ثلاثة أهداف رئيسية أراد العدو الصهيوني إنجازها، من خلال عدوانه على قطاع غزة، جميعها فشلت، رغم مرور تسعة عشر يوما، استخدمت فيها قوات الاحتلال بهمجية ووحشية مختلف ما في ترسانتها العسكرية، وتسببت في استشهاد ما يربو على ثمانمائة فلسطيني، وأكثر من خمسة آلاف جريح، جلهم من المدنيين. وكان من نتائجها أيضا تسوية أحياء في قطاع غزة بالأرض. لكن هذا الحجم الكبير من الخسائر البشرية والمادية، لم ينل من كسر إرادة الصمود، ولم يحقق أهداف العدوان. لقد بدأ العدوان على غزة، في وقت تلطخت فيه سمعة الكيان الغاصب، وتكشف للعالم أجمع عدم جديته في تحقيق السلام العادل. فالمفاوضات بين السلطة الفلسطينية وحكومة نتنياهو، بوساطة أمريكية، وبإشراف مباشر من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري انتهت إلى طريق مسدود، بسبب التعنت الصهيوني، ووضع شروط تعجيزية جديدة أمام المفاوض الفلسطيني. لقد أراد العدو من خلال حادثة أسر المستوطنين الإسرائيليين الثلاثة من قبل جهة مجهولة استثمار الحادثة، ليحول صورة الجلاد إلى ضحية، ويوقف ماكنة الضغوط الدولية عليه، للتخلي عن عجرفته وغطرسته، وينصاع لقرارات الشرعية الدولية. فكان تصوره أن يعيد تشكيل صورة الكيان الغاصب، كمدافع عن وجوده أمام هجمات الفلسطينيين، لكن الصورة كانت أقوى من كل أنواع التضليل والكذب التي اعتادها الصهاينة. فصورة الأشلاء الممزقة للأطفال والنساء والعجزة والشيوخ، وهدم البيوت على من فيها، لم تدع مجالا لتشكيك العالم أجمع في نوايا العدو، وعرت نهجه التوسعي المتنكر بالجملة والتفصيل لحقوق الفلسطينيين. وكان الهدف الآخر للعدو هو تطويق أية إمكانية لاندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، بعد أن تكشف أن كل المبادرات السلمية التي حظيت بموافقة دولية، وآخرها المبادرة العربية، قد ووجهت برفض وتعنت صهيوني. الآن أطفال وشباب مدن الضفة الغربية، يفشلون المخطط الصهيوني، ويبرز نهوض شعبي عارم لا يستثني مدينة القدس ولا الفلسطينيين في أراضي 48، ولن يكون مستبعدا أن تكون هذه الانتفاضة أكثر زخما وقوة، وربما عنفا من انتفاضتي أطفال الحجارة والأقصى. وكان من أهداف العدوان على قطاع غزة: تجريد المقاومة من سلاحها بعد تنامي معلومات كشفت عنها مصادر عديدة عن تنامي قوة المقاومة. ولم يدر في خلد الكيان الغاصب أن عدوانه سيواجه بمقاومة باسلة تصل نيرانها إلى نهاريا والجليل، في أقصى شمال الكيان الغاصب، مرورا بتل أبيل واللد وديمونة ومطار بن غوريون. لقد حسب العدو أن الحرب على غزة، ستكون كما في عديد من المواجهات السابقة نزهة، من غير كلف أو خسائر تذكر. لكنه ووجه بمقاومة ضارية، أحالت الأرض تحت أقدامه إلى جحيم، وسيكون مجبرا على إيقاف عدوانه عاجلا جارا أذيال الخيبة، ومكللا بالعار. لن يكون هناك سلام مع الكيان الغاصب على حساب أمن الفلسطينيين ومستقبلهم، وما بعد غزة لن يكون كما قبله، لقد فشلت أهداف العدوان، ولم تعد موازين القوى كما كانت في السابق. وحدهم الذين يصنعون الصمود والنصر هم من يصيغون قوانين المعادلة الجديدة.. معادلة الصبر والصمود والنصر.