قالت المملكة : إنها ستساند حكومة العراق حتى يستعيد هذا البلد عافيته، على أن تبدأ بغداد في تطبيق الاصلاحات السياسية المطلوبة وتحقيق الحكم الرشيد والعدالة والمساوات بين مكونات الشعب العراقي. واتهمت المملكة نظام الأسد بتهيئة الظروف لحركة "داعش" الإرهابية وتغذيتها واستخدامها لمواجهة الشعب السوري. وفي كلمة في مؤتمر "الأمن والسلام في العراق" الذي عقد في باريس أمس طالب صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، المجتمع الدولي بأن يستمر التحالف لمحاربة منظمة داعش الإرهابية عشر سنوات كي يضمن المجتمع الدولي قضاء نهائياً على الإرهاب. وقال سموه، بعد أن رحب بحضور الرئيس العراقي فؤاد معصوم: إن اجتماع باريس بعد تطورات سياسية وأمنية عاصفة شهدتها الساحة العراقية "التي تضع هذا البلد أمام مفترق طرق بين ماضٍ شهد حالة من الاضطراب السياسي والعنف الطائفي وأشكال التدخل الخارجي المصحوبة بتحديات هددت سيادته ووحدته الوطنية ويمثل حاضره فرصة لخروجه من هذا المأزق مع قيام حكومة جديدة نأمل في أن يتوافر فيه التوازن السياسي الذي افتقدته الحكومة السابقة ورئيس للدولة يوفر ضمانة للدستور وراعياً لأمن واستقرار الوطن كما في كلمة فخامة الرئيس فؤاد معصوم" في المؤتمر. وأضاف سموه أن "من حق العراق علينا ونحن نجتمع اليوم أن نؤازره في مواجهة ما يهدد سلمه الأهلي موفرين للحكومة ورئيس الدولة الجديد ما يساعدهما على المضي قدماً في تطبيق أوجه الإصلاح السياسي المطلوب والعمل على تحقيق متطلبات الحكم الرشيد وتكريس العدالة وتحقيق المساواة بين مكونات الشعب العراقي في إطار من الضمانات المؤسسية كما ورد في كلمة معالي وزير الخارجية ابراهيم الجعفري". وقال سموه : إن تحدي (داعش) - الذي تواجهه الحكومة العراقية - لا يعدو كونه شكلاً من أشكال الإرهاب العابر للحدود والقارات الذي فرضته جملة من المعطيات الفكرية والسياسية والأمنية التي تجتاح منطقتنا التي وفرت لهذا التنظيم أرضية خصبة استغلها لتحقيق مآربه ومآرب من يستفيدون منه تحت غطاء الدين الإسلامي الذي هو براء منهم وأفكارهم وأفعالهم. ومضى سموه قائلاً: إن التهديد الذي يمثله تنظيم (داعش) قد تجاوز في جغرافيته العراق والشام وبات يشكل خطراً يهددنا جميعاً ويستدعي منا محاربته والتصدي له بروح جماعية تقي دولنا مخاطره ونتائجه. وحيث إن هذا التنظيم قد وجد في أرض سوريا بحكم طبيعة نظام الأسد أرضاً خصبة للتدريب وتلقي العتاد والتحرك بحرية دونما عرقلة أو ضوابط فلابد لأي استراتيجية لضرب (داعش) أن تشمل أماكن تواجده على الأرض السورية. واتهم سموه نظام بشار الأسد بتهيئة الظروف لنشوء حركة "داعش" واستخدامها، مطالباً المجتمع الدولي بدعم الائتلاف الوطني السوري لتمكينه من مواجهة داعش ونظام الأسد. مضيفاً سموه "أننا نرى أهمية توفير كل أشكال الدعم الضروري للمعارضة السورية المعتدلة المتمثلة في الائتلاف الوطني لتمكينها من التصدي المزدوج لتنظيم (داعش) ولنظام يعمل على تغذية هذا التنظيم والاستفادة منه لضرب المعارضة السورية المشروعة واستغلاله كذراع إضافية لإيقاع مزيد من المعاناة والعذاب على الشعب السوري المنكوب". وطالب الأمير سعود الفيصل المجتمع الدولي بالعمل حذو المملكة للتخفيف من المعاناة الإنسانية التي تسبب فيها تنظيم (داعش) في المناطق التي تعرضت لفظائع وتجاوزات هذا التنظيم الإرهابي التي طالت السكان الأبرياء في تلك المناطق. وأشار سموه إلى أمر خادم الحرمين الشريفين بتخصيص مبلغ (500 مليون دولار أمريكي) لتغطية الاحتياجات الإنسانية للشعب العراقي، مضيفا سموه : "وستستمر حكومة بلادي في مؤازرة العراق الشقيق إلى أن يستعيد عافيته". وعرض سموه رؤية المملكة لمحاربة الإرهاب بقوله : " تود حكومة المملكة العربية السعودية أن توضح في سياق أعمال مؤتمرنا هذا أن محاربة الإرهاب مسألة لن تنتهي بمعركة واحدة أو خلال فترة قصيرة بل كل الدلائل تشير إلى أن هذه المواجهة سيطول أمدها ولن تكون خاتمتها بالانتصار على (داعش) مع حتمية هذا الأمر . فكما أن الارهاب لم يتوقف بالقضاء على ابن لادن ودحر القاعدة فإن نهايته لن تكون محسومة بالقضاء على (داعش) ومن هذا المنطلق فإننا نرى ضرورة أن يستمر هيكل التنظيم المزمع إقامته لمحاربة (داعش) وأن يستمر على الأقل عشر سنوات حتى نضمن - بإذن الله - زوال هذه الظاهرة البغيضة".