قالت مصادر في البنك السويسري «يو بي إس» وبنك باركليز إن الأسوأ قد انتهى بالنسبة لأسعار النفط العالمية. وبدأت أسعار خام برنت بالتعافي إثر أكبر انخفاض ربعي تشهده هذه الأسعار منذ أكثر من سنتين بعد تخفيض السعودية إنتاجها وتزايد الطلب على النفط، كما قالت المصادر. وقال جيوفاني ستونوفو، أحد المحللين في بنك «يو بي إس» في زيوريخ في رسالة بالبريد الإلكتروني يوم أمس: «إن الشيء الأهم هو المعروض من النفط، وإن السعودية تعمل الآن على إعادة التوازن للسوق. يجب أن تحل نهاية انخفاض أسعار النفط الخام». وتراجع نمو الطلب العالمي على الإنتاج في الربع الثاني من هذه السنة إلى أضعف مستوى يصل إليه منذ عام 2011، وفي نفس الوقت تظهر بيانات كل من وكالة الطاقة الدولية ووزارة الطاقة الأمريكية أن الانتاج الأمريكي ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ ثلاثة عقود. كما قامت السعودية، أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، بتخفيض إنتاجها في شهر أغسطس (آب)، وهو التخفيض الأكبر الذي تقوم به منذ 20 شهرًا. وقال شخص مقرّب من سياستها النفطية يوم 26 سبتمبر إنها ستحافظ على مستوى منخفض من إنتاجها حتى نهاية هذه السنة، حيث يتزايد الطلب على الوقود بسبب فصل الشتاء. وانزلقت أسعار العقود الآجلة لخام برنت في الربع الثالث من السنة في بورصة لندن المتخصصة بأسعار السلع إلى ما دون نطاق 95 إلى 100 دولار للبرميل الواحد وهو المجال السعري الذي وصفه وزير النفط السعودي على النعيمي بالعادل في اجتماع أوبك الذي عُقد في شهر يونيو (حزيران) من هذه السنة. وكانت هذه الأسعار قد انخفضت بسبب استعادة ليبيا إنتاجها ليصل إلى أعلى مستوى له منذ سنة، وتباطؤ النمو الصيني، وعدم تسبب الأزمات الجارية في كل من العراق وأوكرانيا في إعاقة الواردات. وكمثال على ذلك، في يوم 29 سبتمبر تقلص الفرق في سعر الخام بين برنت وخام غرب تكساس المتوسط، إلى أدنى حد يصل إليه منذ 13 شهرًا. سياسة أوبك أخبرت السعودية منظمة أوبك أن إنتاجها تقلص بمقدار408,000 برميل في اليوم - وهو أكثر من النمو المتوقع على الطلب في الصين في هذه السنة - وليصل إنتاج المملكة إلى 9.6 مليون برميل في اليوم. وتعتزم المملكة الإبقاء على هذا المستوى في الفترة المتبقية من السنة، بينما تتوقع وكالة الطاقة الدولية زيادة في معدل الطلب قدرها600,000 برميل في اليوم من الآن وحتى شهر ديسمبر، مقارنة بربع السنة السابق (أي الربع الثالث من هذه السنة). وتظهر بيانات وكالة الطاقة الدولية أن فترة الربع الرابع من هذه السنة ستشهد أقوى طلب مقارنة بأي ربع من كل سنة من السنوات الخمس الماضية. وتتوقع الوكالة أن هذه السنة لن تكون مختلفة عن غيرها، حيث يرتفع الاستهلاك ليبلغ مستوى 93.9 مليون برميل في اليوم في فترة الأشهر الثلاثة من هذه السنة التي تنتهي في 31 كانون الأول (ديسمبر)، قبل أن تنخفض إلى مستوى 92.8 مليون برميل في اليوم في الربع الأول من عام 2015. استهلاك الوقود قال غاريث لويس دافيز، الباحث الاستراتيجي الأعلى في بنك بي إن بي باريبا، في حديث له على الهاتف من لندن يوم 26 سبتمبر: «سيبدأ الطلب العالمي على الخام بالزيادة على أساس موسمي وبسبب ازدياد إنتاج مصافي النفط الجديدة في الشرق الأوسط والصين». وقالت أمريتا سين، المحللة الرئيسية لسوق النفط في مؤسسة الاستشارات، إينيرجي