول الأمنية يقيد الحريات العامة، وأن فهم الحرية على أنها انتهاك لحريات الآخرين من شأنه أن يزعزع الأمن"، مشيراً إلى أنهم "مضطرون إلى مسك العصا من الوسط والموازنة بين الحرية والأمن"، مؤكداً أن "أي عمل نتيجته القتل يعد جرماً". طائرات استطلاع بريطانية وفي السياق، قالت بريطانيا، أمس الثلاثاء: إنها صرحت بقيام طائرات بلا طيار بعضها يحمل أسلحة بطلعات استطلاعية فوق سوريا "قريبا" لجمع معلومات استخباراتية عن متشددي داعش. وقال وزير الدفاع مايكل فالون: إن طائرات من طرازي ريبر وريفيت ستحلق فوق سوريا ضمن "جهود لحماية أمننا القومي من التهديد الإرهابي الذي ينطلق من هناك." لكنه أكد في بيان مكتوب للبرلمان على أن الطائرات ريبر لن يسمح لها باستخدام أسلحتها في سوريا، وهو أمر قال: إنه سيتطلب "تصريحا جديدا". ولم تتمكن متحدثة باسم وزارة الدفاع من ان توضح على الفور ما إذا كان هذا يعني موافقة وزارية أم تصويتا في البرلمان. وأعلن فالون، الأسبوع الماضي، أن بريطانيا سترسل طائرات ريبر التي تحمل أسلحة الى الشرق الأوسط لتنفيذ ضربات جوية ضد دولة البغدادي في العراق. وصوت البرلمان البريطاني لصالح توجيه ضربات جوية ضد تنظيم داعش في العراق الشهر الماضي بعد طلب من الحكومة العراقية ولكن بريطانيا لا تشن ضربات جوية على سوريا. وكانت قالت من قبل: إن مثل هذه الضربات ستتطلب موافقة برلمانية جديدة. نجاح الغارات من جهته، قال الجنرال الأمريكي المتقاعد جيمس ماركس، المحلل العسكري لدى CNN، إن تطورات المعارك في مدينة عين العرب تؤكد بدء نجاح الضربات الجوية في إحداث تغيير ميداني، مضيفاً أن تركيا لن تتدخل إلا بحال تعرضها لتهديد. ولدى سؤاله حول ما إذا كانت الغارات الجوية قد ساهمت في جهود دعم المقاتلين المدافعين عن المدينة قال ماركس: "يجب على المرء الخروج ببعض الخلاصات. الغارات تساعد بالتأكيد، ففاعليتها تزداد." وتابع: "يبدو أن هناك وحدات تستطلع على الأرض وتحدد الأهداف، وقد تكون هذه الوحدات من الأكراد، أو من المعارضين السوريين في شمال البلاد، أو حتى من القوات الأمريكية الخاصة التي يمكنها التحرك أحيانا إلى داخل كوباني، انطلاقاً من تركيا المجاورة." ولفت ماركس إلى أن الضربات دفعت التنظيم إلى تغيير خططه قائلا: "يظهر أن الغارات تفعل فعلها، وقد اضطر داعش إلى التعامل مع معطيات جديدة، فالضربات الجوية تدفع التنظيم إلى تشتيت قواته، الأمر الذي يضر بقدرته على ممارسة القيادة والسيطرة، ولذلك تغيرت أساليب التنظيم من شن هجمات كبيرة ومركزة إلى شن عمليات مشتتة ومتفرقة، ولكنه في نهاية المطاف سيضطر لتجميع قواته في نقطة ما من أجل السيطرة على المدن، كما يحصل في كوباني، وعندها تعود الطائرات لتستهدفها مجددا." صعوبة اقناع تركيا وأقر ماركس بوجود تحديات تصعّب مهمة إقناع تركيا بالمشاركة في العمليات على نطاق أوسع قائلا: "المشكلة تتمثل في التوتر القائم بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، فالحزب مسؤول عن مقتل أتراك، وذلك تشعر الحكومة التركية أنها بحال المشاركة في قتال داعش فستكون كأنها تقدم الدعم لحزب العمال، وهو أمر لا يمكنها تقبله." وأضاف: "القضية الثانية تتمثل في رغبة تركيا بسقوط نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، ولذلك فهي لا ترغب في حصول أي أمر يساعد على تقوية نظامه."