سلم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عصر الأحد، رسالة رسمية من القيادة الفلسطينية إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عبر ممثله روبرت سيري، تطالب بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وأرضه المحتلة، وفيما دخلت إسرائيل والمقاومة الفلسطنية مرحلة "عض الأصابع وكتم الأنفاس"، هاتف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو مكررا عرض واشنطن التوسط من أجل الاتفاق على هدنة. وأكد عباس في كلمة قصيرة أمام الصحافيين، خلال تسليمه الرسالة في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، أن القيادة الفلسطينية قررت الطلب رسميا من الأممالمتحدة توفير الحماية الدولية لشعب وأرض فلسطين.. لأن الوضع لم يعد يحتمل الصبر أكثر من هذا، فإسرائيل أوغلت في كل شيء، ولا بد من إيقاف عدوانها على الشعب الفلسطيني الذي بدأ في الخليل (جنوبالضفة الغربية)، ثم في مدينة القدس (وسط)، ثم في باقي الضفة الغربية، وأخيرا في غزة، وهو وضع لم يعد يحتمل وعليه أرسلنا هذه الرسالة. وتابع قائلا: هناك قرارات اتخذتها القيادة الفلسطينية ستعلن قريبا، وطلب الحماية الدولية للشعب والأرض الفلسطينية هو أول هذه القرارات. وأوضح أن "القيادة الفلسطينية في حالة انعقاد دائم، خاصة القيادة المشتركة التي تضم أعضاء من اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح". وأكدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في بيان، تقديم الطلب، مشيرة إلى أن عباس أصدر توجيهاته إلى وفد دولة فلسطين بالتوجه إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب؛ لدعوة الدول العربية للتحرك على الصعيد الدولي؛ لدعم هذا الطلب، بالإضافة إلى الدعوة لعقد جلسة خاصة لمجلس الأمن على مستوى وزراء الخارجية؛ لاتخاذ قرار واضح لوضع حد للعدوان الإسرائيلي، وإلزام إسرائيل بوقفه واحترام وقف إطلاق النار. ويشن جيش الاحتلال الإسرائيلي، برا وجوا وبحرا، منذ مساء الاثنين الماضي، غارات مكثفة وقصفا على أنحاء متفرقة في قطاع غزة، في عملية عسكرية أطلق عليها "الجرف الصامد"، وأسفرت عن استشهاد نحو 170 فلسطينيا وإصابة أكثر من 1100 بينهم إصابات خطيرة ومعيقة، حتى عصر أمس، الذي شهد تطورا في الصراع، وهو بلوغ صواريخ حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" حدود لبنان. فقد سقطت بعد الظهر قذيفة صاروخية قرب مدينة نهاريا القريبة من الحدود اللبنانية. وتبعد نهاريا 170 كلم من شمال قطاع غزة. ونقلت التلفزة العبرية الثانية عن مصادر أمنية إسرائيلية تأكيدها أن مصدر الصاروخ قطاع غزة، وليس جنوبيلبنان كما اعتقد في البداية. وذكرت أن الصاروخ سقط في المنطقة الواقعة من شمال حيفا ولغاية جنوب نهاريا، ولم يتم العثور على الصاروخ فورا، فيما دوت صفارات الإنذار في جميع مدن الساحل الفلسطيني من عسقلان جنوباً وحتى نهارياً في الجليل الأعلى شمالاً، حيث سقطت، نهارا، 4 صواريخ على منطقة تل أبيب الكبرى "غوش دان"، ادعت إسرائيل أنها اعترضت 2 منها. كما شهدت منطقة تل أبيب سقوط صواريخ أخرى في المساء. ولأول مرة في تاريخ الصراع، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، فقد دوت صفارات الإنذار في وقت واحد في مجمل المدن والبلدات والتجمعات السكانية اليهودية في الأراضي المحتلة عام 1948 وهي: نهاريا، تل أبيب، حيفا، حولون، ريشون لتسيون، بلماخيم، ابيحال، بيت يتسحاق، بيت اهرون، جفعات شبيرا، نتانيا، الخضيرة، عيمقك حيفر، ياد حناه، كفار يونا، جفعات حاييم، لهبوت حبيبة، مغال، نيتسر، غان شموئيل، شاعر منشه، ايبن يهودا، اوديم، بيت يهوشاع، بني تسيون، غاعش، ساحل الشارون، قلنسوة، شاعر افرايم، هرتسليا، كفار شمرياهو ، رامات هشارون، بني براك، جفعات شموئيل، جفعاتيام، رامات غان، رعنانا، كفار سابا، وبتاح تكفا". وذكرت الصحيفة أن شظايا الصواريخ سقطت في ريشون لتسيون فيما أصيب 7 إسرائيليين منهم 5 بحالة من الهلع، واثنان بسبب التدافع أثناء الهرب من الصواريخ في نتانيا والخضيرة. وفي فصل آخر جديد من الصراع، هددت اسرائيل بمسح أحياء سكنية كاملة على حدود قطاع غزة، ما اضطر آلاف السكان، في شمال قطاع غزة، قسرا، إلى إخلاء منازلهم وتوجهوا إلى المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وذلك بعد أن تلقوا، صباحا، إنذارات من جيش الاحتلال الاسرائيلي بأن عليهم الإخلاء بحلول الساعة الثانية عشرة ظهرا؛ لأن مناطقهم ستصبح مسرحا للقصف المكثف. وأنزل طيران الاحتلال مناشير، تطالب سكان بيت لاهيا ومناطق أخرى في شمال قطاع غزة باخلاء بيوتهم ومغادرتها. