الحكمة التقليدية تقول: إن الطاقة المتجددة لا يمكن أن تغطي 100 في المائة من احتياجات العالم: إنها مكلفة جداً ونادرة جداً، وسوف يكون التحول غير فعال في حين لا تزال الموارد الهيدروكربونية وفيرة. وقد حاولت مجموعة من 28 من العلماء والمهندسين في الولاياتالمتحدة تقديم حجة تثبت العكس. تركز المجموعة على ولاية كاليفورنيا، بحجة أن الولاية يمكن أن تتحوك في الصناعة والنقل والإسكان كلياً إلى طاقة الرياح والمياه وأشعة الشمس والمكاسب الاقتصادية منها بحلول عام 2050. وفقاً للمعايير الأمريكية، تعتبر الولاية نسبياً أنها ذات كفاءة بالنسبة للطاقة: فقد استهلكت 201 مليون وحدة حرارية بريطانية للفرد في عام 2012، وهو ثالث أدنى مستوى بعد نيويورك ورود آيلاند. لكنها متعطشة للطاقة، رغم ذلك، مقارنة مع متوسط الاستهلاك العالمي البالغ حوالي 75 مليون وحدة حرارية بريطانية للفرد الواحد. خلصت مجموعة من المهندسين والعلماء، ومعظمهم من جامعة ستانفورد، إلى أنه لا يوجد شيء في الولاية بأكملها لا يمكن تشغيله بالكهرباء حتى لو استخدمت التكنولوجيا الحالية فقط. وبحلول عام 2050، وفقاً لتقريرهم المؤلف من 55 صفحة، فإنه يمكن تشغيل جميع وسائل النقل في كاليفورنيا على البطاريات وخلايا وقود الهيدروجين والتدفئة والتبريد على مضخات الحرارة، والعمليات الصناعية ذات درجة الحرارة العالية على احتراق الهيدروجين كهربائياً. إن تركيب القدرات اللازمة يتطلب 0.9 في المائة من مساحة الأراضي في ولاية كاليفورنيا، وفي الغالب لمحطات الطاقة الشمسية التي يمكن أن تكون أكثر فائدة هنا منها في معظم الولايات الأميركية الأخرى. ستكون هناك حاجة لاستخدام أسطح المباني ومظلات موقف السيارات أيضاً، وسوف يتم بناء مولدات الطاقة من الرياح في البحر. لم تقدم الخطة بناء محطات طاقة كهرومائية جديدة، وإنما تقترح مجرد التوسع المعقول في قدرة تلك المحطات القائمة. كما أن طاقة المد والجزر والأمواج يمكن أن تغطي ما يصل إلى 1 في المائة من احتياجات الولاية في عام 2050. ويقول الخبراء إن واحدة من أكبر المشاكل مع مصادر الطاقة المتجددة- وهي حقيقة، وانه لا يتم إنتاجها بشكل مستمر، مع تشغيل توربينات الرياح فقط ثلث الوقت في المتوسط- فإنه يمكن حلها عن طريق الجمع بين مصادر الطاقة وتركيب مرافق التخزين. في هذا المشروع ستكون الولاية بحاجة الى المزيد من الموارد من الرياح والطاقة الشمسية والطاقة المائية والطاقة الحرارية الأرضية في عام 2050. وإن تحويل الطاقة يؤدي إلى فقدان 423 ألف وظيفة ذات صلة بالطاقة النووية والوقود الأحفوري- كاليفورنيا تنتج حاليا 9.5 في المائة من نفط الولاياتالمتحدة. ولكن من شأنه أن يخلق حوالي 633 ألف وظيفة في البناء وصناعة الطاقة الجديدة، وهو ما سوف يؤدي إلى ربح صاف مقداره 24.6 مليار دولار سنوياً حسب قيمة الدولار في عام 2010 لاقتصاد الولاية. حتى الآن، كل ذلك لا بأس به، ولكن ماذا عن التكلفة- الحجة الداحضة ضد كل المشاريع الكبرى المتجددة؟ التحول من الغاز الطبيعي، والذي تستخدمه كاليفورنيا لتوليد أكثر من نصف طاقتها الكهربائية، سيتطلب التغيرات في البنية التحتية الرئيسية. بصورة إجمالية، يقدر الخبراء أن تثبيت القدرة اللازمة للطاقة المتجددة بحلول عام 2050 سيتطلب استثمارات بقيمة 1.1 تريليون دولار. إن تبرير فريق الباحثين لهذه التكلفة ليس مرضياً تماماً. فهم يدعون أن هذه الخطوة ستزيل 103 مليارات دولار في السنة من "تكاليف الوفيات" من تلوث الهواء، أي حوالي 8.2 مليون دولار عن حياة كل فرد، و48 مليار دولار في "تكاليف ظاهرة الاحتباس الحراري" والوفورات من حيث التكلفة الصحية وحدها، كما يقولون، تجعل الاستثمار يؤتي ثماره في سبع سنوات فقط. هذه الأرقام الاسفنجية الرخوة وغير المتينة، وهي من النوع الذي يبعد معظم الناس عن خطط الطاقة النظيفة: حسابات ظاهرة الاحتباس الحراري هي مجردة للغاية، وإسناد الوفيات لنوعية الهواء هو غير مؤكد. هناك الكثير من الطرق الأخرى لجعل حياة الناس أفضل، والتلوث لا يزال بعيداً جداً عن رأس القائمة من مخاوف الأمريكيين لتبرير إنفاق تريليون دولار على الطاقة البديلة في ولاية كاليفورنيا. وهناك حجة أفضل قد تكون على النحو التالي: حين يصبح استخدام الطاقة المتجددة أكثر انتشاراً، فإن تكلفتها المباشرة ستكون أقل من الطاقة الهيدروكربونية. توربينات الرياح تكلف أقل من 20 في المائة في عام 2011 مما كانت عليه في عام 2008، سواء بسبب التقدم التكنولوجي أو اقتصادات حجم الانتاج. الطاقة الشمسية، أيضاً، ستصبح أرخص في التوليد عند انتشار الألواح الشمسية على المستوى التجاري. واضعو الدراسة يتوقعون أنه بحلول عام 2030 ستكون تكلفة المتوسط المرجح للطاقة المستدامة 6.2 سنت لكل كيلو واط ساعة، أو ما يقرب من نصف المستوى الحالي. أسعار الجملة الحالية للحصول على الطاقة الهيدروكربونية تبدأ من أقل من 4 سنتات لكل كيلو واط ساعة، لكنه لن يؤدي إلا إلى زيادة في سعر الوقود كلما أصبح أكثر ندرة وأصعب استخراجاً. وربما هذه لم تصبح بعد حجة مقنعة تدعوك إلى استثمار 1.1 تريليون دولار أو حتى دعم شركات القطاع الخاص التي قد تريد أن تفعل ذلك. لكنها لم تعد استحالة، كما أن البلدان التي تحصل على عشرات المليارات من الدولارات من عائدات الطاقة- مثل النرويج، والتي تستهلك تقريباً ضعفي نصيب الفرد من الطاقة في كاليفورنيا- يجب أن تبدأ النظر في مشاريع طاقة متجددة كبرى لضمان مستقبلهم عندما ينفد الوقود الأحفوري.