كشف تقرير حديث أن الإحصائيات الرسمية المعلنة في المملكة أظهرت ارتفاع القيمة الإيجارية للمنازل بنسبة 73.5% خلال الأعوام السبعة الماضية، الأمر الذي شكل ضغطا كبيرا على دخول الأسر السعودية، وبالتالي تسجيل تكاليف الإيجار أعلى معدلات التضخم بالمقارنة بباقي أوجه الإنفاق الرئيسة. وعزا التقرير الصادر عن "المزايا" ذلك الارتفاع إلى مجموعة من المعطيات أهمها ارتفاع تكاليف البناء وارتفاع أسعار الأراضي وارتفاع مستويات الطلب والمستثمرين الذين يعملون على رفع الأسعار بشكل دائم من خلال المضاربات والمزايدات وصولا إلى ما هي عليه في الوقت الحالي. ويشكل هدف إعادة التوازن لقوى العرض والطلب من قبل الجهات الرسمية، وضخ المزيد من الوحدات السكنية انخفاض مستوى التضخم الحاصل في الأسعار. وبالنسبة للنشاط العقاري في المنطقة، أوضح التقرير أن أسعار العقارات في الكويت سجلت ارتفاعا متواصلا لترتفع أسعار الوحدات السكنية منها بنسبة 2.4% خلال الربع الأول من العام الحالي وبنسبة 3.9%، خلال الربع الرابع من العام 2013، وارتفع العقار الاستثماري بنسبة 4.4% في نهاية الربع الأول من العام الحالي وبنسبة 7% خلال الربع الرابع من العام الماضي. ويأتي ذلك نتيجة عدم إيجاد حلول جذرية للتحديات الإسكانية، بالإضافة إلى ضعف منتجات التمويل التي تعمل على تهدئة الطلب المتزايد والتأخير الحاصل في المشاريع التنموية التي تقوم الحكومة بتنفيذها، وأخيرا انحسار المساحات القابلة للاستثمار العقاري. الحد من ارتفاع الأسعار العقارية وأشار التقرير الى أن الإمارات العربية المتحدة تأتي في المقدمة على مستوى ارتفاع الطلب على المنتجات العقارية بين دول مجلس التعاون لترتفع أسعار العقارات بنسبة 30% في نهاية العام 2013. فيما سجلت أسعار العقارات السكنية في دبي ارتفاعا بنسبة 17.7% خلال الربع الأول من العام الحالي وفقا لمؤشر جلوبل هاوس لأسعار العقارات السكنية، فيما تواصل أسعار الأراضي في قطر ارتفاعها القياسي ليصل إلى 5 أضعاف منذ العام 2010، الأمر الذي سيحمل معه تأثيرات سلبية على حركة الاستثمارات وجدوى المشاريع العقارية على مستوى الكلف والعوائد المتوقعة وبشكل خاص لدى العاصمة الدوحة. وفي إطار البحث عن الحلول الجذرية لمعدلات التضخم التي تعود غالبيتها إلى الأنشطة العقارية المسجلة لدى دول المنطقة، فقد شدد التقرير على أهمية الحد من الارتفاع المتواصل على أسعار المنتجات العقارية، نظرا لتأثيراته السلبية على كلف الاستثمار العقاري وارتفاع كلف الإنتاج بكافة أنواعه وارتفاع احتمالات الدخول في اهتزازات مالية واقتصادية مصدرها القطاع العقاري وصولا إلى التحول من الاستثمار الحقيقي إلى المضاربات. ولتفادي الوقوع في المخاطر، بات لزاما البدء بعملية مراجعة شاملة لكافة التشريعات والقوانين المنظمة للأنشطة العقارية ومراقبة التطورات التي تسجلها السوق العقاري بشكل دائم من جهة، ولا بد من العمل على إيجاد حالة من التوازن بين قوى العرض والطلب من خلال ضخ المزيد من الاستثمارات على المشاريع العقارية من قبل القطاع العام والخاص وتوفير المزيد من الأراضي لهذه الغاية. مع الأخذ بعين الاعتبار أن تنظيم عمل السوق العقاري والقائمين