خص الله بلادنا وميزها عن جميع دول العالم ببيته الحرام قبلة المسلمين التي يتوافد عليها الحجاج والمعتمرون من كل حدب وصوب ناقلين ثقافاتهم ولغاتهم وعاداتهم لهذا المكان وهو ما أثر بلا شك على عادات منطقة الحجاز تلك المنطقة الكبيرة جدا من جراء تلاقح تلك الثقافات من الحجاج والمعتمرين إضافة لزوار المدينة المنورة ايضا، والذين انصهر بعضهم في مجتمع المملكة التي اكتسبت مزيجا أشبه ما يكون بخلطة عالمية من المكونات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية إضافة لعادات وتقاليد منوعة سايرت العرف الموجود في المملكة بطريقتها. حضارات وثقافات أشار الروائي فوزي صادق الى أنه من المعروف أن كل شعب بالعالم يتمتع بحضارة وثقافة خاصة به، وتميزه عن غيره، والحج إلى بيت الله الحرام يستقطب معظم شعوب العالم كل عام، فإذا اجتمعت تلك الشعوب في مكان واحد واستقر بعضها على مر السنين، فسيولد عن ذاك التجمع حراك وخليط لمشهد ثقافي جديد وليد من رحم الثقافات والسلوك والعادات التي جلبوها معهم، وهذا بكل تأكيد له أثر أيضاً على اللهجة والفكر، وهذا ما نشهده ونعاصره بمنطقة الحجاز برمتها، فمكة والمدينة وجدة وباقي المدن تمتاز بثقافة مختلفة تقريباً عن باقي المناطق، تتضح في عادات مختلفة كاحتفالات الزواج وقوائم الطعام والعديد من السلوكيات التي لم تشذ عن السياق المألوف في المملكة. القارات الخمس وقالت المستشارة والكاتبة معصومة العبدالرضا إن الحج يعتبر ملتقى مليونيا لقارات العالم الخمس يجمع كل لغات وألوان وثقافات امة محمد «صلى الله عليه وسلم»المنتشرة في المعمورة، في اجتماع متفرد يحمل معاني ومقاصد عظيمة ترمز لها مناسك الحج. وأضافت: هذه الوفود القادمة المحملة بالثقافات المتنوعة بمثابة القائمة العملية للمواطن السعودي لتمنحه فرصة التعرف على طرازه الخاص، والسعي لتحسين نقاط ضعفه، بإعادة التأطير المؤدي إلى التغيير، اذ إن المواطن السعودي لديه ميراث أخلاقي محافظ يدفعه للتركيز على نقاط ضعفه لتحسينها بدلا من التركيز على نقاط قوته واضحة الدلالة، وتعد هذه الميزة فيه جليلة القدر لأنها تعتبر من الأدوات النافعة لاستغلال منافع هذا التجمع نحو الإيجاب، فحياته تعتمد على قوانين تربوية وقيادية انطلاقا من حاجاته لتفعيل أهم القوانين التي تحتوي على تركيبة خاصة للنجاح في كل السياقات التجارية والعملية والاقتصادية والمهنية. وأكدت العبدالرضا على أن المملكة تستفيد وتتأثر من موسم الحج، فتاريخها الاقتصادي والروحي مرتبط بهذا الموسم الخاص بمنطقة الحجاز رغم اتساع رقعتها الجغرافية وثقافاتها المتفاوتة ما بين المناطق المختلفة والتي امتزج بها ثقافات اخرى جديدة ساهمت برقي ثروات الوطن المختلفة. قبول الاخر وتحدث الكاتب نبيل حاتم زراع عن موسم الحج وتأثيره على ثقافة المملكة قائلا: لا احد يستطيع ان يغفل التأثير الكبير لموسم الحج على ثقافة بلادنا الحبيبة، هذا الموسم الذي انطلق من الاف السنين ومذكور في التاريخ، بعد أن خصَّ الله هذه الارض المباركة دون غيرها بميزة (مهوى الأفئدة) التي تأتيها الشعوب من جميع أنحاء العالم، ليصبح ملتقى ثقافيا عالميا لمختلف الأطياف والالوان والالسنة تجتمع في بقعة صغيرة وتتجاور في الأمكنة وتقوم بممارسة الشعائر في أوقات محددة وزمن معين يجمعها هدف مشترك هو التقرب لله وتأدية مناسك الحج التي فرضها الشرع، لينعكس ذلك تلقائيا على هذا النسيج الاجتماعي بقبول الاخر. وأضاف: وامتدادا لهذا التكاتف في تلك المناسك من الطبيعي ان يحصل انسجام يولد من تراحم وتصاهر امتد من تلك السنوات إلى وقتنا الحالي وهو ما يعد أكبر نتيجة لتأثير هذا التنوع الثقافي والحضاري الحاصل في موسم الحج ومواسم العمرة ايضا.