يبدو أن منظمة التجارة العالمية بحاجة إلى تطوير أدواتها لتواكب المتغيرات الاقتصادية العالمية، ويبدو ذلك واضحًا من خلال رفض رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي في نهاية يوليو الماضي التوقيع على اتفاق لتسهيل التجارة من خلال تبسيط القواعد الجمركية في جميع أنحاء العالم، وذلك بسبب عدم تغيير منظمة التجارة العالمية لقواعدها، لكي تسمح له بتوسيع دعم المواد الغذائية. وأشار معهد «بيترسون» للاقتصاد الدولي في واشنطن إلى أن البلدان النامية كانت الأكثر استفادةً من اتفاق تسهيل التجارة، وكان من المقرر إيجاد 21 مليون فرصة عمل، وكلها تقريبًا في البلدان الفقيرة، بالإضافة إلى تعزيز الناتج المحلي الإجمالي في البلدان النامية بقيمة 523 مليار دولار، ولكن الرفض الهندي دفع الصفقة للفشل. وأكثر الاتفاقيات التجارية الإقليمية شيوعًا هي اتفاقيات مناطق التجارة الحرة والتي تمثل 84% من إجمالي الاتفاقيات الإقليمية المفعلة، حيث لا تزال العوائق التجارية بين الدول لكي يحتفظ كل بلد بسياسته تجاه الآخر. واكتسبت التجارة الإقليمية أهمية متزايدة بالنسبة للمشهد الاقتصادي العالمي، حيث ازدادت بمقدار ثمانية أضعاف منذ تسعينيات القرن العشرين ليصل عدد إخطارات اتفاقات التجارة الإقليمية إلى 379 إخطارًا مفعلًا. وألقت مجلة «الأيكونومست» باللوم على منظمة التجارة العالمية لعدم قدرتها على التفاوض مع رئيس الوزراء الهندي، مؤكدة احتياج المنظمة لإصلاحات جذرية من أجل البقاء. وتعد الهند هي الوحيدة التي تتبع حماية شديدة فيما يتعلق بالزراعة، وسط العديد من الدول الغنية التي تتبع نظم حماية جمركية شديدة التعقيد، حيث تهدف التعريفة الجمركية في اليابان إلى إغلاق التجارة تمامًا وعزل صغار المنتجين مع منافسة لا تتسم بالقوة، حيث ترفع التعريفة الجمركية 778% على الأرز و328% على السكر، وتستنزف السياسة الزراعية المشتركة للاتحاد الأوروبي 40% من موازنتها. ولكن دعم الغذاء في الهند كبير للغاية ويكلفها حوالي 1% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا الأمر له عواقب سيئة، حيث يؤدي إلى مخزونات ضخمة غير مرغوب فيها، أو فساد المنتجات، أو تفشي الفساد، وهو ما يمكن تجنبه إذا تم تغيير نظام الدعم عن طريق إعطاء الأسر الفقيرة نقودًا أو كوبونات للطعام. وقالت المجلة: إن تغير نظام الدعم في الهند سيجعلها تتوافق مع قواعد منظمة التجارة العالمية، ومن ثم يجب على السيد مودي العمل على ذلك بدلًا من أن يضيع على الهند الاستفادة من تلك الصفقة. وأكدت المجلة أنه لا يمكن إلقاء اللوم على السيد مودي؛ لأن تلك مهمة مدير منظمة التجارة العالمية روبرتو أزيفيدو لتسوية مثل هذه الخلافات بين الأعضاء.