توقع خبراء وعقاريون أن يساهم قرار مجلس الوزراء الأخير بإطلاق هيئة سعودية للمقيّمين المعتمدين في إنهاء المضاربات على الأراضي، والتصدي للأسعار الخيالية والمجنونة التي وصلت إليها العقارات في الآونة الأخيرة. وأكد خبير التثمين العقاري المهندس محمد يسلم بابحر أهمية القرار، مشيرا إلى أن إنشاء هذه الهيئة في هذا الوقت الحالي له أهمية كبيرة في ظروف الركود العقاري الحاصل في المملكة الذي تسبب في عمليات التثمين المبالغ فيها، لترتفع الأسعار بطريقة خيالية أدت إلى تدهور القطاع في الفترة الأخيرة مما اثر سلبا على تملك المواطنين للأراضي أو بناء وحدات سكنية لهم. وأشار الى أن تأسيس الهيئة سيقلل من مضاربات الأراضي وسيحد من عمليات التذبذب في أسعار العقارات كما سينظم أعمال المثمنين مما يقلل مخاطر الاستثمار والتطوير العقاري وبيع وشراء العقارات، ويساهم في تعزيز الثقة للمستثمر الأجنبي لدخول سوق المملكة. ويؤكد بابحر أن إنشاء هذه الهيئة هو أول تنظيم في المملكة للقطاع العقاري لتكون مرجعا أساسيا للمثمنين العقاريين والجهة التي تحكم على أعمالهم، متوقعاً أن يساهم وجود الهيئة في قرارات متلاحقة لتنظيم القطاع العقاري مثل وجود مخرجات تعليمية متخصصة في الجامعات والكليات في المجال العقاري ووجود هيئة للعقاريين بشكل عام. وقال إن القرار أعطى للمملكة مكانة خاصة حيث اصبحت من مصاف الدول الأولى عالمياً التي توجد بها مثل هذه الهيئات المتخصصة في التثمين والمثمنين العقاريين، وتعتبر من أوائل الدول العربية التي اعتمدت هذه الهيئة المتخصصة. وأشار إلى أن القرار سيساهم في إقامة دورات عديدة للتثمين العقاري التي تهدف إلى إطلاق جيل جديد من المثمنين المحترفين ستسهم في التقليل من التضخم العقاري في المملكة لتصل إلى 322 مليار ريال، مؤكداً أن التثمين العقاري تسبب في إعطاء العقارات أعلى أو أقل من قيمها الحقيقية نتيجة منهج التثمين السابق الذي يبنى فقط على الخبرة في السوق، بينما الأصل أن معايير وطرق تثمين عالمية تطبق للوصول للقيمة الحقيقية للعقار تحتاج إلى مثمنين محترفين لديهم مؤهلات أكاديمية تتناسب مع المهنة وإلمام بعلوم الجغرافيا والهندسة والمساحة والاقتصاد والمحاسبة والإدارة المالية والتمويل وأن يتمتعوا بخبرة مناسبة ولديهم الوعي والفهم والقدرة على الاستعمال الصحيح لطرق وفنون التثمين المعترف بها واللازمة لإنتاج تثمين قابل للتصديق، كما يملكون معرفة جيدة بالتشريعات والقوانين الرسمية في السوق العقاري، والالتزام بالحيادية ومراعاة المقاييس العليا لأخلاقيات وميثاق شرف المهنة. ويشير المستثمر العقاري خالد عبدالله الضبيعي الى أن الأصول العقارية في المملكة ضخمة جدا بسبب ضخامة حجم الاقتصاد السعودي ولعوامل كثيرة جدا مثل تعدد أصول الشركات وكبر حجم التركات وتعدد المشاريع، مما يجعلنا في حاجة ماسة إلى تقييم مثل هذه الأصول بصورة عادلة للنهوض بصناعة العقار بالمملكة. واضاف أن وضع قواعد وتنظيم للتقييم العقاري وإرساء معايير واضحة ومحددة وثابتة يحقق العدالة ويرفع الآداء وينظيم السوق، وهو ما يهدف اليه قرار مجلس الوزراء الذي يحتاج لسرعة إنجاز وتفعيل، فصناعة العقار في المملكة تعاني بطئا شديدا في التطوير والنهوض بها، وإن كنا بدأنا نلمس حراكا عقاريا منذ أن أعيدت للعقار هيبته بإعادة وزارة الإسكان وأخذها المبادرة لتطوير السوق بمشاركة وزارات العدل والتجارة والبلديات وتفاعل مجلس الشورى. من جهته، يؤكد الخبير العقاري ياسر ابو عتيق ان القرار يهدف الى الحد من مغالاة وجنون أسعار التثمين بشكل كبير، مشددا على أن قصور الوعي في هذا القطاع يكبد السعوديين خسائر فادحة، داعيا الى اهمية تأهيل كوادر وطنية قادرة على التعامل باحتراف في مجالات التثمين العقاري المحلي. ونوه على اهمية انتشار الوعي العقاري المثالي بين شرائح المتعاملين في السوق لاستقرار السوق والتقليل من المضاربات والمخاطر فيه، لأن الجميع سيتحدث بلغة الحسابات والتحليلات المنطقية وليس الشائعات ورغبات الآخرين، مشيرا الى ان التثمين العقاري في المملكة يواجه تحديات كبيرة، أهمها قصور الوعي بأهمية التثمين العقاري الذي يجنب المستثمرين دفع مبالغ إضافية تزيد عن قيمة العقار الحقيقية، وعدم قدرة المستفيدين من التثمين العقاري على اختيار المثمن المناسب للعقار المناسب حيث لا يوجد معايير موحدة لممارسة مهنة التثمين العقاري ولا يوجد معايير عمل للحكم على أداء وعمل المقيمين، ومن التحديات التي تواجه المهنة عدم توفر المعلومات في السوق، إما بسبب عدم أرشفتها بالشكل الصحيح أو نتيجة عدم تعاون المتعاملين في السوق فيما بينهم، وعدم إتاحة الحصول على المعلومات من القطاعات الحكومية ذات العلاقة مثل كتابة عدل أو الأمانات والبلديات، وهذا يتطلب جهدا كبيرا جداً من المثمن للحصول على المعلومة التي تساعده على بناء قيمة العقار الصحيحة. واوضح أن عدم اكتمال المنظومة العقارية من أنظمة وقوانين، ساهم الى حد بعيد في عدم فعالية وسائل التمويل الخاصة بتمليك المنازل خلال الفترة الماضية. وأضاف: المثمن العقاري يلعب دورا هاما وحيويا فهو عين الممول في السوق العقاري ويوفر معلومات وبيانات هامة عن السوق لتساهم في اتخاذ قرار ائتماني سليم يتعلق بالمخاطر التي يتم التعرض لها عن طريق التمويل العقاري. والمهم اتباع أفضل المعايير في اختيار المثمن العقاري ومن أهمها: توفر الاستقلالية، فلا يمارس أعمال الوساطة بجانب التثمين، وأن يكون التثمين العقاري النشاط الرئيسي والوحيد للمنشأة، والتأكد من مستوى التعليم والخبرة والممارسة والسمعة وتوفر المراجع.