أثارت تجربة العدوى العاطفية التي أجراها موقع فيسبوك 2012 الكثير من السخط العام بين الناس الذين نسوا أن يسألوا السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان لدى فيسبوك فريق علمي، فهل يفعل شيئاً من هذا في كل وقت، أي دراسة المستخدمين كما لو كانوا فئران تجارب؟ كي نكون منصفين، حاولت صحيفة وول ستريت جورنال الإجابة، فهي تحدثت إلى عضو فريق علوم البيانات السابق، أندرو ليدفينا الذي قال: «يمكن لأي شخص يرأس فريقا أن يعمل اختباراً، إنهم يحاولون دائماً تغيير سلوك الناس». لكن إليك الجزء المثير للاهتمام، وهو الكيفية التي تم بها ذلك، وبصرف النظر عن خفض عدد المشاركات «الإيجابية» و»السلبية» من مستخدمي قنوات الأخبار لنرى كيف غير هذا لهجة نشراتهم، كما فعلت مجموعة علوم البيانات، التي يرأسها آدم كريمر في التجربة التي أصبحت الآن سيئة الذكر. في الواقع، لم تحاول أبداً فيسبوك إخفاء أنها كانت تفعل هذا النوع من البحوث. هي فقط لم تعلن ذلك، أفضل مكان للبدء في النظر لرؤى فريق علوم البيانات هو (كما كأنه خطر على بالك الآن) صفحة وحدة الأبحاث على فيسبوك. هذه الصفحة تربط الكثير من البحوث غير الضارة، مثل كيف ترتبط الأمهات في فيسبوك مع أطفالهن، أو دراسة تثبت أن الشائعات الحقيقية هي أكثر من تلك الشائعات الكاذبة، لكن هناك الكثير من المواد الأكثر حساسية، مثل دراسة مدى حقيقة متانة صداقات فيسبوك. العالِمة التي تقف وراء هذه التجارب هي مويرا بيرك، وشمل استطلاعها حوالي 4000 من الناس عن علاقاتهم مع أصدقائهم، ثم قارنت البيانات مع سجلات خوادم الكمبيوتر عن المستخدمين النشطاء في فيسبوك. تقول بيرك في وصفها الدراسة : إن كل تلك البيانات كانت مجهولة المصدر، لكن النهج لا يزال يثير احتمالات غير سارة. ثم هناك تجارب تغيير السلوك مثل التجربة التي أجريت في عام 2012، خلال انتخابات الكونجرس الأمريكي عام 2010، عرضت على 98 في المائة من مستخدمي أمريكا الذين تتراوح أعمارهم بين 18 وأكثر «رسالة اجتماعية» في الجزء العلوي من تغذية أخبارهم، تشجعهم على التصويت ومن ثم الإخبار بأنهم فعلوا ذلك من خلال النقر على زر خاص. ويمكن للمستخدمين معرفة أي من أصدقائهم قد فعل ذلك، رأى واحد في المائة نفس الرسالة، لكن دون صور أصدقائهم، ولم ير الواحد في المائة الآخرين أي شيء على الإطلاق. وجد العلماء أن الرسائل الاجتماعية عملت بصورة أفضل، حتى أنها أظهرت أن الرسالة الأولى ولَّدت عشرات الآلاف من الأصوات، من خلال مطابقة بياناتها بسجلات التصويت. وكُتِبت تقارير إخبارية على نطاق واسع في عام 2012، بعد أن قام الفريق الذي أجراها بنشر النتائج في مجلة نيتشر «الطبيعة»، ولسبب ما، لا أحد أصيب بالجنون حول هذا الموضوع، رغم أنه يمكن للمرء أن يتصور الأنظمة القمعية المهتمة بالإقبال على التصويت للحصول على 100 في المائة باستخدام التكنولوجيا لإخراج المنشقين من مكامنهم. يتم نشر الكثير من بحوث فيسبوك، أسهل طريقة لكشف ذلك هي الحصول على أسماء العلماء من صفحة بيانات فريق العلوم وتشغيل موقع «باحث جوجل» العلمي للبحث عنهم. كريمر - على سبيل المثال - اقترح عدداً من الكلمات الإيجابية في مشاركات فيسبوك كمقياس ل «السعادة القومية الإجمالية» وقام بتحليل»الرقابة الذاتية» من قبل مستخدمي فيسبوك. والمقصود بذلك هو تعديلات آخر لحظة التي تتم بعد نشر موضوع معين (وجد أن الناس تفعل ذلك أكثر لنشرات المجموعات، عندما يكون من الصعب تحديد جمهورهم). في عام 2011، قال أيضا : إن فيسبوك «يحمل إمكانات للتأثير على السلوكيات الصحية للأفراد وتحسين الصحة العامة». لا توجد لدى فيسبوك خطط لوقف هذا النشاط البحثي، فهو يتمتع بقيمة تجارية واضحة، لأنه يبين للشبكة الاجتماعية كيف تقوم بتسهيل التفاعل بين المستخدمين، مثل الدراسة التي أجرتها مويرا بيرك وتركز فيها على التفاعل الاجتماعي بين القادمين الجدد إلى فيسبوك. كذلك يحب المجتمع الأكاديمي هذا النشاط البحثي، إذ يجري بصورة واسعة الاقتباس من الأبحاث التي يجريها علماء فيسبوك، بالإضافة إلى ذلك، هذه الأبحاث تنطوي على إمكانات هائلة للحكومات الساعية إلى قياس المزاج العام للجمهور في بلادها أو العمل على التأثير عليه، كما في تجربة الانتخابات أو مثال الصحة العامة في تجربة كريمر. وهذا ربما يبين لنا السبب في أن شيريل ساندبيرج - كبيرة الإداريين التشغليين في فيسبوك - رفضت بصورة مقصودة، الاعتذار عن تجربة عام 2012، حيث قالت فقط : إن الشركة «تأسف» لحقيقة أن التجربة «تم توصيلها بصورة سيئة فعلاً». بالتالي، بالنسبة لمستخدمي فيسبوك الذين لا يريدون أن يكونوا فئران تجارب، فإن القاعدة المباشرة هي ألا يعطوا أية معلومات تذكر عن أنفسهم قدر الإمكان. وهذا يعني الحصول على حساب على فيسبوك باسم مستعار وإعطاء معلومات غير صحيحة حول المكان والعمر والتعليم والحالة الاجتماعية وأية أمور أخرى يعتبرها المستخدم من خصوصياته. وهذا يخالف أحكام استخدام الشبكة الاجتماعية، لكنها لا تستطيع فعل أي شيء حيال ذلك، الواقع أن كثيراً من الناس يفعلون هذا أصلاً، إلى درجة أن القيمة الفعلية لكل هذه الأبحاث غير مؤكدة.