غالبية التحليلات الأجنبية والتي امتازت بالموضوعية نسبيا، أدانت الجريمة الاسرائيلية بحق أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، عدد كبير من الهيئات والمنظمات الانسانية الغربية والاوروبية شاركت في تظاهرات رمزية ضد العدوان الاسرائيلي على غزة، عدد من التحليلات توقف عند أسباب الحرب وابعادها، وكان من أبرز تلك الأسباب بحسب رأيهم ان إسرائيل كانت على ابواب انتفاضة فلسطينية ثالثة، وان المحرك المتوقع لها هو حركة حماس والجهاد الاسلامي على المستوى الداخلي، وان اسرائيل لديها معلومات بان حماس والجهاد الاسلامي تحاولان استغلال الظروف الاقليمية لتعزيز قدراتهما التسليحية والمالية، ولهذا كان هناك فريقان في الادارة الاسرائيلية الاول مع اجتياح عسكري شامل، لكن الامريكان طرحوا اسئلة حول ماذا بعد الاجتياح، هل ستنتهي حماس؟ هل سينتهي التطرف أم يزيد؟ ألا يمكن ان تنشأ مقاومة في مختلف محيط اسرائيل، بينما كان فريق في الحكومة الاسرائيلية يرى ضرورة استهداف المدنيين لرفع كلفة المقاومة من الناحية الانسانية لتكون عاملا سلبيا ضد حماس. مقتل الاسرائيليين الثلاثة ومقتل الفلسطيني وحرقه كان بوابة الحرب على غزة، تل ابيب كانت لديها معلومات عن وجود خلافات بين حماس غزة وحماس الدوحة، وان خالد مشعل وفي اجتماع مع قيادات الداخل، أصر على حكومة الوحدة وبارك تعيين العبدالله رئيسا للوزراء الفلسطيني، اسرائيل استغلت الخلاف واوكلت لجهازها الأمني القيام بهذه العملية؛ كي تعطي انطباعا بان من قام بها هم حماس الداخل رفضا لحكومة الوحدة، واستغلت اسرائيل الأمر لضرب غزة واستهداف المدنيين، وبحسب المعلومات فان جون كيري كانت خطته الوصول الى حل الدولتين، وفي العادة تقدم اسرائيل على الحرب اذا كانت هناك اتفاقيات ستتم الموافقة عليها، ورغم قوة النيران الاسرائيلية الا ان نتنياهو حاول ان يكون منضبطا واعطى مهلة في البداية لطرح المبادرة المصرية، ومهلة لوقف اطلاق النار لساعات معدودة، استجابة لمطالب الاممالمتحدة، كي يظهر في الاعلام الدولي انه من يقبل وحماس هي من يرفض، وكان يمنح للبيئة الاقليمية التدخل أكثر ليس خوفا، ولكن لانه يعرف حجم الخلافات الاقليمية ، فتركيا وقطر والاخوان يرغبون بمبادرة خارج الاطار العربي، بلا مصر وبلا السلطة الفلسطينية وبلا جامعة الدول العربية، في حين تساند وتساعد سورياوايرانوالعراق التوجهات التركية القطرية لخلق محور جديد في المنطقة، ولكنه محور سيكشف بان الاخوان وعبر تركيا وقعوا تفاهمات مع ايران حول تقاسم النفوذ في العراقوسوريا، وجزء من حرب غزة هو منافسة في القرار بين كتائب القسام والجهاد المدعومة مباشرة من ايران وهي مجموعة انشقت عن حماس واصبحت اقرب الى ولاية الفقيه، اذا التقاسم العام هو تركي ايراني، ولقطر طبعا حصة مع الاخوان المسلمين. هذه التفصيلات تزامنت ايضا مع حرب غير معلنة من قبل الناتو على ليبيا، وقصف تركي ايراني لبعض مناطق السنة في العراق، وتعزيز لجبهة نوري المالكي بعدما وافق الاخوان المسلمين في العراق للدخول كممثلين عن السنة وبرعاية تركية، حيث أصبح سليم الجبوري رئيسا للبرلمان وهناك وعد بنائب لرئيس الوزراء ونائب ثان لرئيس الجمهورية، فيما قام علي شمخاني والذي نقل تعليمات طهران بلقاء اياد السامرائي زعيم الاخوان في العراق، فيما يخطط الاتراك والايرانيون لدعم اخوان اليمن والحوثيين لتقاسم السلطة في اليمن، لكنه تقاسم متعثر بقوة العشائر وصلابة الجيش اليمني حتى الان، وبعض الاحزاب الفاعلة والرئيسة في اليمن كحزب علي عبدالله صالح. الرأي العام الاوروبي هزته مناظر الدماء وقتل الاطفال وتشريد الاسر، وهزه كثيرا سماح مطران المسيحيين في غزة، وفتحه ابواب الكنائس للعوائل المسلمة للاقامة فيها حتى اقامة المشاعر، في خطاب وطني تجاوز تعقيدات العامل الديني وجاء ردا على ما تقوم بها داعش من طرد المسيحيين في الموصل واجبارهم إما الاسلام أو دفع الجزية أو المغادرة، ليكشف عن جانب مختلف لدى الشعب الفلسطيني، وهو ان وطنيتهم كانت تتجاوز الاختلافات الدينية، ولعل هناك قيادات فلسطينية مسيحية كانت مثالا للنضال الوطني الفلسطيني كجورج حبش ونايف حواتمة، وحنان عشراوي وغيرهم والاب حنا عطاالله ومواقفه الوطنية الواضحة. هناك ادراك للتحالفات الجديدة، لكن غالبية التحليلات تؤكد ان اثارها السلبية على القضية الفلسطينية ستكون كبيرة؛ لان كل طرف يرغب باستثمار القضية وفقا لحاجاته السياسية والداخلية، وان هذه الاطراف لن تكون ساعية نحو حلول واقعية لها، حتى حل الدولتين، ولهذا تم نقل المفاوضات من مصر الى باريسوالدوحة وانقرة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ان تركيا وهي تتنافخ في توجيه الاتهامات لمصر وتطلب فتح المعابر، كان الأولى والأجدر بها وقف ضخ النفط الكردي الى تل ابيب عبر ميناء جيهان، ووقف حركة الطيران المدني بدلا من اعادتها كأول دولة، وايقاف عمليات التدريب العسكري الاسرائيلي في الاراض التركية. خلاصة القول، ان اي انسان عربي مسلم هو قلبا وقالبا مع شعبنا الفلسطيني، مع قضيته العادلة، مع المؤسسات الفلسطينية، لكن ان تعود الايام الماضية ليصبح لكل دولة فصيل وتنظيم يعمل باسمها وينطق بمصالحها فهذا ليس في صالح الفلسطينيين انفسهم، كما ان على النظام السياسي العربي استعادة مكانته وهيبته ودوره، وعدم ترك اسرائيل تعربد دون خجل ودون موقف سياسي عربي واضح، حيث وجدت بعض وسائل الاعلام المجندة سبيلا لتوجيه الانتقادات غير الموضوعية ضد دول امتاز خطابها بالوعي والعقلانية في زمن الانفعالات غير الرشيدة.