عليه، يحتل المرتبة الأولى في الأهمية في هذا الاتجاه، نظرا لما تحمله الممارسات غير المهنية من تأثيرات على مستوى التضخم السائد على أسعار العقارات لدى كافة الدول. التبعات السلبية للتضخم وأوضح التقرير أن اقتصاديات دول المنطقة تأثرت بالعديد من الدورات الاقتصادية منذ بداية العمل بالبناء والتشييد وصولا إلى المستوى الحالي من الانجاز على مشاريع التنمية والبنى التحتية، وتأثرت اقتصاديات دول المنطقة بكافة التطورات المالية والاقتصادية التي سجلها الاقتصاد العالمي. فيما تأثرت بشكل أكبر من التبعات السلبية للتضخم المستورد كونها تصنف من بين الدول المستوردة لغالبية السلع والخدمات. في المقابل سجلت دول المنطقة العديد من التطورات الداخلية أسهمت وبشكل مباشر في رفع معدلات التضخم لديها إلى مستويات خطرة على اقتصادياتها، يأتي في مقدمتها الارتفاع الكبير والمتواصل على أسعار إيجارات العقارات بكافة أنواعها، بالإضافة إلى الارتفاع المتواصل الذي تسجله أسعار المبايعات العقارية وبشكل يتعارض والدورات الاقتصادية التي ترفع وتخفض قوى العرض والطلب. وتستحوذ مسارات أسعار الطاقة أيضا على نصيب جيد من معدلات التضخم المسجلة من وقت إلى آخر انسجاما مع ما هو مسجل لدى الأسواق العالمية، حيث تلجأ دول المنطقة إلى تعديل الأسعار السائدة تبعا لذلك. في المقابل فإن الانتعاش الاقتصادي والانتعاش الكبير الذي سجلته أسواق العقارات، نتيجة ارتفاع أسعار النفط وتدفق الاستثمارات الأجنبية والنمو السكاني، أدى في المحصلة إلى تسجيل ارتفاعات سعرية على كافة السلع والخدمات. وبين هذا الاتجاه وذاك بات واضحا أن كافة المؤشرات المالية والاقتصادية ترجح اتجاه الأسعار نحو الأعلى على المنتجات العقارية وغير العقارية، وبما يشمل كافة السلع والخدمات وبغض النظر عن الحالة الاقتصادية السائدة نظرا لحالة التداخل الكبيرة بين اقتصاديات المنطقة والعالم، الأمر الذي يجعلها عرضة لكافة التطورات الايجابية والسلبية التي يسجلها الاقتصاد العالمي في كافة الظروف. صعوبات كبيرة وأظهر تقرير المزايا أن للتضخم تأثيرات سلبية على اقتصاديات دول المنطقة قد تمتد إلى كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية وصولا إلى التأثير في معدلات النمو المستهدف وتعظيم القيمة الاقتصادية المضافة، التي تسعى كافة دول المنطقة لتحقيقها من خلال التركيز على المشاريع الاستراتيجية الضخمة. ويقول التقرير إن صعوبة توقع معدلات التضخم ستؤثر بشكل مباشر على قرارات الاستثمار والمستثمرين نتيجة لحالة عدم اليقين التي يفرضها التضخم على الاقتصاد المحلي لكل دولة وجدوى المشاريع المنوي تنفيذها، الأمر الذي سيؤدي بالمحصلة إلى تراجع حجم الاستثمارات وانخفاض القدرة التنافسية للمنتجات، بالإضافة إلى صعوبات كبيرة في جذب الاستثمارات الخارجية. في حين تحمل معدلات التضخم المرتفعة في ظل صعوبة إيجاد الحلول الجذرية لها، الكثير من أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين للبحث عن مواقع أخرى تنخفض فيها معدلات تآكل العوائد الاستثمارية. وعلى مبدأ أن التضخم ليس فقط الزيادة في أسعار سلعة واحدة وإنما الزيادة في المستوى العام للأسعار وبصورة