حلم يراود كل مواطن مخلص ومقيم وفيٍّ أن تقف آلة الحرب الضروس التي تهتك أحلام الشباب والاسر في طرقنا. كل ما تقوم به الجهات الحكومية والاهلية من محاولات جادة لدق ناقوس الخطر، وما تكشفه الاحصائيات من بيانات مخيفة تجاوزت نتائجها مخلفات حروب دولية يفقدها الوطن من دماء أبنائه كل يوم لن تؤدي إلى وقف النزيف إلا بوعي كل واحد منا. إنها المعادلة الأصعب وليس ذلك من حيثياتها فقط، بل ذلك التناقض الرهيب بين الايمان بحيثياتها وبين السلوك الذي نمارسه كل يوم في طرقنا، فالكل مؤمن ومتفق قطعاً على أهمية السلامة المرورية بمفهومها الشامل، وتلك الأنظمة التي توضع من الجهات المعنية للحفاظ على سلامة سالكي الطريق وحقن الأرواح والحد من الخسائر، إلا أننا نجد من يقرأ ذلك بكثير من الترف، وكأن الموضوع لا يعنيه بحال من الأحوال، وهو ذلك الشخص الذي ربما فقد قريبا أو صديقا، أو وقع في مصيدة الحوادث التي لم يسلم منها أحد، ولم تعد العبرة مربط الحل، ولم يعد لتلك الارقام المخيفة تأثير في سلوكنا، لأننا وبكل مصداقية مع أنفسنا نحتاج إلى سلوك يرقى بمفهومنا للسلامه المرورية الى فعل محتوم يؤثر في مجريات حياتنا. ولعل تلك المبادرة التي انطلقت من ارامكو السعودية بأخذ مفهوم السلامة على موظفيها وعملائها الموردين والمتعاقدين، بحيث يكون مفهوم السلامة المرورية جزءاً من التقييم لأداء الموظف والعميل، تعتبر نفطة تحول تستدعي محكاتها في العديد من الجهات، وليست المسألة مجرد تحرير المخالفة أو تكبد خسائر، بل إنها متعلقة بأهمية الحفاظ على الأرواح وإنهاء نزيف الاصابات. في الإجازة الصيفية الماضية كم أسرة فقدت حبيبا لها، وكم امرأة ترملت وكم من شاب تيتم وكم من قلب أم كسر في فقدها من كانت ترجوه، إنها دعوة تخاطب الضمائر الحية، وتستدعي همة القلوب بأن المسؤولية مشتركة، وكل واحد منا معني بها. ليست الصورة سوداوية، لكن لن تنجلي غيمة الاحزان عنا إلا بتكاتف الجميع «أب وأم وشاب وفتاة» فهم نواة المجتمع كأسرة تتحلى بقيم الانظباط. إنها دعوة لكل معلم يبدأ حصته الأولى بغرس مفهوم القيادة الآمنة في نفوس تلاميذه، فربما بكلمة تسهم في إحياء أرواح وتعدل سلوك أجيال. إنها دعوة لكل خطيب يرتقي لمنبره أن يذكِّر المصلين بالتواصي بالحق، وفي أوله حفظ الأنفس والأرواح والقيادة الآمنة. إنها دعوة لك أنت، وأنت تقرأ هذه السطور أن تساهم في تغيير سلوكك وسلوك من حولك. الأمين العام للجنة السلامة المرورية