بعد حوالي 6 أسابيع سيجري استفتاء الاسكتلنديين على ما إذا كانوا يريدون الانفصال عن المملكة المتحدة. المعركة من أجل القلوب والعقول وأصوات المترددين، والذين يبلغ عددهم من الكبر حداً يجعل أصواتهم حاسمة، يجري خوضها من خلال مزيج من الرشوة والتخويف غير اللائق بمثل هذا القرار التاريخي. هناك مناظرة تلفزيونية جمعت أليكس سالموند زعيم الحزب القومي الاسكتلندي، وهو مهندس الاستفتاء، ضد أليستر دارلينج ، وزير المالية السابق في المملكة المتحدة والمكلف بالإشراف على حملة «أفضل معاً». وفي محاولة سافرة للرشوة بما يكفي لجعل أحد زعماء المافيا الذي يشتري عقد جمع القمامة المحلية يحمر خجلاً، وقع قادة الأحزاب السياسية الرئيسية الثلاثة في الحكومة البريطانية على تعهد بإعطاء البرلمان الاسكتلندي المزيد من الصلاحيات لجمع الضرائب إذا كان البلد سيصوت على البقاء جزءاً من المملكة المتحدة. في حين أن هذه المشاعر جديرة بالثناء – لأنه ينبغي على لندن تفويض المزيد من الصلاحيات لكثير من مناطق بريطانيا – إلا أن التوقيت مبتذل. فهو يشير أيضاً إلى أن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون وزمرته ربما يشعرون بقدر معين من القلق بخصوص نتائج قرار 18 سبتمبر في الاستفتاء الذي سمحوا بإجرائه. وقد أظهرت استطلاعات الرأي باستمرار إلى أن غالبية الناس يتفقون مع الوضع الراهن. وأظهر استطلاع سيرفيشن، نشر في صحيفة الميل يوم الأحد أن 46% سيصوتون ضد الاستقلال، في حين سيصوت 40% لصالح الانفصال، وكان الفريق المتردد بنسبة 14%، بينما كان هامش الخطأ في الاستطلاع على الانترنت 3.1 نقطة مئوية. بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في اسكتلندا من الذين لم يقرروا حتى الآن، عالم المال يبدو بلا هوادة على أنه سلبي فيما يتعلق بآفاق الأمة المنفصلة. أولاً، ليس هناك ما يكفي من عائدات النفط لجعل البلاد غنية؛ من جانب آخر من المرجح أن تُحَمِّل المملكةُ المتحدةُ اسكتلندا كلَّ ديون ومصاريف إنقاذ رويال بانك أوف سكوتلاند. وقد أعطتنا شركة أبحاث تسمى فاثوم للاستشارات السيناريو الأكثر رعباً، حيث إنها قارنت الآفاق المالية المحتملة في اسكتلندا مع آفاق اليونان. هناك فقط مسار واحد يؤدي إلى اسكتلندا مستقلة في مجال المالية العامة ويكون قابلاً للتطبيق: وهو أن تحصل اسكتلندا تقريباً على كل النفط وعملياً على لا شيء من أصول البنك. إن أية تسوية أخرى بعد التصويت بنعم فيما يتعلق بتوزيع عائدات النفط أو الأصول المصرفية يمكن أن تجعل من المستحيل على اسكتلندا أن تتمكن من الاقتراض، وهو ما سيضطر الحكومة الى تشديد حاد في السياسة المالية (أي الرفع الحاد لأسعار الفائدة)، الأمر الذي سيدفع اسكتلندا إلى الوقوع في هوة الركود الاقتصادي. وسوف تواجه اسكتلندا وضعاً أسوأ من الوضع الذي واجهته اليونان على مدى السنوات القليلة الماضية. بريطانيا أيضا سوف تصاب بالأذى من الانقسام. قال سيتي جروب في تحليل نشر في 14 يوليو إن المستثمرين من المرجح أن يتوقفوا عن استخدام الجنيه في الأسابيع التي تسبق الاستفتاء. وقال بنك مورجان ستانلي، في تقرير قبل بضعة أسابيع، إن فرصة استقلال اسكتلندا تصل إلى 25%، وقال إن العواقب المحتملة تشمل تراجعاً بنسبة 10% في قيمة الجنيه، وفرصة أكبر للفترة المتبقية من بريطانيا للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، والتأخير في أي رفع لأسعار الفائدة من قبل بنك انجلترا. العلاقة بين اسكتلندا وبقية المملكة المتحدة تشبه على نحو متزايد الزواج السيء، حيث تجد شريكاً واحداً غير سعيد على الدوام، واللجوء إلى مستشار للزواج لم ينجح. وفي حين أن الطلاق سيكون مؤلماً وفوضوياً، فإن العواطف يمكن أن تتغلب على المنطق وتتجاهل التداعيات المالية. إن أسوأ ناتج من بين جميع النتائج المحتملة في سبتمبر سيكون قرار الانقسام، مع ما يكفي من «نعم» في الأصوات لإبقاء حلم سالموند في حكم بلده حياً، وأصوات كافية من «لا» لوقف ذلك من الحدوث في الوقت الحاضر. ولكن الأعمال غير النظيفة التي ترمي إلى دغدغة عواطف الناخبين يجب أن تنتهي الآن.