وماذا بقي من إحجام فعلي يا بني يعربي!؟ ألم تعلموا بأن مجرد اسم غزة أصبح لجهاد الحق ميزة!؟ فلو دبغ اسم غزة على قميص عادي أو معطف بال لغدا أشرف بزة عسكرية تكسوها النياشين والأوسمة الحربية في الشجاعة والشرف والحرية. إن جميع المتقلبين في النعم ومجمل الذين ليسوا من أهل فلسطين، ممن كتب الله لهم التمكين في بلادهم، حري بهم أن يتعلموا دروساً في اجتماع الكلمة وتوحيد الصف من معجزة غزة دار الكرامة والعزة، وإن قلوبهم لتحتاج لوكزة من قوة رجال غزة، وأرواحهم لتحتاج لهزة من شموخ نساء غزة، وحتى أطفال غزة أصبحوا همزة وصل بين ماضيهم التليد وحاضرهم المجيد، فها هو العدو الصهيوني ينفض من جديد غبار أسلحته التي تذيب الحديد؛ ليثخن بأهلنا بغزة ويملأ ثلاجات الموتى بالشهداء بعد تعمده بضرب مدارس تابعة لمنظمة دولية، تأوي أسراً للاجئين في تحد عنيد من أنه فوق القانون وتأكيد منه ووعيد من أن تنكيله بالفلسطينيين سيكون أشد وأنكى من المرات التي قبلها، فرحاً باستدارة المسلمين عن قضيتهم الحقيقية فلسطين وتوجههم بظنهم لأداء واجب الجهاد ضد أنظمتهم فيما سمي ربيعاً عربياً، بينما ماهيته ربيعاً دموياً، أهلك العرب وأنعش إسرائيل. نعم، استغل (نتن.ياهو) وجزاروه اشتغال شعوبنا في اقتتالهم على السلطة، واستفرد بأهلنا في غزة؛ ليكمل مسلسلاته الإجرامية مُذ رمضان إلى الآن مستأنفاً مجازره التي اشتاق لأدائها، فلا حسيب لكونه مكفول وكل من يُستنجد بهم ضد جرائمه هم حامينه وممولينه بالأسلحة سواءً من البيت الأسود أو غيرهم من الداعمين، فلا المظاهرات من شتى دول العالم نفعت، ولا سفن الحرية عن حصار غزة منعت، ولا الاتحاد الهروبي لا الأوروبي حرك ساكناً، ولا خطابات الشجب والإنكار والكلمات التاريخية حركت راكداً، ولا هيئة الأمم المتحيزة لا المتحدة أصدرت قرارات، ولا مجلس الدم لا مجلس الأمن أوقف الانتهاكات، ولم تخجل المنظمات التي أوجدها الكبار لحماية أنفسهم فقط عن الجرائم التي تمارسها بحق الصغار، ولا الذين استغلوا قضية فلسطينالمحتلة لمصالحهم المنحلة، ولتحقيق مآرب نفوذية ومطامع توسعية سواءً أكانوا أفراداً وزرافات أو دولاً وحكومات وسط رضا من شرذمة المجتمع الدولي. لقد توالت الصفعات على أمتنا، وزادها تمزقاً اقتتال أبنائها فيما بينهم، واستحلال دماء بعضهم البعض، مما جعل الغرب وحلفاءه يعربدون بقضايانا وأراضينا كيفما شاءوا، وآن الأوان للاعتراف بأننا عشنا عقوداً تحت وطأة شعارات تضليلية، كمحور الممانعة والمقاومة من أحزاب وجيوش لم توجد إلا لحماية أنظمتهم الحاكمة، ولم ندرك ذلك إلا بعد وقوع الفأس في الرأس، وما رأيناه بدول الربيع الدموي لهو البرهان، لقد أكد رجال غزة ببنادق تقليدية وصواريخ عادية وحجارة كأنها من سجيل، أنهم هم الكفؤ لمواجهة العدو الأزلي الممتلك للكيميائي والنووي، وأنهم المدافعون عن قضية الأمة، وهم في أحلك أزمة بل ولا مناص من الصدح بالحقيقة الخفية، أنهم يصدون مخاطر محدقة بنا جميعاً من سعي تمدد مستعمرة صهيون، وإيقاف زحفها، وليست جيوشنا من تقوم بذلك ولا الجهات المتطرفة التي شوهت الإسلام بأفاعيل منكرة باسم الجهاد، بل خدمت بذلك إسرائيل، لم يكن لها أن تقوم بها لوحدها طيلة عقود احتلالها لأراضينا، ومنحت ذرائع للغرب بأن يبسط يده على بلداننا؛ بحجة مكافحة الإرهاب في ظل تضعضع دولنا العربية، فهنيئاً لكم يا أهل غزة الجهاد الصائب، هنيئاً لكم الشهادة وشرف الدفاع عن الأمة، ولينكفئ كل من خذلوكم على وجوههم صاغرين مما عملته أيديهم، أو باحت به أفواههم، أو خطته أقلامهم. الله أكبر والعزة لله يا أهل غزة.