دشن الدكتور إبراهيم بن عبدالله المطرف أستاذ العلاقات الدولية السابق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بمحاضرته «تشويه صورة الإسلام وتصحيح مفاهيمه انموذجاً» بداية مسيرة تعاونية ثقافية ستربط دار اليوم مع نادي المنطقة الشرقية الأدبي، وتأتي هذه الفعالية الأولى ضمن مساهمة النادي والجريدة احتفالا بذكرى اليوم الوطني وتوحيد المملكة العربية السعودية. وكان ذلك مساء الماضي حيث أدار الأمسية الشاعر سعيد سفر، وجاء في مقدمة سفر: إن هذا الوطن ولد كبيرا وسيبقى كبيرا لأنه ولد على يد المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود. تلا ذلك كلمة رئيس نادي المنطقة الشرقية الأدبي خليل الفزيع الذي أكّد في كلمته على أن هذه الأمسية تأتي في ذكرى عزيزة على القلوب وهي ذكرى اليوم الوطني، ومن حسن الطالع تبدأ معها شراكة ثقافية بين النادي وجريدة «اليوم»، مثمنا للمسؤولين في الجريدة حرصهم على إنجاح هذه الشراكة، ولا سيما رئيس التحرير الأستاذ عبدالوهاب الفايز، كما أثنى الفزيع على المحاضر باعتباره واحدا من الباحثين الجادين في هذا الموضوع وما جاوره من مواضيع وتخصصات. تلا ذلك كلمة رئيس تحرير جريدة «اليوم» الأستاذ عبدالوهاب بن محمد الفايز الذي عبّر عن سعادته لانطلاق شراكة النادي مع الجريدة، مبينا أن إمكانات الجريدة مسخرة لخدمة النادي. كما شدد الفايز على تقديره للدور الكبير الذي لعبه الأدباء والمثقفون في خدمة مسيرة الجريدة مبينا أن الأدباء والمثقفين هم من وضعوا الجريدة على خارطة الصحافة السعودية، متمنيا أن يستمر التعاون منتظماً على شكل منتدى شهري، وأن يساهم في تكميل دور الأدب والثقافة وتوسيعه وتعميق أثره في المنطقة، وختم الفايز بتقديم الشكر للمحاضر الدكتور المطرف داعيا إياه إلى تقديم محاضرته التي تصبّ في الجانب الوطني. وجاء في السيرة الذاتية التي قرأها المقدم أن الدكتور إبراهيم بن عبدالله المطرف هو من مواليد مدينة الخبر، وله عدة مؤلفات، أهمها: كتاب «قضايا معاصرة في الاقتصاد والعلاقات الدولية»، وكتاب «وجهات نظر في السياسة والاقتصاد الدولي». وفي مجال البحوث والدراسات، للدكتور المطرف سبعة وعشرون بحثاً أكاديمياً نشرت في دوريات عربية وأجنبية محكمة. وقد شارك الدكتور المطرف في العديد من الندوات والمؤتمرات الأكاديمية والمهنية . كما شارك الدكتور المطرف في عضوية مجالس وهيئات ولجان محلية وخارجية، كما شارك في عضوية جمعيات علمية ومهنية . يعمل الدكتور المطرف حاليا رئيسا تنفيذيا لمركز التجارة العالمي السعودي القابضة، وهي شركة تعمل على التأسيس لمراكز تجارة عالمية ثلاثة World Trade Centers في كل من الرياضوالخبروجدة. علاقة شائكة وبدأ الدكتور المطرف شاكرا المنظمين، وتضمنت محاضرته العديد من الجوانب المرتبطة بالموضوع وكان من أبرزها تأكيده على أن القرآن الكريم أكّد على أن واقع التغاير والاختلاف من الأمور الطبيعية في الإنسان مستشهدا على ذلك بعدد من الآيات إضافة إلى بعض الروايات والمأثور، مبينا أن هذا ما استوجب من الجماعات والأفراد تعميق التواصل لخلق حياة تقوم على المساواة والعدل والإنصاف. وأضاف المطرف: امتدت فيما بعد الفضاءات الرحبة لارتياد آفاق جديدة