فيما شن قادة إسرائيل، بيمينهم ويسارهم -وجميعهم أخرجتهم الحقيقة عن أطوارهم، وأصابتهم بالجنون- هجوما مشبعا بالتحريض على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عبرت وزارة الخارجية في السلطة الفلسطينية عن الاستياء من تصريحات وزارة الخارجية الامريكية التي انتقدت بشدة خطاب عباس في الاممالمتحدة يوم الجمعة. وعبرت في بيان أمس عن «أسفها ودهشتها واستيائها من تصريحات الناطقة باسم الخارجية الأمريكية جين بساكي». واعتبرت فلسطين إن مثل هذه التصريحات المدافعة عن الجرائم الإسرائيلية إنما تضر بأمريكا على مستوى العالم وإمكانية أن تبقى راعية غير منحازة لعملية السلام». وقالت «إن هذه التصريحات تؤكد مرةً أخرى على أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تضع نفسها محامية للدفاع عن إسرائيل بشكل أتوماتيكي، حتى لو كانت إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، قد ارتكبت جرائم متنوعة كما حدث مؤخراً في قطاع غزة قد ترتقي حسب قول مؤسسات دولية في حقوق الإنسان إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية». وأكدت «أن مثل هذه التصريحات في الدفاع المستميت عن جرائم إسرائيل هي التي توّلد تلك الأجواء المعادية لأمريكا في المنطقة وفي العالم». ودعا المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، الولاياتالمتحدة، إلى إثبات جديتها في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للاراضي الفلسطينية بدلا من أن تعرب عن غضبها من كلمة أبو مازن. وأضاف أبو ردينة إن السلطة الفلسطينية لها الحق الكامل في طلب إنهاء الاحتلال أمام الأممالمتحدة لافتًا الى أن السلطة ستطلب منح دولة فلسطين مكانة العضوية غير الدائمة في المنظمة الدولية في الدورة المقبلة. وأثار خطاب عباس استياء واشطن عندما اتهم اسرائيل بارتكاب «جريمة ابادة» في قطاع غزة، مؤكدا من على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة ان المفاوضات التي جرت برعاية امريكية فشلت وحان الوقت لانهاء الاحتلال الاسرائيلي و«لاستقلال دولة فلسطين» وإحالة الأمر كله إلى الأممالمتحدة. ووصفت الخارجية الامريكية خطاب عباس بال«استفزازي». وقالت «كانت في خطاب الرئيس عباس اليوم توصيفات مهينة.. نرفضها». وأدت الحرب الاسرائيلية الاخيرة على قطاع غزة والتي استمرت خمسين يوما الى مقتل 2140 فلسطينيا معظمهم من المدنيين وتدمير القطاع. كما أدت الى مقتل سبعين اسرائيليا معظمهم من العسكريين. وقال زعيم حزب العمل والمعارضة الإسرائيلية، يتسحاك هرتسوغ، إن خطاب عباس في الأممالمتحدة «مستنكر لكن من يتحمل مسؤولية الوضع الراهن هي حكومة بنيامين نتنياهو». وأضاف «بالإمكان استنكار (أقوال) أبو مازن، لكن القضية هي أننا في النهاية نفضل أن يتولى أبو مازن والسلطة المسؤولية في غزة، كما أننا نفضل أبو مازن والسلطة للتنسيق الأمني الكامل في الضفة الغربية». وقام هرتسوغ بزيارة المقاطعة الرئاسية في رام الله قبل توجه ابو مازن الى نيويورك، لكنه وصف خطاب عباس في الأممالمتحدة ب«الكاذب والمرفوض»، معتبراً أن إسرائيل لم تنفذ إبادة جماعية في غزة، زاعماً أن إسرائيل خرجت للدفاع عن مواطنيها الذين تعرضوا لهجوم دموي من منظمات إرهابية، حسب تعبيره. وأضاف إنه كانت لدى إسرائيل الفرصة لطرح مبادة سلام إقليمية أو لمبادرة تغيير الوضع القائم، لكن سياسة حكومة نتنياهو أوصلت الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلى الوضع القائم. وتابع: «أبو مازن يضع أمامنا التحديات بشكل جدي جداً في الساحة الدولية. فهو لن يحصل على مساندة لخطابه لكنه سيحصل على دعم" لمساعيه الدولية». جاءت أقوال زعيم المعارضة في لقاء خاص مع صحيفة «يديعوت احرونوت»، مشيراً الى ان اسرائيل ما زالت بحاجة للرئيس الفلسطيني أبو مازن والذي يعتبره شريكا للسلام، مشددا