شهد الشهر الماضي حدثين مهمين في سوق العقار السعودي، الاول كان إطلاق المؤشرات العقارية لوزارة العدل والتي جاءت أكثر شفافية ووضوحا، وكشفت أن واقع السوق مختلف عما كان عليه خلال المؤشر السابق للوزارة الذي كان يمكن استغلاله لتمرير بيانات خادعة، فيما كان الحدث الثاني هو إعلان وزارة الإسكان لقوائم المستحقين للدعم السكني من الدولة، وهما حدثان سيكون لهما تداعيات كبيرة على قطاع التطوير العقاري. المؤشرات العقارية إذا أخذنا منها ما يهم المنطقة الشرقية على وجه الخصوص نجد أنها كشفت لنا أن عدد الأراضي التي تم تداولها خلال العام الجاري 1435 بلغت 43518 أرضا منها 35696 أراضي سكنية والبقية أراض تجارية، والمثير فيها أن متوسط أعلى سعر أرض "تجارية" على مدى العام بلغ قرابة أربعة ملايين ريال وسجل في شهر رجب الماضي، بينما سجل نفس الشهر أقل متوسط سعر أرض وبلغ 1.8 مليون ريال، وسجل أعلى متوسط لسعر أرض "سكنية" في شهر ربيع الأول وبلغ قرابة مليون ريال، بينما بلغ أقل متوسط سعر أرض سكنية 807 ألاف ريال وسجل في شهر شوال الماضي. هذه المؤشرات والأسعار كشفت للمهتمين بقطاع العقار أنه لاتوجد على أرض الواقع صفقات بمئات الملايين أو بالمليارات كما كان يظهر في المؤشرات السابقة لوزارة العدل، وأن السوق يعيش أشبه بحالة الركود التي من الممكن أن يؤثر فيها الحدث الثاني الذي كانت فرس الرهان فيه وزارة الإسكان بإعلانها قوائم المستحقين للدعم السكني. وزارة الإسكان مشكورة، وضمن خطواتها المميزة لحل أزمة السكن في المملكة أعلنت الاسبوع الماضي أن 620,889 مواطنا ومواطنة هم مستحقون بالفعل للدعم السكني، والعدد قابل للزيادة، وأن المنطقة الشرقية فيها 120,897 الف مستحق، وهو عدد سينتقل من خانة الطلب إلى خانة الانتظار، وبالتالي ستقل نسبة الطلب مع استمرار المعروض وهو مايؤدي حسب قانون الأسواق إلى هبوط في الأسعار، تنشده شركات التطوير العقاري المحترفة التي تقدم منتجات سكنية، ويهمها كثيراً انخفاض أسعار الأراضي من أجل تقديم منتجات بأسعار مناسبة،حيث تشكل قيمة الأرض دائماً نسبة كبيرة من تكلفة المشاريع السكنية التي تتبناها شركات التطوير العقاري. ان جهود الدولة في حل أزمة السكن واضحة، سواء المؤشرات العقارية لوزارة العدل، أو الدعم السكني لوزارة الإسكان أو حلول وزارة التجارة المؤثرة للمساهمات العقارية المتعثرة والتي استفاد منها قرابة 25 ألف مواطن ومواطنة حسب إحصاءات رسمية، ويبقى تفاعل المستثمرين والمحترفين في سوق التطوير العقاري لأخذ حصتهم من السوق بشكل لايضرها ولايضر المستهلك النهائي أو طالب السكن. وعطفا على اهتمام الدولة بحلول السكن نرى صدور أنظمة خاصة بالعقار او تخدم العقار بشكل أو آخر وهذه الانظمة توالت خلال مدد متقاربة مثل أنظمة "التمويل العقاري" الخمسة المؤثرة كثيراً على السوق، وكذلك تشريعات وزارة التجارة المتتالية لتنظيم سوق الوساطة العقارية وأنظمة مثل "اجارة" سيخدم بشكل مباشرة شركات ادارة الاملاك، وكذلك الاستراتيجية الوطنية للاسكان في حال اقرارها وانظمة صندوق التنمية العقاري- الذراع التمويلي لوزارة الاسكان- والقروض "الاضافية والمعجلة"، وانظمة التثمين والتسجيل العيني وغيرها، وجميع ماسبق يدعمه الحاجة والطلب ويدعمه القوة الشرائية (التمويل العقاري)، يضاف لها حاجة كبيرة للتطوير العقاري الحقيقي سواء سكن أو فنادق أومدارس ومستشفيات وغيرها من المشاريع المتكاملة التي تأتي بمفهوم تطوير شامل لأحياء سكنية متكاملة تقوم علية شركات تطوير عقاري محترفة والتي أصبحت تنمو بشكل متسارع وجميعها شركات عمرها لا يتجاوز عشر سنوات وأغلبها تم تأسيسه عام 2007 ومابعدها. قد يسأل مستثمر ما "ماهو التوجه الأفضل"؟ أقول ان أغلب العاملين في السوق العقاري لا يخرجون عن اقسام خمسة "الوساطات العقارية"، "التثمين العقاري"، "ادارة الاملاك"، "المزادات وتجارة الاراضي"، و"التطوير العقاري". ولو عمل كل متخصص في جزء من العقار بشكل مركز وقام بتأسيس شركة محترفة في ذات تخصصه، لخرجنا خلال سنوات قليلة بشركات قوية جدا وسوق عقاري ناضج سيكون أكثر الخاسرين فيه هي شركات "تجارة الأراضي" فجميع الأنظمة والتشريعات ضد استمرارها بنفس القوة، ولكن يتبقى بأن نعترف أن ملاكها هم اصحاب عقارات حقيقية ويملكون ثقة مستثمرين ويملكون رؤوس أموال كبيرة واصول عقارية ضخمة، فهؤلاء انصحهم بأن يتحولوا لشركات استثمارية ترعى وتستثمر في الشركات الأصغر وتعمل على ضبط التوازن الحقيقي للسوق كما فعلوا في بدايات العقار السعودي. متخصص وخبير في التطوير العقاري