للتقدم الإنساني حيث أصبح العالم قرية صغيرة عالمية نهضت فيها التقنية وتشابكت المصالح وتداخلت القضايا وتراجع دور الدولة لصالح تقدّم دور المنظمات ومؤسسات المجتمع، مبينا أن الحديث عن علاقة الإسلام بالغرب يمثل مفهوما حضاريا بين أمتين عظيمتين اختلفتا في مقاطع تاريخية وتقاربتا وتعاونتا في مقاطع أخرى، لذا لا بد من فهم التاريخ أثناء بحث هذا الموضوع، فموضوع العلاقة مع الغرب استقطب اهتمام شرائح كبيرة من المثقفين والباحثين من الشرق والغرب، واتسع الاهتمام مع المواجهة مع الإرهابيين وتصاعد الاحتقان الذي زاد بعد احتلال أفغانستان والعراق وحدوث المواجهات في أكثر من نقطة. وأوضح المطرف أنه بعد سقوط الاتحاد السوفيتي أصبح الإسلام هو البديل للخطر الشيوعي، وروج مفكرون غربيون لهذا المفهوم منهم هنتغتون في كتابه «صراع الحضارات» الذي روج فيه لحتمية الصراع، ولا يزال يروج لهذا مجموعة من الأكاديميين الذين يصورون الإسلام كإمبراطورية للشر، رغم وجود أصوات عقلانية تنفي هذا التصوّر، غير أنّ أصواتها ذهبت أدراج الريح في ظلّ قوة التيار المعاكس. محاورة الآخر واستشهد الدكتور المطرف بآيات من كتاب الله الحكيم تبين بوضوح أن الله تعالى حين خلق الناس متباينين فقد طلب منهم التقارب والتعارف، ومنها دلف إلى أن الحوار يعدّ مقدمة ضرورية لتآلف البشر، مبينا أن القارئ في القرآن الكريم يجد تكرار كلمة الحوار في القرآن الكريم إضافة إلى ورودها في الحديث الشريف وهذا يدل على تأكيد دور العقل والفكر، فالحوار من الأساليب الراقية للتعبير عن الفكر. وتطرق المطرف إلى دواعي الحوار تحت عنوان «لماذا نتحاور؟» مبينا أن من أهم دواعيه إقامة الحجة ودفع الشبهة والفاسد من الرأي، حيث يتعاون المتحاورون لرفع الرأي الفاسد وانتخاب الرأي الصحيح، كما يتعاونون على بناء الثقة التي تحتاج إلى وقت طويل، إلا أنها في غاية الأهمية لتغيير الصورة السلبية، مبينا أن العلاقة مع الغرب شهدت فترات حوار وتعاون وفترات صراع وتطاحن. وشدد المطرف على أن للحوار الكثير من الفوائد حيث ينقل المختلفين من الاستبعاد إلى الاستيعاب، ومن الإدانة إلى التسامح، ومن التنافر إلى التلاقي والصداقة. ومن هنا جاءت أهمية مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين الأديان. الإسلاموفوبيا وأكّد المطرف أن الخوف الذي يعيشه الغرب من الإسلام تجاوز مرحلة التوجس إلى حالة الرعب والهلع، ما جعلهم يكرهون العرب والمسلمين ويرونهم فوضويين وهمجا وأشرارا، حيث يبدو شعور الأوروبيين وكأنهم يترقبون لحظة وقوعهم في الأسر الإسلامي، وأغلب السياسيين يرون في الإسلام حالة متعارضة مع ثقافتهم ما أدى إلى انتهاكم حقوق المسلمين، وهناك من جاء بمصطلح شيطنة الإسلام الذي وجهت له الكثير من الإساءات واستخدم الإعلام والصحف والمجلات والسينما وشبكة الإنترنت، وحرق القرآن والتطاول على النبي (صلى الله عليه وسلم) تحت مسمى حرية التعبير عن الرأي، وكأن حرية الرأي والتعبير لا تكون إلا بالتطاول على القرآن وعلى الإسلام. وأضاف المطرف أن هذا يأتي في وقت ترك المسلمون المجال لغيرهم لرسم صورتهم، وعرض المطرف عددا من الأمثلة للإساءات التي مارستها بعض الصحف والمجلات والشركات التجارية في إعلاناتها