أكدت السعودية أن التهديد الذي يمثله تنظيم (داعش) تجاوز في جغرافيته العراق والشام، وبات يشكل خطراً يهدد الجميع ويستدعي محاربته والتصدي له بروح جماعية تقي الدول مخاطره ونتائجه. جاء ذلك في مداخلة لوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل خلال مؤتمر الأمن والسلام في العراق الذي بدأ في وقت سابق اليوم بالعاصمة الفرنسية باريس، أعرب خلالها عن شكره لرئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا هولاند على الجهود في الإعداد لهذا المؤتمر المهم، الذي يتوقف على نتائجه الشيء الكثير بالنسبة لحاضر ومستقبل العراق في ظل التحديات التي يواجهها. كما أعرب عن الترحيب برئيس الجمهورية العراقية الدكتور فؤاد معصوم متمنياً للعراق الشقيق الوحدة والأمن والاستقرار والرخاء. وقال وزير الخارجية : "يأتي اجتماع اليوم بعد تطورات سياسية وأمنية عاصفة شهدتها الساحة العراقية والتي تضع هذا البلد أمام مفترق طرق بين ماض شهد حالة من الاضطراب السياسي والعنف الطائفي وأشكال التدخل الخارجي المصحوبة بتحديات هددت سيادته ووحدته الوطنية ويمثل حاضره فرصة لخروجه من هذا المأزق مع قيام حكومة جديدة نأمل أن يتوفر فيها التوازن السياسي الذي افتقدته الحكومة السابقة ورئيس للدولة يوفر ضمانة للدستور وراعياً لأمن واستقرار الوطن كما في كلمة فخامة الرئيس فؤاد معصوم". وأضاف أن من حق العراق علينا ونحن نجتمع اليوم أن نؤازره في مواجهة ما يهدد سلمه الأهلي موفرين للحكومة ورئيس الدولة الجديد ما يساعدهما على المضي قدماً في تطبيق أوجه الإصلاح السياسي المطلوب والعمل على تحقيق متطلبات الحكم الرشيد وتكريس العدالة وتحقيق المساواة بين مكونات الشعب العراقي في إطار من الضمانات المؤسسية كما ورد في كلمة معالي وزير الخارجية ابراهيم الجعفري. وقال الشيء الثاني الذي يمكن الإشارة إليه أن تحدي "داعش" الذي تواجهه الحكومة العراقية لا يعدو كونه شكلاً من أشكال الإرهاب العابر للحدود والقارات والذي فرضته جملة من المعطيات الفكرية والسياسية والأمنية، التي تجتاح منطقتنا والتي وفرت لهذا التنظيم أرضية خصبة استغلها لتحقيق مآربه ومآرب من يستفيدون منه تحت غطاء الدين الإسلامي الذي هو براء منهم وأفكارهم وأفعالهم. ومضى قائلاً : إن "التهديد الذي يمثله تنظيم داعش تجاوز في جغرافيته العراق والشام وبات يشكل خطراً يهددنا جميعاً ويستدعي منا محاربته والتصدي له بروح جماعية تقي دولنا مخاطره ونتائجه، وحيث أن هذا التنظيم قد وجد في أرض سوريا بحكم طبيعة نظام الأسد أرضاً خصبة للتدريب وتلقي العتاد والتحرك بحرية دونما عرقلة أو ضوابط فلابد لأي استراتيجية لضرب داعش من أن تشمل أماكن تواجده على الأرض السورية". وأضاف الأمير سعود الفيصل: إننا "نرى بأهمية توفير كل أشكال الدعم الضروري للمعارضة السورية المعتدلة المتمثلة في الائتلاف الوطني لتمكينها من التصدي المزدوج لتنظيم داعش ولنظام يعمل على تغذية هذا التنظيم، والاستفادة منه لضرب المعارضة السورية المشروعة واستغلاله كذراع إضافي لإيقاع مزيداً من المعاناة والعذاب على الشعب السوري المنكوب. وفي سياق الإجراءات أو الترتيبات التي يمكن أن يوصي بها المؤتمر للتخفيف من المعاناة الإنسانية التي تسبب فيها تنظيم "داعش" في المناطق التي تعرضت لفظائع وتجاوزات هذا التنظيم الإرهابي، والتي طالت السكان الأبرياء في تلك المناطق وهنا يمكن الإشارة إلى ما سبق لحكومة خادم الحرمين الشريفين من تخصيص مبلغ 500 مليون دولار أميركي لتغطية الاحتياجات الإنسانية للشعب العراقي وستستمر حكومة بلادي بمؤازرة العراق الشقيق إلى أن يستعيد عافيته. تود حكومة السعودية أن توضح في سياق أعمال مؤتمرنا هذا أن محاربة الإرهاب مسألة لن تنتهي بمعركة واحدة أو خلال فترة قصيرة بل كل الدلائل تشير إلى أن هذه المواجهة سيطول أمدها ولن تكون خاتمتها بالانتصار على "داعش" مع حتمية هذا الأمر فكما أن الارهاب لم يتوقف بالقضاء على بن لادن ودحر القاعدة فإن نهايته لن تكون محسومة بالقضاء على "داعش" ومن هذا المنطلق فإننا نرى بضرورة أن يستمر هيكل التنظيم المزمع إقامته لمحاربة "داعش" أن يستمر على الأقل عشر سنوات حتى نضمن بإذن الله زوال هذه الظاهرة البغيضة. وأشكركم على حسن إصغائكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"