مستمرة، يلاحظ التقرير، أن الارتفاع المسجل على أسعار النفط من مستوى 50 دولارا للبرميل في العام 2006 إلى 107 دولارات للبرميل في الوقت الحالي عمل على زيادة المداخيل، وبالتالي زيادة الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات المستوردة. وتأتي الزيادة الكبيرة في أعداد الوافدين نتيجة التوسع المسجل على قطاعات السياحة والعقارات والخدمات وقطاعات الغاز والإعلام والتعليم وغيرها من القطاعات التي تستهدف تنويع الهياكل الاقتصادية لدى دول المنطقة كمسبب رئيس لارتفاع غالبية أسعار السلع والخدمات، وأسهمت أيضا في تراجع نوعية الخدمات وبشكل خاص لدى قطاع التشييد الذي لم يعد بمستوى الجودة المعيارية المطلوبة، الأمر الذي سيرفع من كلف الصيانة وانخفاض العمر الافتراضي لهذه المباني، وهكذا. إلى ذلك فقد أدى الارتفاع الكبير في القيم الإيجارية بنتائج سلبية على اقتصاديات دول المنطقة وبشكل متفاوت، إلى ذلك تعتبر دول المنطقة من الدول ذات المستوى المرتفع من السيولة الأمر الذي رفع من القدرة الاقراضية للمؤسسات المصرفية العاملة فيها التي تتركز على الجوانب الاستهلاكية والتوسع في الأنشطة العقارية والمضاربة لدى الأسواق المالية ما انعكس على الأسعار السائدة. فيما يحمل التراجع المستمر على قيمة الدولار الأمريكي رفع كلف الواردات من الخارج، وبالتالي التأثير على أسعار كافة الأنشطة المالية والاقتصادية. خاسرون ورابحون وأشار التقرير الى أنه تبعا لتصريحات صندوق النقد الدولي، فإن التضخم لدى الدول الخليجية سببه الرئيس الأنشطة العقارية، ومن ثم الجوانب المتعلقة بأسعار صرف الدولار نظرا لحالة التداخل التي يحتفظ بها القطاع العقاري بعدد لا محدود من القطاعات الإنتاجية والخدمية. والحديث هنا يدور حول الممارسات والأنشطة المسجلة لدى القطاع العقاري خارج حسابات العرض والطلب الحقيقي والارتفاع الطبيعي الذي تسجله أسعار المواد الداخلة في عملية البناء والتشييد، بالإضافة إلى أجور العمالة وهوامش الأرباح للمستثمرين وما إلى هنالك من تكاليف حقيقية مصاحبة للبناء والتشييد. فالحديث هنا يتركز على تضخيم الطلب غير الحقيقي والمضاربات المستمرة بدءا من الأراضي مرورا بتكاليف البناء وصولا إلى الأسعار المبالغ فيها للمستفيد النهائي سواء كان ذلك على مستوى التأجير أم البيع. وتؤكد كافة المعطيات أن المستفيد الوحيد من هذه الاتجاهات هم الملاك وشركات التطوير العقاري والسماسرة والخاسر الأول هو النمو الاقتصادي الحقيقي واستقراره في ظروف الانتعاش والتراجع. الجدير ذكره هنا - ومع حالة الارتداد والانتعاش التي تشهدها دول المنطقة - أصبح من الصعب تحديد مسببات الارتفاع على أسعار العقارات هل هي انعكاس لحالة ارتفاع في الطلب الحقيق أم انعكاس لعمليات مضاربة لم تظهر تأثيراتها الحقيقة بعد. وترجح الارتفاعات السريعة لأسعار العقارات المسجلة خلال السنوات الثلاث الماضية نظرية المضاربة والدخول في المحظور بوصول الأسعار إلى أعلى مستوى، ومن ثم الاستعداد لمرحلة انخفاض متوقعة بمزيد من القوانين والمراقبة والمتابعة لكافة التطورات التي تعكسها الأنشطة العقارية المسجلة لدى دول المنطقة وبشكل الخاص المضاربات العقارية.