حرصت الشريعة الإسلامية على التوزيع العادل للثروات، ولم يرد الإسلام أن يكون المال دُولَة بين الأغنياء، ولذلك شرعت الشريعة في الأموال حقوقا واجبة وأخرى مستحبة ومن أهمها الزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام الخمسة، وحددت الشريعة لها نصابها ومقدارها ومصارفها ولم تدع مجالا للخلاف في ذلك. ومع كثرة النوازل والمستجدات كان للزكاة نصيب من ذلك فبحث العلماء عديدا من المسائل النازلة في هذا الباب، ولعل من أهمها ما تدعو الحاجة إليه هذه الأيام خاصة ودعا لها العديد من علماء الاجتماع وطالبوا من أصحاب الفضيلة العلماء بحثها والاعتناء بها؛ كونها لا تضر الغني وتعود بالمنفعة على الفقير، هي مسألة استثمار أموال الزكاة هل هو مشروع أم لا؟ وإذا قيل بجوازه فما ضوابط هذا القول؟. حول هذه المسائل وغيرها أوضح الدكتور عبد الله بن منصور الغفيلي عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء والمتخصص في مسائل الزكاة، أنه بالاطلاع على أقوال الفقهاء ومقارنتها ودراسة أدلتها ومناقشاتها يتبين: أولا: إن الواجب المبادرة بصرف أموال الزَّكَاة لمستحقيها سواء كان ذلك من المالك أو من الإمام، إلا أن ذلك لا يتعارض مع جواز استثمار بعض تلك الأموال لصالح مستحقيها إذا رأى الإمام الحاجة إلى ذلك بضوابط شرعية تتحقق فيها المصلحة من الاستثمار أو تغلب على المفسدة إن وجدت، وترجح هذا على القول بمنع استثمار أموال الزَّكَاة مطلقا لأدلة وأوجه عديدة، منها سلامة بعض أدلة القائلين بجواز الاستثمار بخلاف القائلين بعدم جواز ذلك.