مع ظهور الأرقام الأخيرة التي تؤكد أن الاقتصاد الألماني قد انكمش بنسبة 0.2 في المائة في الربع الثاني، فإن المملكة المتحدة تبدو منعزلة تماماً عن المتاعب الاقتصادية التي تحيط بجيرانها في منطقة اليورو. مع ذلك، فإن التباطؤ في قطاع التصنيع في الشهر الماضي يوضّح أن انتعاش المملكة المتحدة ليس آمناً سواء من الركود في منطقة اليورو، أو من المخاطر الجغرافية السياسية على الأعمال وثقة المستهلكين. قالت ماركيت إيكونوميكس امس إن مؤشرها لقطاع التصنيع في المملكة المتحدة انخفض إلى 52.5 نقطة الشهر الماضي، بينما تقلّص مؤشر شهر حزيران (يونيو) إلى 54.8 نقطة من قراءة أولية كانت 55.4. وكان خبراء الاقتصاد قد توقعوا في شهر آب (أغسطس) مستوى يبلغ 55.1. وفي حين أن أي رقم أعلى من 50 نقطة يُشير إلى أن قطاع التصنيع لا يزال ينمو، إلا أن المؤشر يوحي بأن المصانع البريطانية هي أقل قوة مما كانت عليه منذ أكثر من عام. توقّع بنك إنجلترا معدل نمو في عام 2014 يبلغ 3.5 في المائة مقارنة مع توقع النمو المتوسط البالغ 1 في المائة لمنطقة اليورو، من 55 خبير اقتصاد تم شمولهم في دراسة أجرتها بلومبيرج. مع ذلك، وزير المالية جورج أوزبورن لا يزال قد فوّت جائزة الاقتصاد الأسرع نمواً في مجموعة الدول الصناعية السبعة لصالح الولاياتالمتحدة هذا العام، والخلفية العالمية تعني أنه لا يوجد مجال للتهاون. على وجه الخصوص، هناك المزيد الذي يتعيّن القيام به لتوجيه مركزية الاقتصاد بعيداً عن لندن. في تقرير أعدته شركة خدمات التدقيق والمالية، جرانت ثورنتون، يقوم المؤلفون بتقسيم المملكة المتحدة إلى مدن ومقاطعات، لقياس النمو في كل منطقة. وقد أظهرت النتائج أن لندن تملك تسعا من أعلى عشر مناطق ذات الأداء الأفضل في البلاد على مدى فترة استمرت ثمانية أعوام، مع كون مانشستر وبيرمينجهام وميلتون كينز ذات الوضع الأفضل خارج العاصمة. وفقاً للتقرير، فإن «لندن تشكل حوالي نصف المقاطعات ال 50 ذات الأداء الأعلى. لذلك يحتاج التركيز أن يكون على إعادة توازن الاقتصاد وخلق مقياس اقتصادي لدفع النمو المستدام خارج العاصمة، بقدر ما يفعل داخلها. وهذا سيتطلب تغييراً في العقلية في الحكومة المركزية. حيث يختلف السياسيون ورجال الأعمال حالياً بشأن الطريقة الأفضل لتوسيع قدرة مطار المملكة المتحدة لتعزيز التجارة والنمو. مطار هيثرو، وهو واحد من أكثر المطارات ازدحاماً في العالم، قريب من الامتلاء إلى ما فوق طاقته، ويرغب ببناء مدرج جديد للطائرات غرب العاصمة. أما جاتويك، وهو مطار أصغر في جنوبلندن، فهو يسعى أيضاً للحصول على مدرج طائرات إضافي. لكن عمدة لندن بوريس جونسون يرغب ببداية جديدة مع مطار جديد للغاية في منطقة مصب نهر التايمز. مع الأخذ في الاعتبار أن الخطط الثلاثة قيد النظر من قِبل لجنة المطارات تركّز على لندن. فالحل البديل يتمثّل في ضمان أن أي الحلول البديلة التي تم تفضيلها سيتماشى مع خطة لتوزيع العبء وفرصة لزيادة الرحلات نحو الشمال. أي وصلات نقل أفضل إلى مطارات مانشستر أو بيرمينجهام أو ليفربول، من شأنها أن تكون بداية جيدة، كما أن استثمار القطار السريع الذي خططت له الحكومة سيكون مفيداً في هذا الشأن؛ وما سيكون أكثر ذكاءً بكثير هو خطة طويلة الأجل للاستثمار في البنية التحتية التي تجعل المناطق أكثر قُرباً إلى العاصمة، يليها إعادة توزيع المزيد من الوظائف الحكومية.