أسبتكس في لندن يوم 24 سبتمبر، إنه توجد علامات على انتعاش ضعيف في الطلب، ولذلك ربما تكافح الأسعار للعودة إلى سابق عهدها. وهي تتوقع أن يكون معدل أسعار خام برنت 97 دولارًا للبرميل في الربع الرابع من هذ السنة. وقللت وكالة الطاقة الدولية من توقعاتها على الطلب في هذه السنة والعام القادم في تقريرها الذي نشرته يوم 11 سبتمبر حول سوق النفط في العالم، مشيرة إلى آفاق ضعيفة للنمو الاقتصادي العالمي. وكانت هذه الوكالة، التي تقدّم المشورة إلى 29 دولة، خفضت في توقعاتها للاستهلاك العالمي منذ شهر يوليو بمقدار300, 000 برميل في اليوم ليصبح 93.8 مليون برميل في اليوم في عام 2015. التباطؤ في الصين ويتوقع اقتصاديون، أجرت مؤسسة بلومبيرج الإخبارية استبيانًا لآرائهم، بأن ينمو الاقتصاد الصيني، وهو ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولاياتالمتحدة، بنسبة 7 في المائة، وهو أقل معدل لها منذ عام 1990. وكان الاقتصاد الصيني ينمو بمعدل 9.9 في المائة في السنة منذ عام 1990، وذلك حسب بيانات جمعتها بلومبيرج. وقال هاري تشيلينغويريان، رئيس استراتيجيات أسواق السلع في بنك بي إن بي باريبا في بريد إلكتروني له أرسله يوم 29 سبتمبر: «لا نعتقد أن السماح بحدوث فترة طويلة من الانخفاض بأسعار النفط، يصب في مصلحة دول أوبك، خاصة السعودية». وقالت بنوك «بي إن بي باريبا» و«يو بي إس» وباركليز إنها تتوقع المزيد من التخفيضات في إنتاج النفط في هذه السنة. وقال ميسوين ماهيش، المحلل في شؤون النفط في بنك باركليز في لندن بالهاتف في يوم 26 سبتمبر، إن هناك ضرورة لإزالة كميات فائضة من السوق تتراوح ما بين 400 إلى نصف مليون برميل يوميًا. وحسب مسح أجرته مؤسسة بلومبيرج الإخبارية بين شركات النفط والمنتجين والمحللين، ضخّت دول أوبك 30.9 مليون برميل يوميًا في شهر سبتمبر.. وهذا يعني زيادة في تقديرات نفس المجموعة بمقدار750,000 برميل في اليوم لحجم حاجة العالم من النفط في الربع الرابع من هذه السنة. وأضاف ماهيش إنه ربما تجري السعودية تخفيضات إضافية أو تجري تغيّرات على الواردات بسبب «تراجع» الإنتاج في اثنين من البلدان الأخرى الأعضاء في منظمة أوبك، وهما العراق وليبيا. الحرب على داعش تقوم الولاياتالمتحدة وحلفاؤها في هذه الأيام بقصف أهداف في سورياوالعراق التي تعتبر ثاني أكبر منتج للنفط في دول أوبك، لصد مسلحي الدولة الإسلامية الذين استولوا على مساحات من الأراضي في كلا البلدين. وقد تجنب جنوبالعراق الذي تقول وكالة الطاقة الدولية إنه المكان الذي ينتج ثلاثة أرباع النفط في البلاد، الوقوع في هذا الصراع. أما ليبيا التي تحتوي على أكبر احتياطي نفطي في إفريقيا فهي اليوم مقسّمة سياسيًا، في الوقت الذي انتقلت فيه حكومتها المعترف بها دوليًا وإدارات حكومية مختلفة في العاصمة طرابلس إلى طبرق. وقد قال محمد الهراري، المتحدث باسم شركة النفط الوطنية، إن إنتاج البلاد الحالي الذي استقر عند معدل 900 ألف برميل من النفط تعطل في الشهر الماضي بسبب احتجاجات جرت في حقل جيالو وهجمات صاروخية ألحقت أضرارًا بمصفاة الزاوية. وقال ماهيش المحلل في بنك باركليز: «نحن بحاجة لرؤية توازن يأتي من جانب العرض، ويبقى أن نرى الشكل الذي سيكون عليه. العامل الأكبر هو ما إذا كانت التخفيضات في إنتاج أوبك ستكون اختيارية أو ما إذا كانت ستحدث انتكاسة جديدة».