انهزام نفوس البرازيليين كان واضحاً في مشاهد بكاء المشجعين واللاعبين بعد أسوأ هزيمة كأس العالم في البلاد. بعض الناس في المدرجات نفسوا عن إحباطهم من خلال شتم الرئيسة ديلما روسيف، التي تحملت حكومتها قطعة كبيرة من نفقات البطولة التي كلفت 11 مليار دولار. روسيف - وهي التي تسعى للحصول على فترة ولاية ثانية في أكتوبر - على الأقل يمكن أن تتباهى بأن هذا الحدث جاء دون وجود عوائق، على عكس ما توقع الكثيرون. يقول جواو أوغوستو دي كاسترو نيفيس، المحلل في مجموعة أوراسيا، وهي شركة استشارات سياسية والتي تعطي روسيف فرصة 70 في المائة من الفوز : «الناس سوف تكون في مزاج سيئ لبضعة أيام، لكن الكأس لا تقرر الانتخابات». التحدي الكبير أمام روسيف سيكون إصلاح سابع أكبر اقتصاد في العالم، الذي ينمو بمعدل أبطأ معدل تحت أي رئيس منذ أكثر من عقدين من الزمن. يعود هذا - في جزء منه - إلى استياء المستثمرين من سياسات إدارة بلادها، وتراجع الثقة في الأعمال التجارية إلى أدنى مستوى منذ أكثر من عقد من الزمان. وبين أكبر سبعة اقتصادات في أمريكا اللاتينية تأتي البرازيل في المرتبة الأخيرة في الاستثمارات الثابتة، في حوالي 18 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وتم خفض توقعات النمو لعام 2014 الى النصف من بداية العام، إلى ما يزيد قليلا على 1 في المائة. «البرازيل تغازل الركود» كما يقول نيكولاس سبيرو العضو المنتدب في سبيرو الاستراتيجية السيادية، وهي شركة استشارات استثمارية مقرها لندن، ودون توافق سياسي حول السياسة، فإنها «سوف تتعثر على طول الجزء السفلي لفترة طويلة». في معظم البلدان، فإن الفائدة الوحيدة من الركود الاقتصادي هي أنه يساعد في الحفاظ على الغطاء على الأسعار، لكن ليس في البرازيل، حيث التضخم السنوي في يونيو اخترق السقف العلوي 6.5 في المائة، المستهدف من قبل البنك المركزي. وسيكون ما يقرب من 8 في المائة اذا لم تكن هناك سياسات حكومية لكبح أسعار البنزين، والكهرباء، والنقل العام، كما يقول البرتو راموس، كبير الاقتصاديين عن منطقة أمريكا اللاتينية في بنك جولدمان ساكس. وفي نفس الوقت، فإن أسعار الفائدة المرتفعة تقوم بعمل أفضل من حيث خنق الطلب على السلع الاستهلاكية من إخماد التضخم. رغم كل هذا، روسيف تتفوق بفارق كبير على منافسيها، قفز الدعم الانتخابي لها بمعدل أربع نقاط مئوية، إلى 38 في المائة، بعد هبوط ثلاث مرات على التوالي هذا العام، وفقاً لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة داتافولها للبيانات في يوليو، وهو ما يشير إلى أنه حتى البرازيليين الذين قد تساءلوا عن تكاليف تنظيم بطولة الكأس أعطوها الثقة لذلك. وأظهر الاستطلاع حصول منافسها الرئيس، إيشيو نيفيز، على 20 في المائة، بزيادة نقطة واحدة من يونيو. كتبت روسيف في جلسة للأسئلة والأجوبة يوم 7 يوليو على فيسبوك : «أكبر إرث لكأس العالم لهذا العام هو أنه عمل على تجديد ثقة الشعب البرازيلي في البلاد وقدرتها». الرئيسة البرازيلية لا تزال تعتمد على تأييد الناخبين من ذوي الدخل المنخفض، حسبما تظهر الدراسات الاستقصائية، نحو 50 مليون برازيلي، أو ربع السكان، تلقوا الدعم من خلال بولسا فاميليا، وهو برنامج لمكافحة الفقر من الحكومة الاتحادية. ما هو أكثر من ذلك، لا تزال البطالة قرب أدنى مستوياتها القياسية، ويعود السبب في جزء من ذلك إلى أن عدداً متزايداً من الشباب يختارون التدريب بعد المرحلة الثانوية أكثر مما كانت عليه الحال في الماضي. كذلك تعهدت روسيف بأنه إذا أعيد انتخابها فإنها ستقوم بمضاعفة عدد المنازل المنخفضة التكلفة التي تبنى كل عام إلى أكثر من 5 ملايين. «ما زلت أؤمن بسياسات هذه الحكومة» - كما يقول خوسيه فيسينتي دا سيلفا - وهو البواب البالغ من العمر 53 عاماً، وقال: «إنها سياسات موجهة نحو الأكثر احتياجاً في البلاد. لهذا السبب سأعطي صوتي لها». وقد حاولت روسيف تسريع النمو من خلال خفض الرواتب وضريبة المبيعات وزيادة الإقراض من قبل البنوك الحكومية، وفي الوقت نفسه ساعدت السياسة المالية الفضفاضة على تخفيض درجة تصنيف المرتبة الائتمانية للسندات السيادية البرازيلية في شهر مارس، وهو الأول منذ أكثر من عقد من الزمان. إدارتها أيضاً ضغطت على شركات المرافق لقبول انخفاض أسعار الكهرباء ودعم أسعار الوقود، وهو ما تسبب في نقص الإيرادات في شركة النفط المملوكة للدولة، بتروبراس. ويقول العديد من المستثمرين: إن هذه السياسات أثارت عدم الثقة، «الحكومة لا تتوافق مع أي من إرشاداتها، وتتدخل بشكل كبير في الاقتصاد، وغالباً لا تلتزم بقواعد اللعبة»، كما يقول كلاوس سبيلكامب، رئيس الدخل الثابت في بولتيك للأوراق المالية في ميامي. نفس الاستياء من الخدمات العامة، والتضخم، والكسب غير المشروع، وهي الأمور التي أثارت الاحتجاجات في العام الماضي لم تختف من المشهد، وربما تعمل على إخماد أي تأثير إيجابي ناتج عن نهائيات كأس العالم، وفقا لخوسيه لوتشيانو دياس، المدير المشارك في كاك للاستشارات السياسية، وهي شركة استشارية في برازيليا. ويقول أدينير فريكسو، وهو من سكان ريو دي جانيرو : «إن المخاوف اليومية العادية بشأن التعليم والصحة وفي كل شيء مشمولا بالرفاه الاجتماعي أكثر أهمية بكثير من الألعاب»، وأضاف: «إننا لا يمكن أن ننسى المشاكل لدينا».