ظهر تنظيم «داعش» للمرة الأولى في (ابريل) 2013م، وقدم على أنه نتيجة اندماج بين تنظيمي «دولة العراق الإسلامية» التابع ل «القاعدة» و«جبهة النصرة» السورية، إلا أن هذه الأخيرة رفضت الاندماج على الفور، ما تسبب في اندلاع معارك بين الطرفين في (يناير) 2014م لا تزال مستمرة بتقطع حتى اليوم. واعترض «داعش» علناً على سلطة زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري ورفض الاستجابة لدعوته إلى التركيز على العراق وترك سورية لجبهة «النصرة». الكثير من شباب الأمة الإسلامية قد غرر بهم فأطاعوا أهواءهم وإن كانت تودي بهم إلى مهلكة دون علم منهم، فكيف ذلك ومن المحرض الرئيسي للشباب ولماذا ينضمون إليهم؟يتضح ذلك في الاستطلاع التالي: إشكالية في الفكر يقول معاذ الملحم مهندس بمركز أميانتيت للأبحاث والتطوير: هناك مجموعة من الشباب قد تأخذهم الحماسة ويذهبون إلى سوريا لنصرة اخوانهم وهو يجهل الفكر الموجود لدى أعضاء «داعش»، فقد يذهب بحسن نية بعدم معرفة كاملة للواقع لأنه قد رأى صور وفيديوهات المآسي الواقعة على اخوانه المسلمين هناك؛ فتأخذه العاطفة لينصر المسلمين، ويؤكد الملحم أن الشاب حينما يذهب إلى هناك تتلقفه مجموعة من الناس الذين لديهم إشكالية في فكرهم وهذا أحد أنواع الشباب الذي قد استعجل في أمره، اما النوع الثاني فهم على دراية تامة ب «داعش» ويعرفون طبيعة أفكارهم فيذهبون إليهم، وهؤلاء الشباب هم من الأصل مغرر بهم ونحتاج إلى إصلاح واقعهم بشكل كبير. ويذكر معاذ عن المحرض لهؤلاء الشباب قائلاً: هناك قاعدة وهي أن أي شيء يريده الإنسان في هذه الحياه سواء كان ذلك سلبياً أم إيجابياً فسيجد من يقول له افعل وسيجد من يقول له لا تفعل، فعلى الإنسان أن يتقي الله عزّ وجل حتى يعبد الله على بصيرة ويفعل ما أمر الله عزّ وجل به وما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وما فهمه سلف الأمة وعلماؤها الراسخون في العلم. ويقدم معاذ نصيحة لهؤلاء الشباب بقوله: دائما الذي يحركنا ويجعلنا نحدد الشيء الصحيح والشيء غير الصحيح هو قال الله عزّ وجل وقال النبي صلى الله عليه وسلم وقال الراسخون في العلم، فيجب أن نحدد منهجنا وهو القرآن والسنة بفهم سلف الأمة وهو الفهم الصحيح ممن كان بقرب النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح وعلماء الأمة، ويذكر معاذ أنه من المفترض ممن يفكر بهذه الأفكار الضالة أو اللوثات الفكرية أن يتقي الله عزّ وجل ويرجع إلى الراسخين في العلم من العلماء الثقات الذين يبحثون عن مصلحته قبل أي شيء. اتباع للأهواء ويذكر عايض القحطاني طالب بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود أن الشباب الذين قد ذهبو لداعش هم شباب ضلوا عن طريق الحق، متبعين لأهوائهم، بعيدين كل البعد عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ويرى عايض أن المحرض لهم هم أهل ضلال ممن يفتي بغير علم وقد يكونون أو ينسبون إلى أنفسهم لفظ «دعاة إلى الله»، ويقدم لهم النصح بقوله اتقوا الله تعالى، وراجعوا أنفسكم واعلموا أنكم محاسبون على كل ما تقومون به، وتذكروا قول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولو الأمر منكم». غرهم مسمى دولة الخلافة ويقول محمد طلال الهاشمي طالب بجامعة الإمام محمد بن سعود ان الشباب الذين ذهبوا سابقاً غالبهم مُضللون، أما الذين ذهبوا بعد ما تبينت حقيقتهم فهم مخطئون جملة وتفصيلا، ولا شيء يُبرر لهم انضمامهم لهذا الفصيل، ويرى الهاشمي أن المحرض لهم ربما يكون أصدقاؤهم الذين سبقوهم لذلك الفصيل، الذين يرون الحق فيما يعملون فقط، وربما حرضهم ما يتعرضون له من تضييق، فاغتروا بما يسمى (دولة الخلافة) وأنهم سيطبقون شرع الله بكل حرية. وينصح الهاشمي الشباب بقوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَزَوَالُ الدنيا أَهْوَنُ على اللهِ من قَتْلِ مُؤْمِنٍ بغيرِ حقٍّ»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قالَ الرَّجلُ لأخيهِ يا كافِرُ، فقد باءَ بِه أحدُهُما»، فلا تكثر أيها الشاب المغرر به من خصمائك يوم القيامة، واعلم أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، فانظر إلى تعامله مع صحابته، وتعامله مع اليهود، وتأسَّ به تُفلح. الحق أبلج، والجنة عرضها السماوات والأرض، فلن تكون حصرا لفصيل، وملايين المسلمين الذين لم يبايعوا أميركم من اهل النار. التحريض الالكتروني ويعبر الطالب الجامعي