مذبحة مدرسة «أونروا» بغزة تضع العالم أمام بشاعة المذابح التي ترتكبها اسرائيل في القطاع، واستنكار الأممالمتحدة لما حدث في المدرسة لن يقدم أو يؤخر من الأمر شيئا، فهذه المذبحة لا تعد الأولى من نوعها في سلسلة المذابح التي ترتكبها اسرائيل ضد اللاجئين في مقار الأممالمتحدة، فقد أباحت لنفسها اللجوء الى كل الوسائل الاجرامية لإبادة أهالي غزة حتى وإن لجأوا إلى مدرسة تابعة لمنظمة دولية كوسيلة للحماية من بطش إسرائيل التي ما عادت تفرق بين رجالات المقاومة وبين الأطفال والنساء والمسنين العزل من السلاح، ولعل هذه المذبحة البشعة تحرك المجتمع الدولي للعمل على اسدال الستار ضمن تحرك سياسي مسؤول على فصول مسرحية المذابح التي ترتكبها إسرائيل في غزة. ومذبحة المدرسة تضع العالم أمام غطرسة اسرائيلية تعيد الى الأذهان أن ساسة اسرائيل يرون أنهم فوق القانون دائما ويبيحون تصرفاتهم العدوانية بأعذار واهية للتملص من جرانمهم، فبعد ارتكاب اسرائيل لمذبحة المدرسة أعلنت عن «هدنة انسانية» محدودة المدة للتغطية على جريمتها البشعة كحركة «دعائية» لتجميل صورتها أمام الرأي العام، ومن نافلة القول إن الجيش الاسرائيلي يركز في حربه العدوانية على مخيمات اللاجئين في جباليا لحصد المزيد من أرواح الأطفال والنساء والمسنين العزل ويتحاشى المواجهة المباشرة مع رجالات المقاومة في غزة خوفا من سقوط عناصره في أيديهم، ومذبحة المدرسة التي يأوي اليها الفلسطينيون الذين شردهم العدوان الاسرائيلي يدل بوضوح على أن اسرائيل ماضية في تطبيق سياستها القائمة على حصد المزيد من أرواح الأطفال والنساء والمسنين لكسر شوكة المقاومة ودفع المجاهدين الفلسطينيين للتسليم بالأمر الواقع المتمحور في استمرارية الحصار على القطاع واغلاق المعابر والابقاء على المعتقلين في السجون الاسرائيلية، وهو أمر سوف يطيل من عمر الأزمة القائمة ولن يؤدي الى حلحلتها. ورغم الجهود السياسية والدبلوماسية وتعدد المبادرات لاحتواء الموقف في غزة الا أنها سرعان ما تتعثر أمام التعنت الاسرائيلي والرغبة في مواصلة العدوان، ولعل من المضحك والمبكي أن يطرح نتنياهو في خضم عدوانه الغاشم على القطاع فكرة نزع أسلحة المقاومة وتحويل غزة الى منطقة منزوعة السلاح، فإسرائيل تبيح لجنودها العدوان ولا تبيح للفلسطينيين الدفاع عن أنفسهم وأرضهم، وهي تعلم يقينا أن مسألة الدفاع عن النفس حق أجازته المنظمات والهيئات الدولية، ويبدو جليا أن طرح نتنياهو يرسم الخطوط الأولى لانهيار معنويات الجيش الاسرائيلي الذي «لا يهزم» كما يدعي ساسة اسرائيل. ويخطئ نتنياهو في تقدير حساباته ان ظن أن طرحه سوف يوقف عملية المواجهة مع المجاهدين الفلسطينيين المطالبين بحقوق مشروعة لا بد من انتزاعها بالقوة في اعقاب فشل كل المحاولات السلمية للحصول عليها، والموت السريع أثناء مواجهة المقاومة لاعتداءات اسرائيل لا يختلف كثيرا عن «الموت البطيء» الذي تمارسه اسرائيل مع أهالي غزة من خلال ضرب الحصار عليهم. وازاء ذلك فلن يشعر الكيان المحتل بالأمن طالما بقي الشعب الفلسطيني محروما من أبسط حقوقه المشروعة في العيش بحرية وكرامة، ومن أبسط تلك الحقوق رفع الحصار عن أهالي غزة والتعهد بعدم العدوان مجددا على القطاع وانفاذ الشروط الفلسطينية العادلة لوقف اطلاق النار في غزة.