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية: إن الاحتلال ينقل بلاغاته إلى المواطنين الفلسطينيين عبر رسائل هاتفية مسجلة. وجاء في هذه المناشير أن جيش الاحتلال سيشن غارات جوية في المناطق الواقعة "من شرق العطاطرة وحتى شارع السلاطين ومن غرب وشمال معسكر جباليا". وهدد بأن "كل من سيخالف هذه التعليمات ولا يخلي بيته على الفور يعرض حياته وحياة أبناء عائلته للخطر". وقال بنيامين نتانياهو رئيس حكومة الاحتلال خلال اجتماعها أمس: إنه لا يعلم متى سينهي عدوانه على قطاع غزة، وأنه "قد يستغرق الكثير من الوقت". وواصل الاحتلال الإسرائيلي تهديداته بارتكاب جرائم حرب في غزة، وهذه المرة في حي الشجاعية في قطاع غزة. ونقل المحلل السياسي في صحيفة "معاريف"، بن كاسبيت، عن ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي قولهم: إن المرحلة المقبلة من العدوان ستكون قصف الشجاعية وهدمها بالكامل تماماً كما دمرت إسرائيل الضاحية الجنوبية في بيروت في حرب لبنان الثانية في العام 2006. وبحلول اليوم الاثنين، يدخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الثامن على التوالي، وتستمر طواقم الإنقاذ والاسعاف والدفاع المدني الفلسطيني في عملية البحث عن مفقودين تحت ركام منازل تعرضت للقصف. وبدأ اليوم السابع، أمس، باستشهاد طفلة و5 إصابات بقصف إسرائيلي غرب خانيونس جنوب القطاع، بالاضافة لارتفاع عدد شهداء مجزرة الشعف إلى 18 شهيدًا وأكثر من 50 إصابة معظمها إصابات بالغة الخطورة، وتجاوز عدد شهداء اليوم السابع الثلاثين شهيدا في أنحاء القطاع المحاصر. ونقلت مواقع إخبارية فلسطينية عن تقرير أعده فريق خبراء ايطالي يكشف عن دلائل تشير إلى أن إسرائيل استخدمت في هجومها الحالي على قطاع غزة أسلحة مماثلة لما استخدمته ضد المدنيين اللبنانيين في حرب تموز عام 2006. فوفقا للبروفيسور باولا ماندوكا فإن هذه الأسلحة المستخدمة من قبل جيش الاحتلال فتاكة وجديدة وغير معروفة. التقرير الذي أعده فريق "ميديكا" الايطالي يظهر وجود أعراض جديدة وغريبة بين الجرحى والقتلى الفلسطينيين. واستشهد الخبراء الإيطاليون أيضا بمعلومات سابقة تكشف أن الأطباء في مستشفيات غزة حذروا مرارا من جروح مصابين لا يمكن تفسيرها، وحددت 62 حالة تقريبا. ويشير التقرير إلى أن الأسلحة الإسرائيلية تسببت في بتر الأطراف السفلية بصورة وحشية وغير معروفة، وكثيرا ما يطلب الأطباء الفلسطينيون مساعدة المجتمع الدولي؛ من أجل فهم أسباب هذه الجروح غير المألوفة، والتي تحتوي على شظايا صغيرة وغالبا غير مرئية للأشعة السينية إضافة إلى الحرارة العالية في الأطراف السفلية. وتشير معلومات الخبراء إلى أن الأسباب المحتملة لهذه الآثار تدور حول سلاح جديد يستخدم بواسطة طائرات بدون طيار ويصيب الهدف بدقة كبيرة. ووفقا لمجلة "ديفنس تيك" العسكرية، فإن هذا السلاح يسمى "دايم" اختصارا لمصطلح يعني "المتفجرات المعدنية الخاملة" وقد يكون قذيفة كربونية تتحول إلى شظايا صغيرة عند انفجارها وتطلق غبارا يحتوي على طاقة تحرق وتدمر كل شيء في دائرة نصف قطرها أربعة أمتار. وهذه التكنولوجيا هي جزء من نوع جديد من الأسلحة "منخفضة الفتك" ولها أضرار جانبية كبيرة وقد تكون قاتلة. وقد أكد تقرير صادر عن الأممالمتحدة، أن غالبية الشهداء في غزة هم من المدنيين العزل الذين لا علاقة لهم في العمليات العسكرية للمقاومة. ووفق التقرير الذي أعد السبت، فإن 70 في المئة من القتلى في غزة هم من المدنيين، ووصل عددهم حتى السبت إلى 89 مدنيا. وأن 30 في المئة من الشهداء هم من الأطفال والصبية دون ال 18 عامًا. ووفق مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية فإن الوزير جون كيري "شدد على المخاوف الأمريكية حيال تصعيد التوتر ميدانيا" وأكد لنتانياهو هاتفيا انه ملتزم الى جانب مسؤولين اقليميين "المساعدة على وقف إطلاق الصواريخ لاستعادة الهدوء وتجنب سقوط المدنيين ضحايا".