أحمد حصريم عن رأيه في الشباب الذين ينتمون لداعش قائلا: على الإنسان المسلم أن يفكر ويتمعن في قراره وأن يستشير قبل الذهاب إلى الجهاد، وأن يستخير الله عزّ وجل قبل كل شيء وفي وقتنا الحاضر حرم العلماء والمشايخ جواز الذهاب إلى الجهاد مع منظمة داعش التي بُنيت وأسست على قواعد إسلامية خاطئة جداً وعلى من يذهب ويؤيد هذه المنظمة أن يراجع نفسه ويتقي الله قبل كل شيء. وعن المحرض لهم يعتقد أحمد أن هدف الشباب الذين يذهبون هو بلوغ الشهادة في سبيل الله عزّ وجل وهي أمنية كل شاب مسلم، ولكن استغل قادة هذه المنظمة حماس الشباب الإسلامي وقاموا بزرع فكرهم واعتقادهم الخاطئ وكان أبرز أحد وسائل التحريض هي ما يبث في مواقع التواصل الاجتماعي تويتر والواتساب والفيس بوك واليوتيوب التي استغلوا انتشارها بزرع فكرهم الضال والهادم للمجتمع الإسلامي. وختم حصريم حديثه بنصيحة وجهها لهم ولكل من يعتنق هذا الفكر: بأنه ينبغي على كل شاب ذهب للجهاد معهم أو يريد أن يذهب أو يؤيدهم أن يتقي الله عزّ وجل قبل كل شيء وأن يتحرى عن هذا الموضوع، خصوصاً أن العلماء والمشايخ قد بتوا في هذا الأمر والإسلام أمر وأرشد إلى أن نتجنب الاختلاف، وأذكره أن يأخذ برأي ولاة الأمر والمشايخ والعلماء وأن يدعو الله أن يبين له الحق ويرزقه اتباعه، ولاشك أن فكر هذه المنظمة وأهدافها وما تفعله يثير الريبة ويشكك الإنسان المسلم في أنها تخدم الإسلام والمسلمين. من الجهاد إلى الإرهاب ويضيف بدر العتيبي موظف حكومي أن الشباب يغلب عليهم الحماس وحب الجهاد ونصرة الدين، ولكن هذا الحماس وصغر السن وجهلهم في الدين كان وراء انجرافهم خلف هذه التيارات التي تغرر بالشباب المتحمس وتتخذ الدين كغطاء لخدمة مصالحها الدنيوية، وهذا أحد أسباب تلوث أفكار شباب المسلمين وتحوله من فكر جهادي صحيح إلى فكر إرهابي خاطئ، ويؤكد بدر أن التحريض يكون من أعداء المسلمين سواء أعداء حقيقين كالكفار أو مندسين كالمنافقين ويجمعهم هدف الإطاحة بالإسلام وأهله بل قمعه بالكلية، وللأسف يستخدمون إعلامنا وشبابنا المسلم لخدمة مصالحهم وتنفيذ خططهم. وينصح العتيبي الشباب بالتوجه إلى العلماء الربانيين الثقات والالتفاف حولهم لأنهم هم من يرى الفتنة وهي مقبلة، ويقدرون المسائل بقدرها وعدم اتباع الأهواء واتخاذ الآراء الفردية التي قد تكون آراء عكسية تضر الفرد والأمة، بالإضافة إلى طلب العلم. شهوة غلو خفية وشارك في موضوع الاستطلاع الشاب عبدالله الغملاس دكتور طب الاسرة، وقال: رأيي فيمن غرر بهم من الشباب أنهم مثل فتى يعشق كرة القدم بل تجري في دمه ومستعد أن يضحي بكل شيء لأجل شعار بلده وإعلاء رايته، لكنه للأسف أُقحِم في الملعب بدون أن يرشده أحد عن قوانين اللعب وفي أي جهة هو فريق بلده وما هو لون لباسه، فأخطأ المسكين الهدف وأصبح يجري بالكرة ليسجلها مخدوعاً في مرمى بلده وأمته الإسلامية وهو يحسب أنه من الذين يحسنون صنعاً!. وأضاف الغملاس: هم فتية آمنوا بربهم لكنهم أخطأوا في اتباع نبيّهم وانحرفوا عن هديه وسنّته، فلم يتحقق لهم الشرط الثاني لقبول العمل وتحقيق مرضاة خالقهم، وبلا شك باعوا دنياهم بآخرتهم وحملوا هم أمتّهم لكنهم تلقفتهم المحاضن الخاطئة وتم استغلالهم ليكونوا وقوداً وضحيةً لأيديولوجيات سياسية وانحرافات فكرية. لا شك أن المحرض الرئيس لهم هو الظلم والظلمة، واعتداءات الكفرة والطغاة وتسلطهم على الشعوب المسلمة واستضعافهم بشكل مستمر في ظل صمت وتخاذل عالمي وترهل وضعف عربي إسلامي أدى الى الاحتقان الشديد عند هؤلاء الشباب الغيور مما دفعهم للتعبير والتنفيس بمثل هذه الوسائل وان كانت خاطئة متطرفة!. ونصيحتي لهم بأن يتقوا الله، ويقفوا وقفة تجرد تكون لله وحده لا يرقبون فيها أحداً من البشر، يراجعون فيها آيات القرآن وتفسيرها وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ويتدبرون فيها الوعيد الشديد لمن قتل مؤمناً ورمى مسلماً بالكفر وتساهل في ذلك، يستضيئون في مراجعتهم هذه بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وحاله مع الخوارج منذ عصره وأحاديثه الواردة فيهم، ويستنيرون بأقوال السلف الصالح من الصحابة والتابعين الذين عاشوا فتناً وأحداثاً مشابهة لما نعيشه الآن، فهم خير من يُقتدى بهم وخير متبع للرسول. وأردف: لن يكون ذلك إلا إن كان حقاً أولئك الشباب يريدون الاقتداء بالسنة واتباعها وليس الانتصار للنفس والتعصب للأشخاص وتلبية شهوة غلو خفية تتلبس القلب.