جاء تبني مجلس الأمن وبالإجماع لقرار أممي بموجب الفصل السابع ضد داعش وجبهة النصرة، ليكون بمثابة تغير استراتيجي جديد في مقاومة الحركات والتنظيمات الارهابية، خاصة وبعد ان سيطرت داعش على مساحة شاسعة من الاراضي السورية والعراقية، وأصبحت قريبة من البحر والأمن الأوروبي، ناهيك عن إمكاناتها وقدراتها المالية والبشرية، حيث تؤكد المعلومات بأن 50 ألف مجاهد هم تشكيلة قوة داعش ، والتي ازدادت قوة بعد سيطرتها على الموصل واستيلائها على أسلحة الجيش العراقي دون إراقة دماء ، وبعدما فشل الجيش العراقي مؤخراً في استعادة مدينة تكريت. هذا القرار عدا عن كونه يعمل على تحجيم قوة داعش ومحاصرتها في سورياوالعراق، وذلك بقطع مصادر تمويلها، وتجنيدها للمقاتلين الأجانب، حيث اعتبر قرار الأممالمتحدة، بأنه أوسع قرار لمواجهة الجماعات الإرهابية، إلا أن تنفيذ هذا القرار سيكون بيد الأمريكان على الخصوص، كما انه عبر ايضا عن وحدة الدول ال15 الاعضاء في مجلس الامن الدولي. وعلى الرغم من ان القرار في ظاهره هو محدد المهمة ضد داعش وجبهة النصرة، وكما قال السفير الروسي في الاممالمتحدة، بيتر ايليشيف بأن هذا القرار لا يمكن اعتباره موافقة على عمل عسكري، غير أن العديد من المحلليين ذهب إلى أن هذا القرار في باطنه سيمنح الأمريكان قدرة على إضعاف داعش، وأيضاً يمنحهم إمكانية المساهمة في تعديل الأوضاع في سوريا بالضد من عملية التوازن الهشة بين النظام والمعارضة، حيث يتوقع البعض بأن يكون هذا التفويض باعتباره أداة للتدخل وقلب الأوضاع في سوريا، إذ إن مصادر أمريكية تؤكد بأن نواباً في الكونغرس الأمريكي، من الحزبين "الجمهوري" و"الديمقراطي"، يصعّدون ضغوطهم على إدارة الرئيس، باراك أوباما، لمد نطاق الضربات الجوية من شمال العراق، لتشمل قواعد تنظيم (داعش) في سورية، ومراكز تنظيم "القاعدة" في اليمن. هذه المصادر تفيد بأن هناك دعوات ومقترحات لإرسال قوات برية خاصة وذات تسليح نوعي إلى العراق، ومنح الجيش الامريكي صلاحيات تمكنه من دخول كل من سوريا واليمن، حال تلقت الإدارة الأمريكية طلباً من الحكومة اليمنية أو المعارضة السورية، حيث تحتاج الادارة الامريكية الى ادخال تعديلات بسيطة للتفويض، ليكون بمثابة تفويض جديد، بينما استهداف تنظيم القاعدة والحوثيين في اليمن لا يحتاج الى تفويض لأن امريكا حصلت على موافقة يمنية وتفويض سابق للقيام بمهام محددة. وفي الشأن السوري، فإن الرأي يتوجه نحو ضربة ثلاثية الأبعاد توجه إلى مفاصل النظام وتنظيم داعش وجبهة النصرة، في وقت تجتمع المعارضة ذات التوجهات المعتدلة في اسطنبول لصياغة رؤية جديدة لسوريا تستند الى الحقائق الواقعية ودون اقصاء او تهميش، فيما تجري اتصالات جادة مع شخصيات عسكرية وعلوية، للتخلي عن النظام والمساهمة في بناء الدولة السورية الجديدة، في الوقت الذي يضرب فيه تنظيم القاعدة في اليمن بقوة، وتخسر داعش بعض نقاط قوتها في العراق، ومخاوف جبهة النصرة مما يجري لداعش في العراق، وبعد قيام طائرات امريكية بقصف مواقع لداعش في دير الزور والرقة انطلاقا من تركيا، رصدت اتصالات متقطعة بين مبعوثين عن البغدادي وابومحمد الجولاني وزعيم تنظيم القاعدة في اليمن ناصر الوحيشي، وبعض قوى الاسلام السياسي في المنطقة ، فيما تشير المعلومات الى شخصية امنية سورية التحقت مؤخرا بالبغدادي تقوم بأعمال التنسيق بين البغدادي والحوثيين في اليمن لاستهداف المصالح الامريكية، الامر الذي يكشف احتمالية تورط طهران بهذا الموضوع خاصة بعدما رصدت المخابرات المصرية اتصالات بين مجموعة قريبة من الاخوان وبعض المقربين من داعش. التحذيرات الاوروبية من داعش ومخاطرها على الأمن الغربي باتت تشغل مواقع واضحة في الصحافة ووسائل الاعلام الامريكية، فقد حذر ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا من نشوء "دولة ارهابية" على سواحل البحر المتوسط في مقال نشره في صحيفة "الصنداي تلغراف" في اشارة الى الدولة الاسلامية، ويعتبر خطر هذا التنظيم ليس بعيدا عن بريطانيا والقارة الاوروبية، ويحث الغرب على التجاوب "بشكل أمني صارم" لموجهته، مؤكدا "ان القضاء على هذا للتنظيم بالضربات الجوية فقط" كما دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لتبني استراتيجية عالمية لمواجهة تنظيم داعش، وقال لصحيفة لومند الفرنسية: ان سيطرة داعش على اراض شاسعة من العراقوسوريا وامكانات مالية وعسكرية يحتم علينا ضرورة التحرك ضده. حملة الإعدامات الإعلانية التي تقوم بها داعش بمناظر مقززة، وليست قريبة من الاسلام، باعتبارها ردا على التدخل الامريكي في العراق، فهذا اللون الانفعالي والدموي لن يحقق نتيجة، لا بل على العكس، فإن هذا سيدفع الامريكان للتدخل بقوة لأنها ظاهرة داعش التي جاءت فجأة، وقد تختفي فجأة ايضا، فمصالح المجتمع الدولي تدفع به الى التفاهم والتوافق فيها بينه لمحاصرة ومحاربة داعش وان كانت علاقاته الثنائية متقاطعة.