هل عصائر الاقتصاد الصيني تتدفق مثل المشروب الصيني بايجو في الولائم، أم أنها تتخثر مثل بقايا وجبة الأمس؟ في الغالب البيانات الرسمية غير موثوقة. هناك قاعدة بيانات متنامية من المؤشرات البديلة- من مبيعات نفس المتاجر في كنتاكي فرايد تشيكن إلى مبيعات الشقق في المدن الكبيرة- وهذه تعطي طريقة مختلفة من أجل فهم الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وفيما يلي ما تقوله البيانات. مصدر القلق الرئيسي حول الاقتصاد الصيني في النصف الثاني من عام 2014 هو التراجع في قطاع العقارات. تراجع أعمال الإنشاء يهدد بالإضرار بالطلب على كل شيء من الفولاذ إلى الأثاث. ترسم الأرقام الرسمية صورة كئيبة، حيث تراجعت المبيعات في يوليو، وتراجع العمل على المشاريع الجديدة. هناك مؤشرات بديلة من وكالات العقارات الخاصة، وهي تشير إلى الاتجاه نفسه. الأرقام من مؤسسة معلومات العقارات الصينية تبين أن المبيعات في أكبر 30 مدينة في الصين في يوليو تراجعت بنسبة 45 في المائة عن الفترة نفسها من عام لعام. آثار التباطؤ في سوق العقارات تتردد أصداؤها عبر القطاع الصناعي. تشير البيانات الرسمية إلى أن الزيادات في إنتاج المصانع تشهد الآن حالة من التباطؤ. وتشير الأرقام حول إنتاج الكهرباء، وهو مؤشر يلجأ إليه حتى رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانج كمقياس على النشاط الاقتصادي، إلى أن إنتاج المصانع يمكن أن يكون في حالة تراجع. تراجع إنتاج الكهرباء ليصل إلى نسبة نمو سنوي مقدارها 3.3 في المائة في يوليو. وهذه أبطأ نسبة نمو منذ أكثر من عام. يرى البعض أن الكهرباء تعتبر دليلاً لا مجال للشك فيه حول الصحة الحقيقية للاقتصاد الصيني. والواقع أن أي شيء من التراجع في تكييف الهواء إلى حالات الانقطاع في إمدادات الكهرباء يمكن أن يفسر أرقام يوليو المنخفضة. هناك أيضاً علامات تشير إلى تراجع استهلاك السلع الفاخرة. مبيعات المجوهرات في هونج كونج وتراجع إيرادات الكازينوهات في ماكاو- وكلاهما مؤشران يستخدمان على نطاق واسع لدراسة أرقام الإنفاق من أغنياء الصين- هي في حالة تراجع. وربما يكون من المغري أن نرسم خطاً مستقيماً بين حملة قمع الفساد التي يقوم بها تشي جينبينح، رئيس الجمهورية، والتراجع في الطلب على السلع الفاخرة. لكن هذا يعد مبالغة في التبسيط. لا تزال مبيعات سيارات BMW في الصين قوية- وهو أمر لا ينسجم مع التراجع في الإنفاق على السلع الفاخرة في الصين. تظل قصة الاستهلاك لدى الطبقة المتوسطة على حالها. في يوليو سجلت مبيعات التجزئة نمواً متيناً بنسبة 12.2 في المائة عن الفترة نفسها من عام لعام، وفقاً للأرقام الرسمية. وترسم المؤشرات البديلة صورة مشابهة. مبيعات سيارات الركاب تسير بقوة. وتقول شركة يام Yum- المالكة لشركة كنتاكي فرايد تشيكن- إن المستهلكين الصينيين مستمرون في دفع المال مقابل شراء أجنحة الدجاج المقلي من محلاتها. من الممكن أن التراجع في قطاع العقارات وتباطؤ نمو الأجور سيؤدي إلى إضعاف ثقة المستهلكين في الصين. لكن هذا الأمر لم يحدث حتى الآن. تعتبر الصادرات نقطة قوية أخرى حيث كانت المبيعات في البلدان الأجنبية تتوسع بأسرع معدلاتها، كما تقول البيانات الرسمية، منذ أبريل 2013. وتشير المؤشرات البديلة إلى الاتجاه نفسه. حركة الحاويات في ميناء شنغهاي- وهي مؤشر بارز بوضوح للعيان حول الحركة التجارية- تمر في حالة من التسارع. وفي الوقت الذي ينتعش فيه الاقتصاد الأمريكي، ينتعش معه الطلب على البضائع المصنوعة في الصين. بالمثل، فإن التراجع في قيمة اليوان في النصف الأول من العام- وهو ما أدى إلى تقليص السعر الأمريكي للسلع الصينية ببضعة سنتات- لم يؤذ الصادرات كذلك. يبدو أن التضخم تحت السيطرة حيث تشير الأرقام الحكومية إلى زيادة عادية مقدارها 2.3 في المائة في الأسعار الاستهلاكية في يوليو، وهي نسبة تعتبر أدنى بكثير من الهدف الذي وضعته الصين لهذا العام، وهو 3.5 في المائة. تشير المؤشرات البديلة إلى أن الأسعار يمكن أن تكون حتى في حالة هبوط. مؤشر علي بابا لأسعار التسوق على الإنترنت يضع أسعار البضائع التي تباع على موقع تاوباو وتي مول في المنطقة الانكماشية. إذا كان الانكماش على النحو الذي حدث في اليابان، فهذه ستكون علامة مثيرة للقلق. لكن في هذه الحالة، فإن ما يدفع الأسعار إلى الأدنى على الأرجح هو الضغط التنافسي الكبير على الأسعار على الإنترنت، وليس ضعف الطلب. أصبحت البيانات الرسمية الصينية هدفاً سهلاً للانتقادات. أكثر من عقد من الإصلاحات في المكتب الوطني للإحصاء جعل كثيراً من هذه الانتقادات لا تقوم على أساس. وإن مراجعة أفضل الأرقام البديلة المتوفرة تكشف عن حكاية شبيهة إلى حد كبير بأرقام الإحصائيات الرسمية. قطاع العقارات ضعيف، وهذا يؤذي الإنتاج الصناعي. لكن مبيعات التصدير متينة، وكذلك الاستهلاك من قبل الطبقة المتوسطة في الصين. وحيث ان التضخم منخفض، وجهود التحفيز محدودة حتى الآن، فلدى الحكومة مجال لأن تبذل جهوداً أكبر من أجل تعزيز النمو الاقتصادي في الصين.