كثير من الباحثين اتفقوا على أن ما يشاهده الأطفال من مناظر عنيفة، أو غير مرغوب فيها يرسخ في أذهانهم إلى أن يكبروا، فيحاول البعض منهم تقليده، فالباحثون الأكثر تحمساً لهذه النظرية يذكرون أن أفضل طريقة لتعليم الأطفال وتلقينهم التصرفات الصحيحة، هو أن تعرض أمامهم التصرف المطلوب كنموذج للتقليد، من خلال العقاب والثواب، وبالتالي السؤال المركزي الذي طرحته هذه النظرية، هل العنف هو أمر مُكتسب يمكن للإنسان تعلمه؟ وتجيب هذه النظرية على هذا السؤال، بادعائها بأن التعرض للعنف بكثرة قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى تقليد العنف وتعلمه، فالأطفال الذين يتعرضون لمضامين عنيفة التي يظهر بها العنف كأمر صحيح ومرغوب به يتعلمون التصرف بعنف، خصوصا عند تعلقهم بشخصية معينة، مثل شخصية البطل فيحاولون تقليدها وتقليد تصرفاتها تقليدا أعمى، بينما الأطفال الذين يتعرضون لمضامين يكون فيها العنف أمرا غير مقبول، ويوجب العقاب لمستخدميه يتعلمون رفض مثل تلك التصرفات العنيفة، فمن الطبيعي من تأثير مشاهد العنف التي يتعرض لها الأطفال في وسائل الإعلام، خاصة تغطية الأحداث السياسية ومقاطع اليوتيوب بأن تكرار مشهد العنف يؤدي إلى نوع من التعود على منظر العنف والإصابة بالتبلد في أحيان كثيرة، ومن المناظر المؤسفة التي يتداولها الأطفال في الأجهزة الإلكترونية الحديثة هذه الأيام الضرب المبرح في المدرسة من قبل معلم يقوم بتعذيب الطالب لا بتعليمه، وفي المسجد طفل يضرب بعنف أمام زملائه، أستغرب من هذه الطريقة في الضرب، ماذا يريد إيصاله من بيت من بيوت الله بهذا الكم من الركلات ورفعه عالياً ورطمه أرضاً بقوة؟ وما الرسالة التي يريد توصيلها لأطفالنا في المساجد؟، من المؤسف رسالة خرجت من هذا المكان المقدس قد يكون لها أثرها البالغ في نفوس الأطفال تجاه المسجد، مما يتسبب في خروج نشء مضطرب نفسياً، ويضعه بين خيارين: إما مواجهة العنف بالعنف أو يصاب بعقده نفسية. وهذا ما يخرج لنا أجيالا أمثال داعش، منحرفين فكرياً بسبب التعنيف في طفولتهم، وعلى المسؤولين، ومن بيدهم الأمر أن يحذروا في طريقة التعامل مع النشء، وأن يكونوا مستأمنين عليهم في ظل تنامي العنف في شتى الدول العربية، خاصة هذه الأيام، واستغلال الفرق الضالة الاضطرابات لنشر أفكارهم المنحرفة وتشويه صورة الإسلام.