ودعت الأحساء الاثنين الثامن من شوال سنة الف وأربعمائة وخمسة وثلاثين من الهجرة أحد ابرز رواد التعليم في الأحساء والمملكة، وهو الأديب الدكتور عبدالله بن علي بن عبدالرحمن بن عبداللطيف بن مبارك المبارك، تميمي النسب مالكي المذهب ولد سنة 1340ه بمدينة الهفوفبالأحساء. حيث تربى المترجم الدكتور عبدالله في ظل والده الشيخ علي تربية صالحة، فبدأ تحصيل علومه الشرعية بدراسة القرآن الكريم وختمه وتعلمه وتفهم آياته وتدبر معانيه في الكتاب على يد الشيخين عبدالله بن زيد ومحمد بن عبدالرحمن الخثلان، ولما ختم القرآن لم تتوقف رحلته في طلب العلم بل زاد شوقه إلى العلم، واشتد ولعه به، فجال في الحلقات العلمية الأحسائية وكان بعضها قريباً في متناول اليد، ولذا أخذ ينهل من علومهم فدرس عند عمه الشيخ محمد بن إبراهيم المبارك الذي درس عليه كتاب «أقرب المسالك» للشيخ محمد بن أحمد الدردير المالكي المصري والكتاب من الكتب المعتمدة في مذهب الإمام مالك. وبعد ذلك درس النحو والعربية على الشيخ مبارك بن عبداللطيف المبارك، كما درس على أخيه الشيخ إبراهيم بن علي كتاب قطر الندى في علم النحو، وبعد أن أخذ حظه من التعليم التقليدي المتاح آنذاك التحق بالمدارس النظامية والتي بدأها بمدرسة الهفوف الأولى التي التحق بها منذ 1363ه. وقد دخل السنة السادسة رأساً لأن دراسته ومعارفه السابقة وإمكاناته العلمية تخوله لذلك. وبعد ذلك التحق بالثانوية العامة وتخرج منها عام 1365ه. وبعد ذلك رحل إلى الرياض لطلب العلم، وفي هذه الأثناء التحق بكلية اللغة العربية بالرياض منتسباً، واستفاد من العلامة الجليل الشيخ مناع القطان وبالأخص في علم البلاغة، فقد درس عليه ومن طريف ما يروى أن المترجم وهو يقرأ عليه تزوج الشيخ مناع، فحضر المترجم العرس وحينما أراد الانصراف أشار الشيخ مناع له بالبقاء حتى لم يبق غيره، فقال له الشيخ مناع: الآن نبدأ الدرس، فحاول الامتناع بأن الشيخ تنتظره زوجة، فأصر الشيخ مناع وقال: الدرس لا يؤجل، فأتم الشيخ مناع الدرس ثم دخل على زوجته. وأثناء إقامته أيضاً بالرياض لم ينقطع عن طلب العلم، فدرس دراسة ملازمة على يد سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله – قرأ عليه كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبدالوهاب، ودرس أيضاً في الفقه الحنبلي كتاب «المقنع» لابن قدامه، مع أنه لم يزل مالكياً. وفي نظرة سريعة نجد أن الدكتور عبدالله أخذ بحظ وافر من العلوم الشرعية والعربية، حيث تنوعت مصادر ثقافته، وبعد ذلك تم تعيينه في وزارة المعارف مدرساً ثم وكيلاً ثم مديراً لمدرسة القطيف الابتدائية، ومديراً لمدرسة الدمام الابتدائية ومديراً لمدرسة الجفر الابتدائية، ومديراً لمدرسة الابتدائية بالكوت، ثم مدرساً في المدرسة الثانوية بالهفوف ثم وكيلاً فمديراً لها، وهي المدرسة الثانية في المملكة من حيث التأسيس بعد مدرسة الثانوية بمكةالمكرمة. وقد أدى عمله باقتدار وبصورة لافتة للنظر ولم يترك عمله هذا إلا رغبة في مواصلة تحصيله العلمي، فقد قام بالرحيل إلى مصر والتحق بجامعة القاهرة في قسم اللغة العربية وآدابها إذ نال الدرجة العلمية (البكالوريوس) عام 1389ه وبعدها رجع إلى أرض الوطن، فعين معيداً بكلية الآداب جامعة الرياض "جامعة الملك سعود حالياً" وبعد فترة ابتعث للحصول على درجة الماجستير من معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة، وقد تخرج فيه بتفوق عام 1967م وقد كان موضوع رسالة الماجستير «الشعر المعاصر في شرقي الجزيرة العربية». وبعد ذلك عمل سنتين محاضراً ثم رجع مرة أخرى إلى القاهرة، فحصل فيها على درجة الدكتوراة من جامعة عين شمس بمرتبة الشرف الأولى عام 1970م، حيث كان موضوع الرسالة "أدب النثر المعاصر في شرقي جزيرة العرب". وبعد حصوله على درجة الدكتوراة تم تعيينه أستاذاً للغة العربية في جامعة الملك سعود كلية الآداب عام 1390ه. إلى أن تقاعد عام 1405ه كان للدكتور عبدالله نشاط أكاديمي، وعلمي بارز، على مستوى الجامعة فقد حضر بعض المؤتمرات العربية، والإسلامية ممثلاً لجامعة الملك سعود، وشارك كذلك في عدد من اللجان داخل الجامعة وخارجها بصفته أحد الشخصيات المرجعية البارزة لتاريخ أدب الخليج العربي، ورأس مؤتمر الأدباء السعوديين في مكةالمكرمة في يومه الثاني. والجدير بالذكر أن الدكتور عبدالله المبارك - رحمه الله - له العديد من المؤلفات والأبحاث.