العقل والنقل والواقع والضرورة توجه الإنسان إلى الكمال والاتزان ووضع الأمور في مواضعها وجودتها وإتقانها. الواجب علينا جميعاً أن نربي أنفسنا وأولادنا وأجيالنا على الحرص والعمل على الأخذ بكل نافع ومفيد، والارتشاف من كل نهر عذب، والأخذ من كل زهرة عبقة جميلة حتى تكون شخصياتنا متكاملة وحياتنا متزنة، كما كان نبينا عليه الصلاة والسلام، وأصحابه الأخيار. من الناس من يهمل نفسه وولده ويترك الحبل على الغارب كما يقال من غير توجيه ولا نصح ولا استشارة ولا عمل فيعيش حياته سبهللاً يتعلم فنا ويذهب لغيره ويترك مهما ويفرط في ضروري، وقد يترك كل شيء ويعيش على الهامش، فلا يدري أين مكانه، ولا كيف موقعه، ولا ماذا لديه، وماذا عنده، وماذا يحتاج؟ !. ومن الناس من يحرص على أن يعلم ولده القرآن فقط دون التوجيه إلى الأخذ بتوجيهات القرآن والتي منها الحث على تعلم كل نافع ومفيد لتكتمل الشخصية وتتزن الأمور. الواجب علينا جميعاً تربية أولادنا على الأخذ بكل نافع ومفيد في الدين والدنيا، يجب أن نعلمهم الكتاب والسنة وعلوم الدين والدنيا النافعة من تعليم الفروسية والسباحة والرمي ومجموعة من اللغات والمهارات، فكتاب ربنا، وسنة نبينا، يحثاننا على تعلم كل مفيد، والأخذ بكل نافع، قال الله تعالى:( وقل رب زدني علما )، وقال سبحانه في صفات عباده:( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما )، وقال نبيه عليه الصلاة والسلام: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن. وقال عمر الفاروق رضي الله عنه: علموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل. وقال: إني أرى الرجل فيعجبني فإذا قيل لي إنه سبهللا لا في عمل دين ولا دنيا سقط من عيني. وفي العصر الحديث تيسر الحصول على العلم واكتساب المهارات بمدارس ومعاهد ودورات وأنشطة ولم يبق إلا الدافع الذاتي والتوجيه الأبوي فهذه دورات مكثفة وأمدية ومتنوعة لتعليم القرآن الكريم والسنة النبوية والمتون الشرعية والنصوص الإسلامية، وهذه دورات تعليم اللغات وتعليم المهن من تجارة ونجارة وكهرباء وصناعة وغيرها، وتلك برامج لتعليم الحاسب والفروسية والسباحة والإلقاء والخطابة والكتابة وغيرها. فهلموا أحبتي أنتم وأبناؤكم وطلابكم لدخول ميادين العلوم المختلفة والمهارات المتعددة، لنخرّج أجيالاً متكاملة، وعقولاً فذة، وأفكاراً مستنيرة تأخذ الدين والدنيا معه، بدلاً من الكسل والخمول والانحطاط، والاكتفاء بما نحن عليه! قال الإمام ابن القيم -رحمه الله: فالعبد لا يزال في تقدم أو تأخر ولا وقوف في الطريق ألبتة، قال تعالى: ( لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر ). الحياة سباق، والبقاء والسيادة فيها للأعلم والأقدر، ومن لديه ما يشفع له، ومن عنده ما يمكنه. وما المرء إلا حيث يجعل نفسه *** ففي صالح الأعمال نفسك فاجعلِ. قال أبو الطيب: هو الجد حتى تفضل العين أختها وحتى يكون اليوم لليوم سيدا.