بعيدا عن الضجيج الإعلامي، وبعزيمة لا تعرف الكلل، عملت القيادتان السعودية والمصرية، على بناء تجربة رائدة للعمل العربي المشترك، لم تكن زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مؤخرا للمملكة إلا واحدة من تعابيرها. إن تطور العلاقة بين البلدين، من شأنه أن يحقق التكامل السياسي والاقتصادي، ليضع قاعدة رئيسية على طريق التكامل الاقتصادي والسياسي العربي، بما يعزز من قدرات الأمة، ويجعلها في وضع يجعل كل القوى الدولية والإقليمية تحسب لمكانتها وقدراتها ألف حساب. لقد أكدت التجارب التاريخية في الخمسينيات، قدرة عواصم النهضة العربية حين تلتقي، على افشال المكائد والعدوان ضد الأمة. تصدت القيادتان السعودية والمصرية معا لحلف بغداد؛ باعتباره مشروعا يهدد الأمن القومي العربي، واستقلال الأمة. وقد أدت وحدة الموقف السعودي المصري إلى افشال الأحلاف الاستعمارية، التي أريد لها أن تضع الأمة ومقدراتها تحت حماية الاستعمار. سقط حلف بغداد، وسقط بعده حلف المعاهدة المركزية (السنتو). وحين جرى العدوان الصهيوني على الأمة العربية في 5 يونيو عام 1967، واحتلت شبه جزيرة سيناء من مصر، والضفة الغربية ومدينة القدس، وقطاع غزة والبقية الباقية من فلسطين تاريخيا، ومرتفعات الجولان السورية؛ وقفت القيادة السعودية بصلابة ضد العدوان الصهيوني، وقدمت الغالي والنفيس دفاعا عن الأمن. وكانت المملكة هي الأولى بين القيادات العربية التي بادرت لتقديم الدعم السخي؛ من أجل إزالة آثار العدوان. تلازم هذا الموقف بدعم للقضية الفلسطينية على كافة الأصعدة. واستمر ذلك منذ نكبة فلسطين عام 1948، استمرارا إلى عام 1967 حين تأسست المقاومة الفلسطينية، فاعتبرت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. ولسوف يستمر هذا الموقف المساند للشعب الفلسطيني، بإذن الله، إلى أن يتحقق حلمه في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وفيما يتعلق بالدعم السعودي لمصر ولبقية دول المواجهة العربية، كان الموقف السعودي هو الأبرز، والأكثر مساندة في حرب العبور في 6 أكتوبر عام 1973، في تلك الحرب التقى السلاح والنفط ليشكلا عنصر النصر. ولتبدأ مرحلة جديدة في التاريخ العربي، بعد أن هزم الجيشان المصري والسوري في تلك الحرب، أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر. اليوم يعيد التاريخ ذاته، فيكون التطور الإيجابي السريع في العلاقة بين المملكة وجمهورية مصر العربية عنصر قوة؛ لدعم القضايا العربية. ويبلغ هذا التطور مداه، في وقت يتعرض فيه قطاع غزة لحملة إبادة وعدوان غاشم من قبل العدو الصهيوني. وتلعب مصر كما كان ديدنها دائما وأبدا، دورا رئيسيا كبيرا لنصرة الشعب الفلسطيني المظلوم وقضيته العادلة في مواجهة العدوان. وإلى جانب مصر تقف القيادة السعودية تؤازرها وتعضد موقفها، بالعمل على إنقاذ الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة والانتصار لقضيته. العلاقة السعودية المصرية هي الدليل الأكيد على أن العرب حين يجتمعون على كلمة سواء؛ سيكون بمقدورهم مواجهة التحدي وانتزاع حقوقهم. وسيتمكنون من أخذ مكانهم اللائق بين الأمم. إن العلاقة بين القيادتين والشعبين هي النموذج الحي للارتقاء بالتضامن العربي، وتحقيق التكامل بين العرب، وعلى كل الأصعدة.