في أراض محاذية لمنطقة عصرية خارج الدار البيضاء، يقوم المغاربة بشراء قطع أراض سكنية ستقوم واحدة من أكبر شركات البناء في الشرق الأوسط بتحويلها إلى مدينة صغيرة جديدة. وخطة مجموعة بن لادن السعودية القائمة في جدة والبالغة 346 مليون دولار ستقوم بتحويل 2.5 كيلو متر مربع من أراض كانت تابعة في السابق للسلطة المحلية إلى مساكن تتسع لحوالي 150 ألف شخص، إلى جانب مستشفيات وبحيرة اصطناعية. وقالت ناهد عراقي، المدير التنفيذي للمبيعات في جاران، الشركة المحلية التابعة لمجموعة بن لادن السعودية، في مقابلة في السابع والعشرين من أيلول (سبتمبر): «إن قطع الأراضي تباع بشدة، ونتوقع أن نقوم بإغلاق البيع هذا الشهر». «مدينة فكتوريا» هي أحدث رهان على المغرب، حيث الاستثمارات الأجنبية في العقارات والسياحة والتصنيع تسعى لتحقيق الأرباح من دولة عربية مستقرة في وقت الاضطرابات الإقليمية التي لم يسبق لها مثيل. وقالت رينو، ثالث أكبر شركة صناعة سيارات في أوروبا: إنها قد تقوم هذا الشهر ببناء المحركات في المغرب، حيث تملك بالأصل مصنعاً في مدينة طنجة الساحلية. لقد انخفضت مخاطر الائتمان في البلاد هذا العام في حين أن مؤشر الأسهم الرئيسي قد ارتفع بنسبة 11 %، متوجهاً نحو أول ارتفاع سنوي له منذ عام 2010. وتجنب المغرب أسوأ الاضطرابات التي اجتاحت أجزاء من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ عام 2011 من الإطاحة العنيفة ببعض الحكومات إلى ظهور الجماعات المتطرفة مثل «داعش». والحزب الإسلامي الرئيسي في البلاد، الذي قاد الحكومة منذ الفوز بأول انتخابات برلمانية له قبل ثلاثة أعوام، قد ابتعد عن تحدي شرعية العائلة المالكة. وفي المقابل، قام الملك محمد السادس بنقل بعض الصلاحيات إلى الحكومة وإطلاق سراح النشطاء الإسلاميين من السجن. وقال فيليب دوبا بانتاناسي، خبير الاقتصاد الأول للشرق الأوسط وشمال إفريقيا القائم في لندن في بنك ستاندرد تشارترد: إن الهجمات العسكرية مثل تفجيرات عام 2011 في مدينة سياحية رئيسية كانت نادرة واقتصاد المغرب قد «تعافى بسرعة نسبية» من الحوادث الماضية. وأضاف دوبا بانتاناسي: إن تدفقات رأس المال الداخلة هي بمثابة دفعة للمغرب في الوقت الذي يسعى فيه إلى تنويع مصادر التوسّع الاقتصادي خارج قطاع الزراعة مع التركيز على صناعة السيارات، والطاقة المتجددة والبنية التحتية. وقال: إن تقليص اعتماد الاقتصاد على الزراعة هو أكبر تحدّ يواجه المغرب. وتظهر بيانات رسمية أن صادرات السيارات ارتفعت بنسبة 34% في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2014 لتصبح 3 مليارات دولار، وهي الزيادة الأكبر بين أي صناعة، بعد أن أضافت شركة رينو خط تجميع ثان في عام 2013. والاستثمارات أيضاً قد تساعد المغرب على معالجة بطالة الشباب والفقر، وهي القضايا التي أشعلت الانتفاضات في بلدان مثل مصر وتونس. وقال صندوق النقد الدولي في العام الماضي: إنه في حين أن النمو الاقتصادي قام بإخراج كثير من الناس من الفقر، إلا أنه قد ارتفع عدم المساواة قليلاً خلال العقد الماضي، حتى عند مقارنتها مع غيرها من الأسواق الناشئة. وبعد الاعتراف بجهود التنويع، قامت وكالة موديز لخدمة المستثمرين الشهر الماضي بتغيير الآفاق الخاصة بتصنيف المغرب من مستقرة إلى سلبية. وفي حين أن التوسع الاقتصادي سوف يتباطأ هذا العام إلى حوالي 3.5 %، إلا أنه من المتوقع أن تساعد السياسة الاقتصادية في البلاد على رفع النمو المحتمل إلى 5.5 بالمائة على المدى المتوسط، وذلك وفقاً لصندوق النقد الدولي. وقال سيرجي ديرجاتيف، الذي يساعد في الإشراف على 10 مليارات دولار في سندات الأسواق الناشئة من خلال عمله كمدير محفظة أول في يونيون إنفيستمنت برايفتفوندز في فرانكفورت: إن المغرب يملك «مقاييس اقتصادية قوية جداً. لقد حصل على نمو ثابت للناتج المحلي الإجمالي ومديونية خارجية منخفضة». وقد وافق صندوق النقد الدولي على خط ائتمان احترازي بقيمة 5 مليارات دولار في شهر آب (أغسطس) لتمكين المغرب من مواجهة الصدمات الاقتصادية غير المتوقعة بعد انتهاء صلاحية تسهيلات سابقة هذا العام، كما قام مجلس التعاون الخليجي، التكتل المكون من ستة أعضاء والذي يشمل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أيضاً بإضافة مليارات الدولارات كمساعدات لدعم الاقتصاد المغربي. والأموال من مجلس التعاون الخليجي تعكس تحالفاً استراتيجياً يعود تاريخه إلى أوائل الستينيات. وعلى مر السنين، قامت السعودية بتزويد المغرب بالنفط، والتمويل، والاستثمارات والوظائف، وهو ما ساعد على تقليص اعتماد دولة الشمال الإفريقي على الروابط الأوروبية التي تم تأسيسها خلال الحكم الاستعماري الفرنسي. وقال محمد أبو باشا، خبير الاقتصاد في إي إف جي هيرميس، وهو بنك استثماري مقره القاهرة: إن ظهور أموال دول الخليج تعتبر «بالتأكيد أخبارا جيدة بالنسبة للمملكة». وأضاف: «إنها تسمح للمغرب بالتنوّع الذي تشتد الحاجة إليه من تدفقات رأس المال الداخلة. إن هيمنة أوروبا قد تسببت بألم كبير للمغرب في الأعوام القليلة الماضية». وفي الدار البيضاء، وصال كابيتال، وهو الصندوق المغربي المدعوم بشكل كبير بأسهم من مؤسسات استثمارية قطرية وإماراتية وكويتية، وهو وراء التطوّر الذي سيتضمن تحديث محطة رحلات بحرية، وفنادق، ومكاتب ومنازل. كما استثمر أيضاً في مشاريع إسكانية وسياحية في الرباط تركّزت على مسرح من تصميم زها حديد. ووضعت شركة أكوا للطاقة السعودية الأموال في مصنع للطاقة الشمسية في ورزازات، وهي واحدة من أفقر المناطق في المغرب، والمقرر أن يقوم بتوليد 160 ميجاوات من الكهرباء في وقت قريب اعتباراً من عام 2016. وقال أبو باشا: إن الأموال من دول الخليج لا توجد وراءها دوافع سياسية بالضرورة. وقال: إن هناك «أموالاً خاصة تستهدف قطاعات مختلفة في المغرب، وأهمها البنية التحتية. وحتى لو كان هناك دافع سياسي في التركيز على المغرب، إلا أن جزءاً كبيراً منه يعود إلى الفرص الاستثمارية التي تولد عوائد جيدة».