كشف تقرير صدر مؤخراً عن صندوق النقد الدولي، أن التضخم لدى الدول الخليجية سببه الرئيسي الأنشطة العقارية، ومن ثم الجوانب المتعلقة بأسعار صرف الدولار؛ نظرا لحالة التداخل التي يحتفظ بها القطاع العقاري بعدد لا محدود من القطاعات الإنتاجية والخدمية، وفقا لتقرير "مال" الاقتصادية السعودية. وتدور الممارسات والأنشطة المسجلة لدى القطاع العقاري خارج حسابات العرض والطلب الحقيقي والارتفاع الطبيعي الذي تسجله أسعار المواد الداخلة في عملية البناء والتشييد، بالإضافة إلى أجور العمالة وهوامش الأرباح للمستثمرين، وما إلى ذلك من تكاليف حقيقية مصاحبة للبناء والتشييد وفقا لصحيفة "اليوم". فالحديث هنا يتركز على تضخيم الطلب غير الحقيقي والمضاربات المستمرة، بدءا من الأراضي مرورا بتكاليف البناء وصولا إلى الأسعار المبالغ فيها للمستفيد النهائي، سواء كان ذلك على مستوى التأجير أم البيع، وتؤكد كافة المعطيات أن المستفيد الوحيد من هذه الاتجاهات هم الملاك وشركات التطوير العقاري والسماسرة، والخاسر الأول هو النمو الاقتصادي الحقيقي واستقراره في ظروف الانتعاش والتراجع. والجدير ذكره هنا، ومع حالة الارتداد والانتعاش التي تشهدها دول المنطقة، أصبح من الصعب تحديد مسببات الارتفاع على أسعار العقارات، هل هي انعكاس لحالة ارتفاع في الطلب الحقيقي أم انعكاس لعمليات مضاربة لم تظهر تأثيراتها الحقيقة بعد، وترجح الارتفاعات السريعة لأسعار العقارات المسجلة خلال السنوات الثلاث الماضية نظرية المضاربة، والدخول في المحظور بوصول الأسعار إلى أعلى مستوى، ومن ثم الاستعداد لمرحلة انخفاض متوقعة بمزيد من القوانين والمراقبة والمتابعة لكافة التطورات التي تعكسها الأنشطة العقارية المسجلة لدى دول المنطقة، وبشكل خاص المضاربات العقارية. تأثرت اقتصاديات دول المنطقة بالعديد من الدورات الاقتصادية منذ بداية العمل بالبناء والتشييد وصولا إلى المستوى الحالي من الانجاز على مشاريع التنمية والبنى التحتية، وتأثرت اقتصاديات دول المنطقة بكافة التطورات المالية والاقتصادية التي سجلها الاقتصاد العالمي، فيما تأثرت بشكل أكبر من التبعات السلبية للتضخم المستورد؛ كونها تصنف من بين الدول المستوردة لغالبية السلع والخدمات. في المقابل، فقد سجلت دول المنطقة العديد من التطورات الداخلية ساهمت وبشكل مباشر في رفع معدلات التضخم لديها إلى مستويات خطرة على اقتصادياتها، يأتي في مقدمتها الارتفاع الكبير والمتواصل على أسعار إيجارات العقارات بكافة أنواعها، بالإضافة إلى الارتفاع المتواصل الذي تسجله أسعار المبايعات العقارية وبشكل يتعارض والدورات الاقتصادية التي ترفع وتخفض قوى العرض والطلب. وتستحوذ مسارات أسعار الطاقة أيضا على نصيب جيد من معدلات التضخم المسجلة من وقت إلى آخر، انسجاما مع ما هو مسجل لدى الأسواق العالمية، حيث تلجأ دول المنطقة إلى تعديل الأسعار السائدة تبعا لذلك، في المقابل فإن الانتعاش الاقتصادي والانتعاش الكبير الذي سجلته أسواق العقارات، نتيجة ارتفاع أسعار النفط وتدفق الاستثمارات الأجنبية والنمو السكاني، أدى في المحصلة إلى تسجيل ارتفاعات سعرية على كافة السلع والخدمات، وبين هذا الاتجاه وذاك فقد بات واضحا أن كافة المؤشرات المالية والاقتصادية ترجح اتجاه الأسعار نحو الأعلى على المنتجات العقارية وغير العقارية، وبما يشمل كافة السلع والخدمات وبغض النظر عن الحالة الاقتصادية السائدة نظرا لحالة التداخل الكبيرة بين اقتصاديات المنطقة والعالم، الأمر الذي يجعلها عرضة لكافة التطورات الايجابية والسلبية التي يسجلها الاقتصاد العالمي في كافة الظروف. وأظهر تقرير شركة المزايا القابضة الأسبوعي إلى الارتفاع المسجل على الأنشطة العقارية لدى السوق العقاري السعودي، حيث أظهرت الإحصائيات الرسمية المعلنة ارتفاع القيمة الإيجارية للمنازل بنسبة 73.5% خلال السنوات السبع الماضية بالمملكة، الأمر الذي شكل ضغطا كبيرا على دخول الأسر السعودية، وبالتالي تسجيل تكاليف الإيجار أعلى معدلات التضخم بالمقارنة بباقي أوجه الإنفاق الرئيسية، ويعود هذا الارتفاع إلى مجموعة من المعطيات أهمها ارتفاع تكاليف البناء وارتفاع أسعار الأراضي وارتفاع مستويات الطلب والمستثمرين الذين يعملون على رفع الأسعار بشكل دائم من خلال المضاربات والمزايدات، وصولا إلى ما هي عليه في الوقت الحالي، ويشكل هدف إعادة التوازن لقوى العرض والطلب من قبل الجهات الرسمية، وضخ المزيد من الوحدات السكنية من شأنه أن يخفض مستوى التضخم الحاصل على الأسعار.