على ضرورة المحافظة على العلاقة مع أبو مازن وقيادته للسلطة الفلسطينية، لحاجة اسرائيل الماسة للأمن في مناطق الضفة الغربية وكذلك في قطاع غزة. وهاجم في نفس الوقت سياسة الحكومة الاسرائيلية في الوقت الذي توجه رئيس وزراء اسرائيل نتنياهو الى نيويورك لتقديم كلمة أمام الاممالمتحدة، مؤكدا بأنه من السهولة مهاجمة أبو مازن وخطابه، ولكن يبقى على حكومة الاحتلال الاسرائيلية تقديم أجوبة حقيقية للوضع القائم، خاصة أن الرئيس الفلسطيني سيجد العديد من الداعمين والمؤيدين له في خطواته أحادية الجانب، والحكومة الاسرائيلية هي التي تتحمل المسؤولية للوصول الى هذه الحالة. وصدرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأحد، بعنوان رئيسي قالت فيه إن عباس، بخطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس، «كسر الأواني» بعد أن اتهم إسرائيل بتنفيذ عملية إبادة شعب خلال الحرب العدوانية على قطاع غزة وإعلانه أنه لن يعود إلى المفاوضات مع إسرائيل لا تقود إلى نتيجة. وكتب كبير المحللين في الصحيفة، ناحوم برنياع، أنه بعد وصول المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية، التي انتهت في نيسان الماضي، إلى طريق مسدود فإنه لم يتبق أمام عباس سوى إمكانيتين: «السماح باستئناف العمليات العسكرية ضد إسرائيل، وهو ما يرفضه جملة وتفصيلا؛ والإمكانية الثانية هي بشن حملة دبلوماسية ضد إسرائيل، بواسطة مؤسسات الأممالمتحدة، رغم استياء الامريكيين. وهذا ما يفعله الآن». واعتبر برنياع أنه توجد ثلاثة أهداف لخطوة عباس: «محاولة فرض تسوية لا تريدها حكومة إسرائيل من خلال عقوبات دولية؛ والهدف الثاني، في حال فشل الأول، هو معاقبة إسرائيل على الأقل بواسطة إضعافها في الحلبة الدولية؛ والهدف الثالث، أن يثبت للشارع الفلسطيني أنه ليس حماس فقط تحارب إسرائيل، وأنه هو أيضا يحاربها بطريقته. وقد تزايدت لديه الحاجة إلى ذلك بسبب القدرة القتالية التي أظهرتها حماس طوال العملية العسكرية في غزة». وخلص برنياع إلى أن صلاحية خطاب بار إيلان الذي ألقاه رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، قد انتهت. «وعندما يتحدث نتنياهو غدا في الأممالمتحدة لن يصدقه أحد باستثناء أعضاء الوفد الإسرائيلي. وثمة شك إذا كان حتى هؤلاء سيصدقونه. نتنياهو يحتاج إلى أبو مازن، إن لم يكن كشريك حقيقي، كورقة تين». وكذلك أشارت صحيفة «هآرتس» في افتتاحيتها، الاحد، إلى أن حكومة نتنياهو لا تملك ردا سياسيا على خطاب عباس. وجاء فيها ان «حكومة إسرائيل تتمسك الآن بالتعابير التي قالها عباس كأنها خشبة نجاة، آملة أن تساعدها في تسويق معارضتها لاستئناف المفاوضات السياسية، وبذلك الاستمرار بالتمسك بالسيطرة على المناطق (المحتلة)». وتابعت الصحيفة ان «الاختباء خلف خطاب عباس ومهاجمته لا تعكس إلا جبنا سياسيا وعجزا قياديا، وذلك لأنه أمام الأجزاء السياسية التي قالها عباس في خطابه، لا يوجد لدى إسرائيل أي رد أو إستراتيجية». وفيما اشارت صحيفة «هآرتس» في عنوانها الرئيسي الى تعمق الأزمة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في اعقاب خطاب عباس، ودافعت عنه في افتتاحيتها الرئيسية، متسائلة عما اذا كانت اسرائيل تتوقع منه تهنئتها باللغة العبرية في عيد رأس السنة العبرية، وأمامه جثث 2200 فلسطيني في غزة، فقد تبنت صحيفة «يسرائيل هيوم» المقربة جدا من رئيس الحكومة، خطاب الهجوم الصهيوني وتوجت صفحتها الرئيسية بعنوان «خطاب الأكاذيب» واعتبر محللها السياسي، اليميني دان مرغليت ان ابو مازن وضع حدا «لعملية السلام». وقد دعا وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الرئيس الفلسطيني إلى ترك منصبه لأنه لم يعد شريكاً للسلام، واصفاً خطابه في الأممالمتحدة بالمخيب للآمال، وذكره أن أمنه وأمن سلطته مرتبط بمساعدة «إسرائيل» الأمنية.