الدعائية، وكان أبرزها الكاريكاتيرات المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم) التي تجاوزت كلّ الحدود المهنية، وزاد الأمر سوءا بإعادة نشرها في صحف دول أخرى. وأوضح المطرف أن شبكة الإنترنت تستخدم للإساءة للعالم الإسلامي إذ يلاحظ الصورة السلبية في المعلومات التي تقدمها للمستخدم والمعلومات المغلوطة عن الآخر، ما يجعل الإنترنت وسيلة اتصال خطيرة في تزييف الواقع وتضليل الجماهير، مستشهدا بقول المفكر روجيه جارودي الذي يقول إن هذا دليل على إفلاس الغرب وكونه حضارة تحتضر. وقال المطرف إن المستشرقين يرون أن الإسلام يمثل خطرا، ومعكرا لصفو الحضارة والتقدم، ومتناسين أن الإسلام سنّ تشريعات تحفظ حقوق الإنسان، ويرون أنه يقف ضد الأفكار المستنيرة متناسين دور وأهمية العقل في الإسلام، ويرون أنه يحارب العلم والعلماء متجاهلين تشديده على دور العلم والعلماء. دور الإرهاب كما تطرق المطرف لدور الإرهاب في تغذية تشويه صورة الإسلام إذ أن ما يحدث من أعمال إرهابية من بعض المسلمين يسهم في تشويه صورة الإسلام، بالرغم من أن الأب بولس الثاني قال: لا يوجد دين إرهابي ولكن يوجد إرهابيون في كلّ دين. وأضاف المطرف: الإرهاب يمارسه بعض المسلمين ولكنه ليس سمة من سماتهم العامة، وليست له خصوصية تصله بالإسلام، رغم أن الإرهاب يزيد من صلته به، فالغرب ليس منصفا كله وليس ظالما كله، ما يؤكد أهمية التواصل والحوار مع الغرب. وخرج المطرف من محاضرته بعدد من النتائج، من أهمها أن المسؤولية في تصحيح الصورة لا تقع على شخص بعينه بل على الجميع المساهمة في هذا مسؤولين وعلماء ومؤسسات مجتمع مدني، ولا ينكر ما تقوم به هذه الجماعات إلا أنه يبقى يسيرا بالمقارنة مع ضخامة المهمة، مبينا ضعف الجهود الرسمية، وضعف أداء الجهات الدينية وموسمية عملها في حين أن المطلوب هو عمل استراتيجي. مشددا على أهمية إبراز دعوة الملك إلى حوار الحضارات التي أنشئ لها مركز في فينا يحوي السني والشيعي والبوذي والأرثوذكسي واختير له الناشطون من كلّ الأطياف والمتميزين والداعين إلى الحوار والتقارب. وشهدت الأمسية العديد من المداخلات، كان أبرزها مداخلة مسؤول العلاقات العامة في أرامكو محمد الطحلاوي الذي شدد على أهمية تصحيح النفس أولا فوضع المسلمين يحتاج إلى الكثير من المعالجات، كما شدد على أن القضية إعلامية وأهمية أن يتولى الإعلام الموجه في هذه القضية من هو محترف ومتخصص لكي لا تكون النتيجة عكس المرجو منها. وفي إطار رده أكد المحاضر أن مستقبل العلاقات بين الأمم والدول يتصل اليوم بالدبلوماسية الشعبية، وأن أمريكا أنشأت وزارة للدبلوماسية العامة «الشعبية»، وعن سؤال حول أسباب ودوافع تشويه الإسلام قال إن من الأسباب السعي لتحقيق مكاسب سياسية أو كسب أرباح مادية، أو محاولة عزل المسلمين اجتماعيا في الغرب وتقليص حقوقهم. وختمت الأمسية بتكريم المحاضر بدرع مقدمة من النادي وتقدم بها رئيس النادي الأديب خليل الفزيع، كما تقدم الفزيع بدرع تكريمية لرئيس تحرير اليوم الأستاذ عبدالوهاب الفايز. الفزيع يكرم رئيس التحرير صورة تذكارية بعد نهاية الأمسية يظهر فيها رئيس التحرير ورئيس النادي والمحاضر وبعض الحضور جانب من الحضور جانب من المداخلات