تمّ إنجاز جسر الجمرات، وفق ما جاء على لسان الأمير الدكتور منصور بن متعب وزير الشؤون البلدية والقروية، ليعمل بكامل طاقته، وهو المشروع الذي قضى وإلى الأبد على إشكالية التزاحم عند رمي الجمرات، وقدّم لمواكب الحجيج أفضل تنظيم وأيسر طريقة لتفادي معضلة ظلت تؤرق الكثيرين إلى أن تم- ومنذ بضع سنوات- العمل بهذا الجسر بأدواره المتعددة التي سهلت هذه الشعيرة الدينية، حيث بات في وسع القيادات التنظيمية إحكام السيطرة على مداخل الجسر ومخارجه، وتحديد الطاقة الاستيعابية لكل معبر على مدار الساعة، وبما يُمكن ضيوف الرحمن من أداء هذا المنسك دون أي معاناة، وهو مجرد مشروع واحد في سلسلة مشاريع التوسعة والتطوير التي تشهدها المشاعر المقدسة في مكةالمكرمة عاما بعد آخر، وتقف خلفها قيادة هذا الوطن وفي طليعتهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله وسمو ولي عهده الأمين، حيث بقي هاجس التطوير المتواصل في ذهن قيادة هذا الوطن، المشروع المفتوح على الدوام، والذي لا يُمكن أن توقفه أو توصد أبوابه نجاحات مواسم الحج المتلاحقة، ولا القدرات التنظيمية العملاقة، والجهود المباركة التي استطاعت بفضل الله أولا ثم بفضل ما توليه حكومة هذا الوطن من الرعاية، وما تنفقه من الأموال في سبيل تحويل مشقة الحج إلى رحلة إيمانية خالصة إطارها الأمن والسكينة، وعمادها التيسير والتنظيم ووفرة الخدمات بمختلف أشكالها وأنماطها، لتنجز بذلك أصعب معادلة في إدارة الحشود المليونية ضمن نطاق جغرافي ضيق جدا، وبأعلى درجات الكفاءة، سواء على الصعيد الأمني أو التنظيمي أو الصحي أو الإيوائي، وكافة أنواع الخدمات الأخرى، رغم كل ما فيها من المصاعب التي ليس أقلها بالتأكيد التعامل كل عام مع ضيوف جدد، وتراخي بعض الدول في تثقيف حجاجها بمستلزمات هذه الرحلة، إلا أن الخبرات العريضة التي اكتسبتها اللجان العاملة في خدمة الحجيج، وسخاء الحكومة السعودية كراعية لقبلة المسلمين، والمشاعر المقدسة كجزء من الواجب الديني تجاه الأمة الإسلامية، وإصرارها على عدم التوقف عند محطات النجاح، وإنما البناء عليها كل عام، والعمل على رفع كفاءتها، وتطوير خدماتها، كل هذا جعل تلك البقاع الطاهرة عبارة عن ورشة عمل لا تهدأ، إلا خلال موسم الحج لتفتح ذراعيها لخدمة ضيوف الرحمن، ولتعود مجددا وبمجرد رحيل آخر حاج منها إلى دوامة العمل التنموي الذي لا يعرف الحدود، ولا الاسترخاء، لأن الغاية التي تنشدها هذه البلاد هي توفير أقصى درجات الخدمة النوعية للحجاج، تحت كل هذه المظلات الأمنية والصحية والغذائية، وخدمات التنقل وغيرها، وبما لا يثقل كاهل شيخ طاعن في السن جاء من فج عميق استجابة لنداء ربه، ولا يحدّ من قدرة واهن أو معاق أو طفل أو امرأة من أداء هذه الفريضة العظيمة في جو تحوطه عناية الرحمن، وتحفه رعاية هذا الوطن السخي وقيادته الوفية لدينها ولعقيدتها، ولرسالتها الخالدة في توفير كافة الأجواء التي تساعد مواكب الخير على إتمام نسكها في أفضل وأجمل الظروف والمناخات التي تجعلهم يتفرغون للعبادة، واستثمار تلك الأيام الفاضلة في أنبل وأنبغ رصيد أخروي ينشده المؤمنون في هذه الرحاب الطاهرة. إذ لم تتوقف المملكة، ولن تتوقف عن المضي قدما في العمل على تنفيذ مشاريع التوسعة والتطوير في الحرمين الشريفين، والمشاعر المقدسة، ترجمة لمعنى خدمة الحرمين التي التصقت معنى ومبنى على سبيل اللقب برأس الدولة حفظه الله ورعاه، وجزاه عن أمته أحسن الجزاء.